الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 35 ] 479 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رفيع اللباس وفي خسيسه

3036 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عبد الله بن حمران ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن عبد الله بن ثعلبة ، قال : قال لي عبد الرحمن بن كعب بن مالك : سمعت أباك يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول : البذاذة من الإيمان ، يعني التقشف .

[ ص: 36 ] [ ص: 37 ] فقال قائل : فقد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف ما في هذا الحديث .

3037 - فذكر ما قد حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو عمرو محمد بن عمرو التنوري ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، قال : حدثنا شعبة ، عن فضيل بن فضالة ، عن أبي رجاء العطاردي ، قال : خرج علينا عمران بن حصين وعليه مطرف خز لم أره عليه قبل ولا بعد ، فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن يرى أثر نعمته عليه .

قال أبو جعفر : وفضيل بن فضالة : هو امرؤ من قيس ، هكذا زعم البخاري .

3038 - وما قد حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا عبيد الله بن محمد التيمي ، قال : حدثنا حماد - يعني ابن سلمة - ، قال : [ ص: 38 ] حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن أبي الأحوص ، عن أبيه ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أشعث أغبر ، فقال : أما لك من المال ؟ فقلت : كل المال قد آتاني الله - عز وجل - ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن ترى عليه .

3039 - وما قد حدثنا يزيد ، قال : حدثنا وهب ، قال : حدثنا [ ص: 39 ] شعبة ، عن إبراهيم الهجري ، قال : سمعت أبا الأحوص يحدث عن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : إذا آتاك الله خيرا أو مالا ، فلير عليك .

3040 - وما قد حدثنا يزيد ، قال : حدثنا محمد بن كثير العبدي ، قال : حدثنا سفيان ، عن إبراهيم الهجري ، ثم ذكر بإسناده مثله .

[ ص: 40 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه : أن هذين الحديثين ملتئمان غير مختلفين .

فأما حديث ابن ثعلبة ، فعلى البذاذة التي لا تبلغ بصاحبها نهاية البذاذة التي يعود بها إلى ما يبين به ذو النعمة من غير ذي النعمة .

وحديثا عبد الله بن مسعود وعمران بن حصين على النعمة التي ترى على صاحبها ليس مما فيه الخيلاء ولا السرف ، ولا اللباس المذموم من لابسه ، ويكون اللباس المحمود هو ما فوق البذاذة التي لا بذاذة أقل منها " .

وما في الحديثين الآخرين على اللباس الذي لا يدخل به صاحبه في أعلى اللباس ، فيكون فاعل ذلك يدخل في معنى قول الله عز [ ص: 41 ] وجل : والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما .

ومثل ذلك ما قد كان أهل العلم عليه ، وما يأمرون به الناس من اللباس .

كما قد حدثنا محمد بن العباس بن الربيع ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة ، قال : سمعت سفيان الثوري ، يقول : البس من الثياب ما لا يشهرك عند الفقهاء ، ولا يزري به السفهاء .

وكما حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا أبو النضر ، قال : حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، قال : كان يقال : البس من الثياب ... ثم ذكر هذا الكلام سواء .

فبان بحمد الله ونعمته أن لا تضاد في شيء مما قد رويناه في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اختلاف ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية