الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              474 (25) باب

                                                                                              في صفة غسله - عليه الصلاة والسلام - من الجنابة

                                                                                              [ 246 ] عن عائشة ; قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة . يبدأ فيغسل يديه - وفي رواية : كفيه ثلاثا - ، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يأخذ الماء ، فيدخل أصابعه في أصول الشعر ، حتى إذا رأى أن قد استبرأ ، حفن على رأسه ثلاث حفنات ، ثم أفاض على سائر جسده ، ثم غسل رجليه .

                                                                                              رواه أحمد ( 6 \ 237 ) ، والبخاري ( 258 ) ، ومسلم ( 316 ) ، وأبو داود ( 240 - 244 ) ، والترمذي ( 104 ) ، والنسائي ( 1 \ 131 ) .

                                                                                              [ ص: 576 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 576 ] (25) ومن باب صفة غسله - صلى الله عليه وسلم - من الجنابة

                                                                                              (قوله : " ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر ") قيل : إنما فعل ذلك ليسهل دخول الماء إلى أصول الشعر ، وقيل : ليتأنس بذلك حتى لا يجد بعده من صب الماء الكثير نفرة .

                                                                                              و (قوله : " حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ") استبرأ أي : استقصى وبالغ ، من قولهم : استبرأ الخبر . و " حفن " : أخذ وصب . الحفنات : جمع حفنة ، وهي ملء الكفين من الطعام أو نحوه ، وأصلها من الشيء اليابس كالدقيق والرمل ونحوه . يقال : حفنت له حفنة ; أي : أعطيته قليلا ، قاله في " الصحاح " .

                                                                                              ولا يفهم من هذه الثلاث حفنات أنه غسل رأسه ثلاث مرات ; لأن التكرار في الغسل غير مشروع ; لما في ذلك من المشقة ، وإنما كان ذلك العدد ; لأنه بدأ بجانب رأسه الأيمن ، ثم الأيسر ، ثم على وسط رأسه ، كما جاء في حديث [ ص: 577 ] عائشة الآتي بعد هذا ، وكما وقع في البخاري أيضا من حديثها .

                                                                                              و (قوله : " ثم أفاض الماء على سائر جسده ") استدل به من لم يشترط التدليك ، وهو الشافعي ، ولا حجة له فيه ; لأن " أفاض " إنما معناه : غسل ، كما جاء في حديث ميمونة الآتي بعد هذا .

                                                                                              والغسل : هو صب الماء على المغسول ودلكه ، على ما نقله أصحابنا ، والذي وقفت عليه من نقل بعض اللغويين : أن الغسل إجادة التطهير ، وهو يفيد : أن مجرد الإفاضة والغمس لا يكتفى به في مسمى الغسل ، بل لا بد مع ذلك من مبالغة ، إما بالدلك ، أو بما يتنزل منزلته ، وقد تواردت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يغسل أعضاء وضوئه ، ويدلكها بيديه ، ولا فرق بين الغسل والوضوء في هذا . وقد روي من حديث عائشة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمها كيفية الغسل ، وأمرها أن تدلك " ، وهذا ذكره ابن حزم ، وضعفه ، وسيأتي في حديث أسماء بنت شكل ما يدل على التدليك .

                                                                                              و (قوله هنا : " ثم غسل رجليه ")




                                                                                              الخدمات العلمية