الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضبع

                                                          ضبع : الضبع ، بسكون الباء : وسط العضد بلحمه يكون للإنسان وغيره ، والجمع أضباع مثل فرخ وأفراخ ، وقيل : العضد كلها ، وقيل : الإبط ، وقال الجوهري : يقال للإبط الضبع للمجاورة ، وقيل : ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه ، تقول : أخذ بضبعيه أي بعضديه . وفي الحديث : أنه مر في حجه على امرأة معها ابن صغير فأخذت بضبعيه وقالت : ألهذا حج ؟ فقال : نعم ولك أجر . والمضبعة : اللحمة التي تحت الإبط من قدم . واضطبع الشيء : أدخله تحت ضبعيه . والاضطباع الذي يؤمر به الطائف بالبيت : أن تدخل الرداء من تحت إبطك الأيمن وتغطي به الأيسر كالرجل يريد أن يعالج أمرا فيتهيأ له . يقال : قد اضطبعت بثوبي وهو مأخوذ من الضبع وهو العضد ; ومنه الحديث : إنه طاف مضطبعا وعليه برد أخضر ; قال ابن الأثير : هو أن يأخذ الإزار أو البرد فيجعل وسطه تحت إبطه الأيمن ويلقي طرفيه على كتفه اليسرى من جهتي صدره وظهره ، وسمي بذلك لإبداء أحد الضبعين ، وهو التأبط أيضا ; عن الأصمعي : وضبع البعير البعير إذا أخذ بضبعيه فصرعه . وضبع الفرس يضبع ضبعا : لوى حافره إلى ضبعه ; قال الأصمعي : إذا لوى الفرس حافره إلى عضده فذلك الضبع ، فإذا هوى بحافره إلى وحشيه فذلك الخناف . قال الأصمعي : مرت النجائب ضوابع ، وضبعها : أن تهوي بأخفافها إلى العضد إذا سارت . والضبع والضباع : رفع اليدين في الدعاء . وضبع يضبع على فلان ضبعا إذا مد ضبعيه فدعا . وضبع يده إليه بالسيف يضبعها : مدها به ; قال رؤبة :


                                                          وما تني أيد علينا تضبع بما أصبناها ، وأخرى تطمع

                                                          معناه تمد أضباعها بالدعاء علينا . وضبعت الخيل والإبل تضبع ضبعا إذا مدت أضباعها في سيرها ، وهي أعضادها ، والناقة ضابع . وضبعت الناقة تضبع ضبعا وضبوعا وضبعانا وضبعت تضبيعا : مدت ضبعيها في سيرها واهتزت . وضبعت أيضا : أسرعت . وفرس ضابع : شديد الجري ، وجمعه ضوابع . وضبعت الخيل كضبحت . وضبعت الرجل : مددت إليه ضبعي للضرب . وضبع القوم للصلح ضبعا : مالوا إليه وأرادوه . يقال : ضابعناهم بالسيوف أي مددنا أيدينا إليهم بالسيوف ومدوها إلينا ، وهذا القول من نوادر أبي عمرو ; قال عمرو بن شاس :


                                                          نذود الملوك عنكم وتذودنا     ولا صلح حتى تضبعونا ونضبعا

                                                          قال ابن بري : والذي في شعره :


                                                          نذود الملوك عنكم وتذودنا     إلى الموت ، حتى تضبعوا ثم نضبعا

                                                          أي تمدون أضباعكم إلينا بالسيوف ونمد أضباعنا إليكم . وقال أبو عمرو : أي تضبعون للصلح والمصافحة . وضبعوا لنا من الشيء ومن الطريق وغيره يضبعون ضبعا : أسهموا لنا فيه وجعلوا لنا قسما ، كما تقول ذرعوا لنا طريقا . والضبع : الجور . وفلان يضبع أي يجور . والضبع ، بالتحريك ، والضبعة : شدة شهوة الفحل الناقة . وضبعت الناقة ، بالكسر ، تضبع ضبعا وضبعة وضبعت وأضبعت ، بالألف ، واستضبعت وهي مضبعة : اشتهت الفحل ، والجمع ضباعى وضباعى ، وقد استعملت الضبعة في النساء ، قال ابن الأعرابي : قيل لأعرابي أبامرأتك حمل ؟ قال : ما يدريني ، والله ما لها ذنب فتشول به ، ولا آتيها إلا على ضبعة . والضبع والضبع : ضرب من السباع ، أنثى ، والجمع أضبع وضباع وضبع وضبع وضبعات ومضبعة ; قال جرير :


                                                          مثل الوجار أوت إليه الأضبع

                                                          والضبعانة : الضبع ، والذكر ضبعان . وفي قصة إبراهيم - عليه السلام - وشفاعته في أبيه : فيمسخه الله ضبعانا أمدر ; الضبعان : ذكر الضباع ، لا يكون بالنون والألف إلا للمذكر ; قال ابن بري : وأما ضبعانة فليس بمعروف ، والجمع ضبعانات وضباعين وضباع ، وهذا الجمع للذكر والأنثى مثل سبع وسباع ; وقال :


                                                          وبهلول وشيعته تركنا     لضبعانات معقلة منابا

                                                          جمع بالتاء كما يقال فلان من رجالات العرب ، وقالوا : جمالات صفر . ويقال للذكر والأنثى : ضبعان ، يغلبون التأنيث لخفته هنا ، ولا تقل ضبعة ، وقوله :


                                                          يا ضبعا أكلت آيار أحمرة     ففي البطون - وقد راحت - قراقير
                                                          هل غير همز ولمز للصديق     ولا ينكي عدوكم منكم أظافير ؟

                                                          حمله على الجنس فأفرده ، ويروى : يا أضبعا ، ورواه أبو زيد : يا ضبعا أكلت ; الفارسي : كأنه جمع ضبعا على ضباع ثم جمع ضباعا على ضبع ، قال الأزهري : الضبع : الأنثى من الضباع ، ويقال للذكر . وجار الضبع : المطر الشديد ; لأن سيله يخرج الضباع من وجرها . وقولهم : ما يخفى ذلك على الضبع ، يذهبون إلى استحماقها . والضبع : السنة الشديدة المهلكة المجدبة ، مؤنث ; قال عباس بن مرداس :


                                                          أبا خراشة أما أنت ذا نفر     فإن قومي لم تأكلهم الضبع

                                                          قال الأزهري : الكلام الفصيح في إما وأما أنه بكسر الألف من إما إذا كان ما بعده فعلا ، كقولك : إما أن تمشي وإما أن تركب ، وإن كان ما بعده اسما فإنك تفتح الألف من أما ، كقولك : أما زيد فحصيف وأما عمرو فأحمق ، ورواه سيبويه بفتح الهمزة ، ومعناه أن قومي ليسوا [ ص: 14 ] بأذلاء فتأكلهم الضبع ويعدو عليهم السبع ، وقد روي هذا البيت لمالك بن ربيعة العامري ، وروي أبا خباشة ، يقوله لأبي خباشة عامر بن كعب بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب . قال ثعلب : جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله أكلتنا الضبع ، فدعا لهم ; قال ابن الأثير : هو في الأصل الحيوان المعروف والعرب تكني به عن سنة الجدب ; ومنه حديث عمر - رضي الله عنه - : خشيت أن تأكلهم الضبع . والضبع : الشر ; قال ابن الأعرابي : قالت العقيلية كان الرجل إذا خفنا شره فتحول عنا أوقدنا نارا خلفه ، قال : فقيل لها : ولم ذلك ؟ قالت : لتتحول ضبعه معه أي ليذهب شره معه . وضبع : اسم رجل وهو والد الربيع بن ضبع الفزاري . وضبع : اسم مكان ; أنشد أبو حنيفة :


                                                          حوزها من عقب إلى ضبع     في ذنبان ويبيس منقفع

                                                          وضباعة : اسم امرأة ; قال القطامي :


                                                          قفي قبل التفرق يا ضباعا     ولا يك موقف منك الوداعا

                                                          وضبيعة : قبيلة وهو أبو حي من بكر ، وهو ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن بكر بن وائل ، وهم رهط الأعشى ميمون بن قيس ; قال الأزهري : وضبيعة قبيلة في ربيعة . والضبعان : موضع ; وقوله أنشده ثعلب :


                                                          كساقطة إحدى يديه ، فجانب     يعاش به منه ، وآخر أضبع

                                                          إنما أراد أعضب فقلب ، وبهذا فسره . والضبع : فناء الإنسان . وكنا في ضبع فلان ، بالضم ، أي في كنفه وناحيته وفنائه . وضبعان أمدر أي منتفخ الجنبين عظيم البطن ، ويقال : هو الذي تترب جنباه كأنه من المدر والتراب . ابن الأعرابي : الضبع من الأرض أكمة سوداء مستطيلة قليلا . وفي نوادر الأعراب : حمار مضبوع ومخنوق ومذؤوب أي به خناقة وذئبة ، وهما داءان ، ومعنى المضبوع دعاء عليه أن تأكله الضبع ; قال ابن بري : وأما قول الشاعر وهو مما يسأل عنه :


                                                          تفرقت غنمي يوما فقلت لها :     يا رب سلط عليها الذئب والضبعا

                                                          فقيل : في معناه وجهان : أحدهما أنه دعا عليها بأن يقتل الذئب أحياءها وتأكل الضبع موتاها ، وقيل : بل دعا لها بالسلامة ; لأنهما إذا وقعا في الغنم اشتغل كل واحد منهما بصاحبه فتسلم الغنم ، وعلى هذا قولهم : اللهم ضبعا وذئبا ، فدعا بأن يكونا مجتمعين لتسلم الغنم ، ووجه الدعاء لها بعيد عندي ; لأنها أغضبته وأحرجته بتفرقها وأتعبته فدعا عليها . وفي قوله أيضا : سلط عليها ، إشعار بالدعاء عليها ; لأن من طلب السلامة بشيء لا يدعو بالتسليط عليه ، وليس هذا من جنس قوله : اللهم ضبعا وذئبا ; فإن ذلك يؤذن بالسلامة لاشتغال أحدهما بالآخر ، وأما هذا فإن الضبع والذئب مسلطان على الغنم والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية