الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      هذا «ومن باب الإشارة » في بعض الآيات الرحمن علم القرآن إشارة إلى ما أودعه سبحانه في الأرواح الطيبة القدسية من العلوم الحقانية الإجمالية عند استوائه عز وجل على عرش الرحمانية خلق الإنسان الكامل الجامع علمه البيان وهو تفصيل تلك العلوم الإجمالية فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه [القيامة : 18 ، 19] الشمس والقمر بحسبان يشير إلى شمس النبوة وقمر الولاية الدائرتين في فلك وجود الإنسان بحساب التجليات ومراتب الاستعدادات ، والنجم القوى السفلية والشجر الاستعدادات العلوية يسجدان يتذللان بين يديه تعالى عند الرجوع إليه سبحانه والسماء سماء القوى الإلهية القدسية رفعها فوق أرض البشرية ووضع الميزان القوة المميزة ألا تطغوا في الميزان لا تتجاوزوا عند أخذ الحظوظ السفلية وإعطاء الحقوق العلوية .

                                                                                                                                                                                                                                      وجوزأن يكون ( الميزان ) الشريعة المطهرة فإنها ميزان يعرف به الكامل من الناقص والأرض أرض البشرية وضعها بسطها وفرشها للأنام للقوى الإنسانية فيها فاكهة من فواكه معرفة الصفات الفعلية والنخل ذات الأكمام وهي الشجرة الإنسانية التي هي المظهر الأعظم وذات أطوار كل طور مستور بطور آخر والحب هو حب الحب المبذور في مزارع القلوب السليمة من الدغل ذو العصف أوراق المكاشفات والريحان ريحان المشاهدة رب المشرقين ورب المغربين رب مشرق شمس النبوة ومشرق قمر الولاية في العالم الجسماني ورب مغربهما في العالم الروحاني مرج البحرين بحر سماء القوى العلوية وبحر أرض القوى السفلية يلتقيان بينهما برزخ حاجز القلب يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان أنواع أنوار الأسرار ونيران الأشواق وله الجوار المنشآت سفن الخواطر المسخرة في بحر الإنسان كل من عليها فان ما شم رائحة الوجود ويبقى وجه ربك الجهة التي تليه سبحانه وهي شؤوناته عز وجل ذو الجلال أي الاستغناء التام عن جميع المظاهر والإكرام الفيض العام يفيض على القوابل حسبما استعدت له وسألته بلسان حالها ، وإليه الإشارة بقوله تعالى : يسأله من في السماوات [ ص: 128 ]

                                                                                                                                                                                                                                      والأرض
                                                                                                                                                                                                                                      إلخ ، واستدل الشيخ الأكبر محيي الدين قدس سره بقوله سبحانه : كل يوم هو في شأن على شرف التلون ، وكذا استدل به على عدم بقاء الجوهر آنين ، وعلى هذا الطراز ما قيل في الآيات بعد ، وذكر بعض أهل العلم أن قوله تعالى : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) قد ذكر إحدى وثلاثين مرة ، ثمانية منها عقيب تعداد عجائب خلقه تعالى وذكر المبدأ والمعاد ، وسبعة عقيب ذكر ما يشعر بالنار وأهوالها على عدد أبواب جهنم ، وثمانية في وصف الجنتين الأوليين ومثلها في وصف الجنتين اللتين دونهما على عدد أبواب الجنة فكأنه أشير بذلك إلى أن من اعتقد الثمانية الأولى وعمل بموجبها استحق كلتا الجنتين من الله تعالى ووقاه جهنم ذات الأبواب السبعة والله تعالى أعلم بإشارات كتابه وحقائق خطابه ودقائق كلامه التي لا تحيط بها الأفهام وتبارك اسم ربك ذو الجلال والإكرام .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية