الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 867 ] فروع :

        الأول : الصحيح في سن سيدنا محمد سيد البشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه أبي بكر ، وعمر - رضي الله عنهما - ثلاث وستون ، وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى الاثنين لثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من هجرته - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، ومنها التاريخ .

        وأبو بكر في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ، وعمر في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، وعثمان - رضي الله عنه - فيه سنة خمس وثلاثين ابن اثنتين وثمانين سنة ، وقيل : ابن تسعين ، وقيل غيره . وعلي - رضي الله تعالى عنه - في شهر رمضان سنة أربعين ابن ثلاث وستين ، وقيل : أربع ، وقيل : خمس . وطلحة والزبير في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين ، قال الحاكم : كانا ابني أربع وستين ، وقيل غير قوله ، وسعد بن أبي وقاص سنة خمس وخمسين على الأصح ، ابن ثلاث وسبعين . وسعيد سنة إحدى وخمسين ابن ثلاث أو أربع وسبعين ، وعبد الرحمن بن عوف سنة اثنتين وثلاثين ابن خمس وسبعين ، وأبو عبيدة سنة ثماني عشرة ابن ثمان وخمسين ، وفي بعض هذا خلاف - رضي الله عنهم أجمعين .

        التالي السابق


        فروع :

        في عيون من ذلك :

        ( الأول : ) في وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه العشرة :

        ( الصحيح في سن سيدنا محمد سيد البشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه أبي بكر ، وعمر - رضي الله عنهما - ثلاث وستون ) سنة .

        قاله الجمهور من الصحابة ، والتابعين ، فمن بعدهم ، وصححه ابن عبد البر ، والجمهور .

        [ ص: 868 ] وقيل : سن النبي - صلى الله عليه وسلم - ستون ، روي عن أنس ، وفاطمة البتول ، وعروة بن الزبير ، ومالك .

        وقيل : خمس وستون ، روي عن ابن عباس ، وأنس أيضا ، ودغفل بن طلحة .

        وقيل : اثنتان وستون ، قاله قتادة .

        وحكى الآخران أيضا في أبي بكر ، وحكى الأول في عمر .

        وقيل : عاش عمر ستا وستين .

        وقيل : إحدى وستين .

        وقيل : تسعا وخمسين .

        وقيل : سبعا وخمسين .

        وقيل : ستا وخمسين .

        وقيل : خمسا وخمسين .

        ( وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى ) يوم ( الاثنين ، لثنتي عشرة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من هجرته - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ) لا خلاف بين أهل السير في ذلك ، إلا في تعيين اليوم من الشهر ، فالجمهور على ما ذكره المصنف ، أنه في يوم الثاني عشر .

        [ ص: 869 ] وقال موسى بن عقبة ، والليث بن سعد : مستهل الشهر .

        وقال سليمان التيمي : ثانيه .

        قال العراقي : والقول الأول ، وإن كان قول الجمهور فقد استشكله السهيلي من حيث التاريخ ، وذلك لأن يوم عرفة في حجة الوداع كان يوم الجمعة بالإجماع ، لحديث عمر المتفق عليه ، وحينئذ فلا يمكن أن يكون ثاني عشر ربيع الأول من السنة التي تليها يوم الاثنين ، لا على تقدير كمال الشهور ولا نقصها ، ولا كمال بعض ونقص بعض ، لأن ذا الحجة أوله الخميس ، فإن نقص هو والمحرم وصفر كان ثاني عشر ربيع الأول يوم الخميس ، وإن كملت الثلاثة فثاني عشرة الأحد ، وإن نقص بعض وكمل بعض فثاني عشرة الجمعة أو السبت .

        قال : وقد رأيت بعض أهل العلم يجيب ، بأن تفرض الشهور الثلاثة كوامل ، ويكون قولهم لاثنتي عشرة ليلة خلت منه ، أي بأيامها كاملة ، فيكون وفاته بعد استكمال ذلك ، والدخول في الثالث عشر .

        قال : وفيه نظر من حيث إن الذي يظهر من كلام أهل السير نقصان الثلاثة أو اثنين منهما ، بدليل ما رواه البيهقي بسند صحيح إلى سليمان التيمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرض لاثنتين وعشرين ليلة من صفر ، وكان أول يوم مرض فيه يوم السبت ، وكانت وفاته اليوم العاشر يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول ، وهذا يدل على أن أول صفر السبت ، فلزم نقصان ذي الحجة والمحرم ، وقوله : كانت وفاته - صلى الله عليه وسلم - يوم العاشر ، أي من مرضه فيدل على نقصان صفر أيضا .

        [ ص: 870 ] روى الواقدي عن أبي معشر عن محمد بن قيس قال : اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأربعاء لإحدى عشرة بقيت من صفر إلى أن قال : اشتكى ثلاثة عشرة يوما ، وتوفي يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع .

        فهذا يدل على نقص الشهر أيضا ، إلا أنه جعل مدة مرضه أكثر مما في حديث التيمي .

        ويجمع بينهما بأن المراد بهذا ابتداء مرضه ، وبالأول اشتداده ، والواقدي وإن ضعف في الحديث فهو من أئمة السير ، وأبو معشر نجيح مختلف فيه .

        وروى الخطيب في الرواة عن مالك ، من رواية سعيد بن مسلمة بن قتيبة الباهلي : ثنا مالك ، عن نافع عن ابن عمر قال : لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرض ثمانية ، فتوفي لليلتين خلتا من ربيع الأول ، الحديث .

        فاتضح أن قول التيمي ومن وافقه راجح من حيث التاريخ .

        قال : وقول المصنف كابن الصلاح : ضحى ، يشكل عليه ما في صحيح مسلم من رواية أنس : آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث ، وفيه توفي من آخر ذلك اليوم ، وهذا يدل على أنه تأخر بعد الضحى ، ويجمع بينهما بأن المراد أول النصف الثاني فهو آخر وقت الضحى وهو آخر النهار باعتبار أنه من النصف الثاني ، ويدل عليه ما رواه ابن عبد البر بسنده عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتفاع الضحى ، وانتصاف النهار يوم الإثنين .

        [ ص: 871 ] وذكر موسى بن عقبة في مغازيه عن ابن شهاب ، توفي يوم الإثنين حين زالت الشمس .

        ( ومنها ) أي من الهجرة ( التاريخ ) هذه فائدة زادها المصنف .

        روى البخاري في صحيحه ، عن سهل بن سعد قال : ما عدوا من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من متوفاه ، إنما عدوا من مقدمه المدينة .

        وروى في تاريخه الصغير عن ابن عباس قال : كان التاريخ في السنة التي قدم فيها النبي - صلى الله عليه وسلم .

        وروى أيضا عن ابن المسيب قال : عمر متى نكتب التاريخ ؟ فجمع المهاجرين ، فقال له علي : من يوم هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - فكتب التاريخ .

        وروى ابن أبي خيثمة في تاريخه ، عن ابن سيرين أن رجلا من المسلمين قدم من أرض اليمن ، فقال لعمر : رأيت باليمن شيئا يسمونه التاريخ ، يكتبون من عام كذا وشهر كذا ، فقال عمر : إن هذا لحسن ، فأرخوا ، فلما أجمع على أن يؤرخ شاور .

        فقال قوم : بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم .

        وقال قوم : بالمبعث .

        وقال قوم : حين خرج مهاجرا من مكة .

        وقال قائل : بالوفاة حين توفي .

        فقال : أرخوا خروجه من مكة إلى المدينة .

        [ ص: 872 ] ثم قال : بأي شهر نبدأ ، فنصيره أول السنة ، فقالوا : رجب فإن أهل الجاهلية كانوا يعظمونه .

        وقال آخرون : شهر رمضان .

        وقال آخرون : ذو الحجة فيه الحج .

        وقال آخرون : الشهر الذي خرج فيه من مكة .

        وقال آخرون : الشهر الذي قدم فيه .

        فقال عثمان : أرخوا من المحرم أول السنة ، وهو شهر حرام ، وهو أول الشهور في العدة ، وهو منصرف الناس عن الحج .

        فصيروا أول السنة المحرم ، وكان ذلك في سنة سبع عشرة .

        وقد روى سعيد بن منصور في سننه بسند حسن عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - في قوله تعالى ( والفجر ) قال : الفجر شهر المحرم . وهو فجر السنة .

        قال شيخ الإسلام ابن حجر في أماليه : بهذا يحصل الجواب عن الحكمة في تأخر التاريخ من ربيع الأول إلى المحرم . بعد أن اتفقوا علىجعل التاريخ من الهجرة . وإنما كانت في ربيع الأول . انتهى

        وروى ابن عساكر في تاريخه بسنده ، عن ميمون بن مهران قال : رفع إلى عمر صك سجله شعبان فقال : أي شعبان ! الذي نحن فيه ؟ أم الذي مضى أم [ ص: 873 ] الذي هو آت ؟ ثم قال للصحابة : ضعوا للناس شيئا يعرفونه من التاريخ ، فأجمعوا على الهجرة .

        لكن رأيت في مجموع بخط ابن القماح عن ابن الصلاح أنه قال : ذكر أبو طاهر بن محمش الزيادي في كتاب الشروط : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخ بالهجرة حين كتب الكتاب لنصارى نجران ، وأمر عليا أن يكتب فيه : إنه كتب لخمس من الهجرة .

        قال : فالمؤرخ بها إذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر تبعه في ذلك ، وقد أشبعت الكلام في ذلك في مؤلف مستقل يختص بهذه المسألة .

        ( و ) توفي ( أبو بكر ) - رضي الله تعالى عنه - ( في جمادى الأول سنة ثلاث عشرة ) يوم الإثنين .

        وقيل : ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء لثمان .

        وقيل : لثلاث بقين منه .

        وقيل : في جمادى الآخرة ليلة الإثنين لسبع عشرة مضت منه .

        وقيل : يوم الجمعة لسبع ليال بقين .

        وقيل : لثمان بقين منه .

        والصحيح الذي جزم به الأئمة ، وصححه الحفاظ ، وثبت بأسانيد صحيحة ، عن عائشة وغيرها ، عشية ليلة يوم الثلاثاء ، لثمان بقين من جمادى الآخرة .

        ( و ) توفي ( عمر في ذي الحجة ) ، آخر يوم منه يوم الجمعة ( سنة ثلاث وعشرين ) ، ودفن يوم السبت مستهل المحرم .

        [ ص: 874 ] ( و ) قتل ( عثمان فيه ) أي في ذي الحجة يوم الجمعة ثاني عشرة .

        وقيل : ثامنه .

        وقيل : ثامن عشريه .

        وقيل : ثاني عشره .

        وقيل : ثالث عشره ( سنة خمس وثلاثين ) .

        وقيل : أول سنة ست وثلاثين .

        وفي تاريخ البخاري سنة أربع وثلاثين .

        قال ابن ناصر : وهو خطأ من رواته .

        وهو ( ابن اثنتين وثمانين ) قاله أبو اليقظان ، وادعى الواقدي الاتفاق عليه .

        ( وقيل : ابن تسعين وقيل غيره ) .

        فقال ابن إسحاق : ابن ثمانين .

        وقال قتادة : ست وثمانين .

        وقيل : ثمان وثمانين .

        ( و ) قتل ( علي في شهر رمضان ) ليلة الحادي والعشرين منه .

        وقيل : يوم الجمعة .

        [ ص: 875 ] وقيل : ليلتها سابع عشرة .

        وقيل : حادي عشرة ، وقيل غير ذلك .

        ( سنة أربعين ) وقال ابن زبر : سنة تسع وثلاثين ، وهو وهم لم يتابع عليه .

        وهو ( ابن ثلاث وستين .

        وقيل : أربع ) وستين .

        ( وقيل : خمس ) وستين .

        وقيل : اثنتين وستين .

        وقيل : ثمان وخمسين .

        وقيل : سبع وخمسين .

        ( وطلحة والزبير ) ماتا معا ( في ) يوم واحد قتلا في وقعة الجمل .

        وقيل الآخر يوم الخميس .

        وقيل : يوم الجمعة عاشر ( جمادى الأولى ) وعليه الجمهور ( سنة ست وثلاثين ) ومن قال في رجب ، أو ربيع فقولان مرجوحان .

        ( قال الحاكم : كانا ابني أربع وستين ) سنة ، وهو قول الواقدي ، وتابعه ابن حبان .

        [ ص: 876 ] ( وقيل غير قوله ) فقال أبو نعيم : كان لطلحة ثلاث وستون .

        وقال عيسى بن طلحة : اثنتان وستون .

        وقال المديني : ستون

        وقيل : خمس وسبعون .

        وقيل : كان للزبير سبع وستون .

        وقيل : ست وستون .

        وقيل : ستون .

        وقيل : بضع وخمسون .

        وقيل : خمس وسبعون .

        فائدة :

        قال الزبير بن بكار : أعرق الناس في القتل عمارة بن حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوام ، قتل عمارة وأبوه حمزة يوم قديد وقتل مصعبا عبد الملك بن مروان ، وقتل الزبير يوم الجمل ، وقتل العوام يوم الفجار .

        زاد أبو منصور الثعالبي في كتابه : لطائف المعارف : وقتل خويلد أبو العوام في حرب خزاعة .

        قال : ولا نعرف من العرب والعجم ستة مقتولين في نسب إلا في آل الزبير .

        [ ص: 877 ] ( و ) توفي ( سعد بن أبي وقاص سنة خمس وخمسين على الأصح ) وقيل : سنة خمسين ، وقيل : إحدى وقيل : أربع ، وقيل : ست ، وقيل : سبع ، وقيل : ثمان .

        ( ابن ثلاث وسبعين ) وقيل : أربع وسبعين ، وقيل : اثنتين وثمانين ، وقيل : ثلاث وثمانين ، وهو آخر العشرة موتا .

        ( و ) توفي ( سعيد ) ابن زيد ( سنة إحدى وخمسين ) وقيل : اثنتين ، وقيل : ثمان وخمسين .

        ( ابن ثلاث وسبعين ) أو أربع وسبعين قال الأول المديني ، والثاني الفلاس .

        ( و ) توفي ( عبد الرحمن بن عوف سنة اثنتين وثلاثين ) وقيل : إحدى ، وقيل : ثلاث .

        ( ابن خمس وسبعين ) وقيل : اثنتين وسبعين ، وقيل : ثمان وسبعين .

        ( و ) توفي ( أبو عبيدة ) بطاعون عمواس ( سنة ثماني عشرة ) ، وهو ( ابن ثمان وخمسين ) بلا خلاف في الأمرين . ( وفي بعض هذا خلاف ) كما تقدم التنبيه عليه ( رضي الله تعالى عنهم أجمعين ) .




        الخدمات العلمية