الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضبح

                                                          ضبح : ضبح العود بالنار يضبحه ضبحا : أحرق شيئا من أعاليه ، وكذلك اللحم وغيره ; الأزهري : وكذلك حجارة القداحة إذا طلعت كأنها متحرقة مضبوحة . وضبح القدح بالنار : لوحه . وقدح ضبيح ومضبوح : ملوح ; قال :


                                                          وأصفر مضبوح نظرت حواره على النار ، واستودعته كف مجمد

                                                          أصفر : قدح ، وذلك أن القدح إذا كان فيه عوج ثقف بالنار حتى يستوي . والمضبوحة : حجارة القداحة التي كأنها محترقة ; قال رؤبة بن العجاج يصف أتنا وفحلها :


                                                          يدعن ترب الأرض مجنون الصيق     والمرو ذا القداح مضبوح الفلق

                                                          والصيق : الغبار . وجنونه : تطايره . والمضبوح : حجر الحرة لسواده . والضبح : الرماد ، وهو من ذلك ; الأزهري : أصله من ضبحته النار . وضبحته الشمس والنار تضبحه ضبحا فانضبح : لوحته وغيرته ; وفي التهذيب : وغيرت لونه ; قال :


                                                          علقتها قبل انضباح لوني     وجبت لماعا بعيد البون

                                                          والانضباح : تغير اللون ; وقيل : ضبحته النار : غيرته ولم تبالغ فيه ; قال مضرس الأسدي :


                                                          فلما أن تلهوجنا شواء     به اللهبان مقهورا ضبيحا
                                                          خلطت لهم مدامة أذرعات     بماء سحابة ، خضلا نضوحا

                                                          والملهوج من الشواء : الذي لم يتم نضجه واللهبان : اتقاد النار واشتعالها . وانضبح لونه : تغير إلى السواد قليلا . وضبح الأرنب والأسود من الحيات والبوم والصدى والثعلب والقوس يضبح ضباحا : صوت ; أنشد أبو حنيفة في وصف قوس :


                                                          حنانة من نشم أو تولب     تضبح في الكف ضباح الثعلب

                                                          قال الأزهري : قال الليث : الضباح ، بالضم : صوت الثعالب ; قال ذو الرمة :


                                                          سباريت يخلو سمع مجتاز ركبها     من الصوت ، إلا من ضباح الثعالب

                                                          وفي حديث ابن الزبير : قاتل الله فلانا ! ضبح ضبحة الثعلب ، وقبع قبعة القنفذ قال : والهام تضبح أيضا ضباحا ; ومنه قول العجاج :


                                                          من ضابح الهام وبوم بوام

                                                          وفي حديث ابن مسعود : لا يخرجن أحدكم إلى ضبحة بليل أي صيحة يسمعها فلعله يصيبه مكروه ، وهو من الضباح صوت الثعلب ، ويروى صيحة ، بالصاد المهملة والياء المثناة تحتها ; وفي شعر أبي طالب :


                                                          فإني والضوابح كل يوم

                                                          جمع ضابح . يريد القسم بمن رفع صوته بالقراءة ، وهو جمع شاذ في صفة الآدمي كفوارس . وضبح يضبح ضبحا وضباحا : نبح . والضباح : الصهيل . وضبحت الخيل في عدوها تضبح ضبحا : أسمعت من أفواهها صوتا ليس بصهيل ولا حمحمة ; وقيل : تضبح تنحم ، وهو صوت أنفاسها إذا عدون ; قال عنترة :


                                                          والخيل تعلم ، حين تض     بح في حياض الموت ضبحا

                                                          وقيل : هو سير ، وقيل : هو عدو دون التقريب ; وفي التنزيل : والعاديات ضبحا كان ابن عباس يقول : هي الخيل تضبح ، وكان - رضوان الله عليه - يقول : هي الإبل ; يذهب إلى وقعة بدر ، وقال : ما كان معنا يومئذ إلا فرس كان عليه المقداد . والضبح في الخيل أظهر عند أهل العلم ; قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - : ما ضبحت دابة قط إلا كلب أو فرس ، وقال بعض أهل اللغة : من جعلها للإبل جعل ضبحا بمعنى ضبعا ; يقال : ضبحت الناقة في سيرها وضبعت إذا مدت ضبعيها في السير ; وقال أبو إسحاق : ضبح الخيل صوت أجوافها إذا عدت ، وقال أبو عبيدة : ضبحت الخيل وضبعت إذا [ ص: 11 ] عدت ، وهو السير ; وقال في كتاب الخيل : هو أن يمد الفرس ضبعيه إذا عدا حتى كأنه على الأرض طولا ; يقال : ضبحت وضبعت ، وأنشد :


                                                          إن الجياد الضابحات في العدد

                                                          وقال ابن قتيبة في حديث أبي هريرة : تعس عبد الدينار والدرهم الذي إن أعطي مدح وضبح ، وإن منع قبح وكلح ، تعس فلا انتعش وشيك فلا انتقش ، معنى ضبح : صاح وخاصم عن معطيه ، وهذا كما يقال : فلان ينبح دونك ، ذهب إلى الاستعارة ، وقيل : الضبح الخضيعة تسمع من جوف الفرس ، وقيل : الضبح شدة النفس عند العدو ، وقيل : هو الحمحمة ، وقيل : هو كالبحح ، وقيل : الضبح في السير كالضبع . وضبيح ومضبوح : اسمان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية