الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ( 21 ) )

وقوله : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) يقول - جل ثناؤه - : لو أنزلنا هذا القرآن على جبل - وهو حجر - لرأيته يا محمد خاشعا يقول : متذللا متصدعا من خشية الله على قساوته ، حذرا من أن لا يؤدي حق الله المفترض عليه في تعظيم القرآن ، وقد أنزل على [ ص: 301 ] ابن آدم وهو بحقه مستخف ، وعنه عما فيه من العبر والذكر معرض ، كأن لم يسمعها ، كأن في أذنيه وقرا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) . . . إلى قوله : ( لعلهم يتفكرون ) قال : يقول : لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه تصدع وخشع من ثقله ، ومن خشية الله ، فأمر الله عز وجل الناس إذا أنزل عليهم القرآن ، أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع ، قال : ( وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) .

حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) . . . الآية ، يعذر الله الجبل الأصم ، ولم يعذر شقي ابن آدم ، هل رأيتم أحدا قط تصدعت جوانحه من خشية الله ( وتلك الأمثال نضربها للناس ) يقول تعالى ذكره : وهذه الأشياء نشبهها للناس ، وذلك تعريفه جل ثناؤه إياهم أن الجبال أشد تعظيما لحقه منهم مع قساوتها وصلابتها .

وقوله : ( لعلهم يتفكرون ) يقول : يضرب الله لهم هذه الأمثال ليتفكروا فيها ، فينيبوا وينقادوا للحق .

التالي السابق


الخدمات العلمية