الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضحا

                                                          ضحا : الضحو والضحوة والضحية ، على مثال العشية : ارتفاع النهار ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          رقود ضحيات كأن لسانه إذا واجه السفار مكحال أرمدا

                                                          والضحى : فويق ذلك أنثى وتصغيرها بغير هاء لئلا يلتبس بتصغير ضحوة . والضحاء ممدود إذا امتد النهار وكرب أن ينتصف ; قال رؤبة :


                                                          هابي العشي ديسق ضحاؤه

                                                          وقال آخر :


                                                          عليه من نسج الضحى شفوف

                                                          شبه السراب بالستور البيض ، وقيل : الضحى من طلوع الشمس إلى أن يرتفع النهار وتبيض الشمس جدا ، ثم بعد ذلك الضحاء إلى قريب من نصف النهار ، قال الله تعالى : والشمس وضحاها ; قال الفراء : ضحاها نهارها ، وكذلك قوله : والضحى والليل إذا سجى ; هو النهار كله ; قال الزجاج : وضحاها وضيائها ، وقال في قوله ( والضحى ) : والنهار ، وقيل : ساعة من ساعات النهار . والضحى : حين تطلع الشمس فيصفو ضوءها . والضحاء بالفتح والمد إذا ارتفع النهار واشتد وقع الشمس وقيل : هو إذا علت الشمس إلى ربع السماء فما بعده . والضحاء : ارتفاع الشمس الأعلى . والضحى مقصورة مؤنثة : وذلك حين تشرق الشمس . وفي حديث بلال : فلقد رأيتهم يتروحون في الضحاء ; أي قريبا من نصف النهار ، فأما الضحوة فهو ارتفاع أول النهار والضحى بالضم والقصر فوقه وبه سميت صلاة الضحى . غيره : ضحوة النهار بعد طلوع الشمس ثم بعده الضحى وهي حين تشرق الشمس قال ابن بري : وقد يقال ضحو لغة في الضحى ; قال الشاعر :


                                                          طربت وهاجتك الحمام السواجع     تميل بها ضحوا غصون يوانع

                                                          قال : فعلى هذا يجوز أن يكون ضحي تصغير ضحو . قال الجوهري : الضحى مقصورة تؤنث وتذكر فمن أنث ذهب إلى أنها جمع ضحوة ومن ذكر ذهب إلى أنه اسم على فعل مثل صرد ونغر وهو ظرف إذا أردت به ضحى يومك لم تنونه قال ابن بري : ضحى مصروف على كل حال قال الجوهري : ثم بعده الضحاء ممدود مذكر وهو عند ارتفاع النهار الأعلى تقول منه : أقمت بالمكان حتى أضحيت كما تقول من الصباح أصبحت . ومنه قول عمر - رضي الله عنه - : أضحوا بصلاة الضحى ; أي صلوها لوقتها ولا تؤخروها إلى ارتفاع الضحى . ويقال : أضحيت بصلاة الضحى أي صليتها في ذلك الوقت . والضحاء أيضا : الغداء وهو الطعام الذي يتغدى به سمي بذلك لأنه يؤكل في الضحاء تقول : هم يتضحون أي يتغدون ; قال ابن بري : ومنه قول الجعدي :


                                                          أعجلها أقدحي الضحاء ضحى     وهي تناصي ذوائب السلم

                                                          وقال يزيد بن الحكم :


                                                          بها الصون ، إلا شوطها من غداتها     لتمرينها ، ثم الصبوح ضحاؤها

                                                          وفي حديث سلمة بن الأكوع : بينا نحن نتضحى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي نتغدى ، والأصل فيه أن العرب كانوا يسيرون في ظعنهم فإذا مروا ببقعة من الأرض فيها كلأ وعشب قال قائلهم : ألا ضحوا رويدا أي ارفقوا بالإبل حتى تتضحى أي تنال من هذا المرعى ثم وضعت التضحية مكان الرفق لتصل الإبل إلى المنزل وقد شبعت ثم اتسع فيه حتى قيل لكل من أكل وقت الضحى هو يتضحى أي يأكل في هذا الوقت كما يقال يتغدى ويتعشى في الغداء والعشاء . وضحيت فلانا أضحيه تضحية أي غديته ; وأنشد لذي الرمة :


                                                          ترى الثور يمشي ، راجعا من ضحائه     بها مثل مشي الهبرزي المسرول

                                                          الهبرزي : الماضي في أمره ; من ضحائه أي من غدائه من المرعى وقت الغداء إذا ارتفع النهار . ورجل ضحيان إذا كان يأكل في الضحى . وامرأة ضحيانة مثل غديان وغديانة . ويقال : هذا يضاحينا ضحية كل يوم إذا أتاهم كل غداة . وضحى الرجل : تغدى بالضحى ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          ضحيت حتى أظهرت بملحوب     وحكت الساق ببطن العرقوب

                                                          يقول : ضحيت لكثرة أكلها أي تغديت تلك الساعة انتظارا لها ، والاسم الضحاء على مثال الغداء والعشاء ، وهو ممدود مذكر . والضاحية من الإبل والغنم : التي تشرب ضحى . وتضحت الإبل : أكلت في الضحى ، وضحيتها أنا . وفي المثل : ضح ولا تغتر ، ولا يقال ذلك للإنسان ; هذا قول الأصمعي وجعله غيره في الناس والإبل ، وقيل : ضحيتها غذيتها أي وقت كان ، والأعرف أنه في الضحى . وضحى فلان غنمه أي رعاها بالضحى . قال الفراء : ويقال ضحت الإبل الماء ضحى إذا وردت ضحى ; قال أبو منصور : فإن أرادوا أنها رعت ضحى قالوا تضحت الإبل تتضحى تضحيا . والمضحي : الذي يضحي إبله . وقد تسمى الشمس ضحى لظهورها في ذلك الوقت . وأتيتك ضحوة أي ضحى ، لا تستعمل إلا ظرفا إذا عنيتها من يومك ، وكذلك جميع الأوقات إذا عنيتها من يومك أو ليلتك ، فإن لم تعن ذلك صرفتها بوجوه الإعراب وأجريتها مجرى سائر الأسماء . والضحية : لغة في الضحوة ; عن ابن الأعرابي ، كما أن الغدية لغة في الغداة ، وسيأتي ذكر الغدية . وضاحاه : أتاه ضحى . وضاحيته : أتيته ضحاء . وفلان يضاحينا ضحو كل يوم أي يأتينا . وضحينا بني فلان أتيناهم ضحى مغيرين عليهم ; وقال :

                                                          [ ص: 22 ]

                                                          أراني ، إذا ناكبت قوما عداوة     فضحيتهم ، أني على الناس قادر

                                                          وأضحينا : صرنا في الضحى وبلغناها ، وأضحى يفعل ذلك أي صار فاعلا له في وقت الضحى كما تقول ظل ، وقيل : إذا فعل ذلك من أول النهار ، وأضحى في الغدو إذا أخره . وضحى بالشاة : ذبحها ضحى النحر ، هذا هو الأصل ، وقد تستعمل التضحية في جميع أوقات أيام النحر . وضحى بشاة من الأضحية وهي شاة تذبح يوم الأضحى . والضحية : ما ضحيت به ، وهي الأضحاة ، وجمعها أضحى ، يذكر ويؤنث ، فمن ذكر ذهب إلى اليوم ; قال أبو الغول الطهوي :


                                                          رأيتكم بني الخذواء لما     دنا الأضحى وصللت اللحام
                                                          توليتم بودكم وقلتم :     لعك منك أقرب أو جذام

                                                          وأضحى : جمع أضحاة منونا ، ومثله أرطى جمع أرطاة ; وشاهد التأنيث قول الآخر :


                                                          يا قاسم الخيرات يا مأوى الكرم     قد جاءت الأضحى وما لي من غنم

                                                          وقال :


                                                          ألا ليت شعري ! هل تعودن بعدها     على الناس أضحى تجمع الناس ، أو فطر ؟

                                                          قال يعقوب : يسمى اليوم أضحى بجمع الأضحاة التي هي الشاة ، والإضحية والأضحية كالضحية . ابن الأعرابي : الضحية الشاة التي تذبح ضحوة مثل غدية وعشية ، وفي الضحية أربع لغات : أضحية وإضحية والجمع أضاحي وضحية ، على فعيلة ، والجمع ضحايا ، وأضحاة ، والجمع أضحى كما يقال : أرطاة وأرطى ، وبها سمي يوم الأضحى . وفي الحديث : إن على كل أهل بيت أضحاة كل عام أي أضحية ، وأما قول حسان بن ثابت يرثي عثمان - رضي الله عنه - :


                                                          ضحوا بأشمط ، عنوان السجود به     يقطع الليل تسبيحا وقرآنا

                                                          فإنه استعاره وأراد قراءة . وضحا الرجل ضحوا وضحوا وضحيا : برز للشمس . وضحا الرجل وضحي يضحى في اللغتين معا ضحوا وضحيا : أصابته الشمس . وفي التهذيب : قال شمر : ضحي يضحى ضحيا وضحا يضحو ضحوا وعن الليث ضحي الرجل يضحى ضحا إذا أصابه حر الشمس . قال الله تعالى : وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ; قال : لا يؤذيك حر الشمس . وقال الفراء : لا تضحى لا تصيبك شمس مؤذية ، قال : وفي بعض التفسير ولا تضحى لا تعرق ; قال الأزهري : والأول أشبه بالصواب ; وأنشد :


                                                          رأت رجلا ، أما إذا الشمس عارضت     فيضحى ، وأما بالعشي فيخصر

                                                          وضحيت ، بالكسر ، ضحى : عرقت . ابن عرفة : يقال لكل من كان بارزا في غير ما يظله ويكنه : إنه لضاح ; ضحيت للشمس أي برزت لها ، وضحيت للشمس لغة . وفي الحديث عن عائشة : فلم يرعني إلا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ضحا أي ظهر ; قال شمر : قال بعض الكلابيين : الضاحي الذي برزت عليه الشمس . وغدا فلان ضحيا وغدا ضاحيا وذلك قرب طلوع الشمس شيئا ، ولا يزال يقال : غدا ضاحيا ما لم تكن قائلة . وقال بعضهم : الغادي أن يغدو بعد صلاة الغداة ، والضاحي إذا استعلت عليه الشمس . وقال بعض الكلابيين : بين الغادي والضاحي قدر فواق ناقة ; وقال القطامي :


                                                          مستبطئوني وما كانت أناتهم     إلا كما لبث الضاحي عن الغادي

                                                          وضحيت للشمس وضحيت أضحى منهما جميعا . والمضحاة : الأرض البارزة التي لا تكاد الشمس تغيب عنها ، تقول : عليك بمضحاة الجبل . وضحا الطريق يضحو ضحوا : بدا وظهر وبرز . وضاحية كل شيء : ما برز منه . وضحا الشيء وأضحيته أنا أي أظهرته . وضواحي الإنسان : ما برز منه للشمس كالمنكبين والكتفين . ابن بري : والضواحي من الإنسان كتفاه ومتناه ; وقيل : إن الأصمعي دخل على سعيد بن سلم وكان ولد سعيد يتردد إليه ابن الأعرابي فقال له الأصمعي : أنشد عمك مما رواه أستاذك ، فأنشد :


                                                          رأت نضو أسفار ، أميمة ، قاعدا     على نضو أسفار ، فجن جنونها
                                                          فقالت من أي الناس أنت ، ومن تكن ؟     فإنك راعي ثلة لا يزينها
                                                          فقلت لها : ليس الشحوب على الفتى     بعار ، ولا خير الرجال سمينها
                                                          عليك براعي ثلة مسلحبة     يروح عليه محضها وحقينها
                                                          سمين الضواحي لم تؤرقه ليلة     وأنعم ، أبكار الهموم وعونها

                                                          الضواحي : ما بدا من جسده ، ومعناه لم تؤرقه ليلة أبكار الهموم وعونها ، وأنعم أي وزاد على هذه الصفة . وضحيت للشمس ضحاء ، ممدود ، إذا برزت ، وضحيت ، بالفتح ، مثله ، والمستقبل أضحى في اللغتين جميعا . وفي الحديث : أن ابن عمر - رضي الله عنهما - رأى رجلا محرما قد استظل فقال : ( أضح لمن أحرمت له ) أي اظهر واعتزل الكن والظل ; هكذا يرويه المحدثون ، بفتح الألف وكسر الحاء ، من أضحيت ; وقال الأصمعي : إنما هو أضح لمن أحرمت له ، بكسر الهمزة وفتح الحاء ، من ضحيت أضحى ; لأنه إنما أمره بالبروز للشمس ; ومنه قوله تعالى : وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى . والضحيان من كل شيء : البارز للشمس ; قال ساعدة بن جؤية :


                                                          ولو أن الذي تتقى عليه     بضحيان أشم به الوعول

                                                          قال ابن جني : كان القياس في ضحيان ضحوان ; لأنه من الضحوة ، ألا [ ص: 23 ] تراه بارزا ظاهرا ، وهذا هو معنى الضحوة إلا أنه استخف بالياء ، والأنثى ضحيانة ; وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          يكفيك ، جهل الأحمق المستجهل     ضحيانة من عقدات السلسل

                                                          فسره فقال : ضحيانة عصا نبتت في الشمس حتى طبختها وأنضجتها ، فهي أشد ما يكون ، وهي من الطلح ، وسلسل : حبل من الدهناء ، ويقال : سلاسل وشجره طلح ، فإذا كانت ضحيانة وكانت من طلح ذهبت في الشدة كل مذهب ; وشد ما ضحيت وضحوت للشمس والريح وغيرهما ، وتميم تقول : ضحوت للشمس أضحو . وفي حديث الاستسقاء : اللهم ضاحت بلادنا واغبرت أرضنا أي برزت للشمس وظهرت بعدم النبات فيها ، وهي فاعلت من ضحى مثل رامت من رمى ، وأصلها ضاحيت المعنى أن السنة أحرقت النبات فبرزت الأرض للشمس . واستضحى للشمس : برز لها وقعد عندها في الشتاء خاصة . وضواحي الرجل : ما ضحا منه للشمس وبرز كالمنكبين والكتفين . وضحا الشيء يضحو فهو ضاح أي برز . والضاحي من كل شيء : البارز الظاهر الذي لا يستره منك حائط ولا غيره . وضواحي كل شيء : نواحيه البارزة للشمس . والضواحي من النخل : ما كان خارج السور صفة غالبة لأنها تضحى للشمس . وفي كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لأكيدر بن عبد الملك : لكم الضامنة من النخل ولنا الضاحية من البعل ; يعني بالضامنة ما أطاف به سور المدينة ، والضاحية : الظاهرة البارزة من النخيل الخارجة من العمارة التي لا حائل دونها ، والبعل : النخل الراسخ عروقه في الأرض ، والضامنة : ما تضمنها الحدائق والأمصار وأحيط عليها . وفي الحديث : قال لأبي ذر إني أخاف عليك من هذه الضاحية أي الناحية البارزة . والضواحي من الشجر . القليلة الورق التي تبرز عيدانها للشمس . قال شمر : كل ما ظهر وبرز فقد ضحا . ويقال : خرج الرجل من منزله فضحا لي . والشجرة الضاحية : البارزة للشمس ; وأنشد لابن الدمينة يصف القوس :


                                                          وخوط من فروع النبع ضاح     لها في كف أعسر كالضباح

                                                          الضاحي : عودها الذي نبت في غير ظل ولا في ماء فهو أصلب له وأجود . ويقال للبادية الضاحية . ويقال : ولي فلان على ضاحية مصر ، وباع فلان ضاحية أرض إذا باع أرضا ليس عليها حائط ، وباع فلان حائطا وحديقة إذا باع أرضا عليها حائط . وضواحي الحوض : نواحيه ، وهذه الكلمة واوية ويائية . وضواحي الروم : ما ظهر من بلادهم وبرز . وضاحية كل شيء : ناحيته البارزة . يقال : هم ينزلون الضواحي . ومكان ضاح أي بارز ، قال : والقلة الضحيانة في قول تأبط شرا هي البارزة للشمس ; قال ابن بري : وبيت تأبط شرا هو قوله :


                                                          وقلة كسنان الرمح بارزة     ضحيانة في شهور الصيف محراق
                                                          بادرت قنتها صحبي وما كسلوا     حتى نميت إليها بعد إشراق

                                                          المحراق : الشديدة الحر . ويقال : فعل ذلك الأمر ضاحية أي علانية ; قال الشاعر :


                                                          عمي الذي منع الدينار ضاحية     دينار نخة كلب وهو مشهود

                                                          وفعلت الأمر ضاحية أي ظاهرا بينا ; وقال النابغة :


                                                          فقد جزتكم بنو ذبيان ضاحية     حقا يقينا ، ولما يأتنا الصدر

                                                          وأما قوله في البيت :


                                                          عمي الذي منع الدينار ضاحية

                                                          فمعناه أنه منعه نهارا جهارا أي جاهر بالمنع ; وقال لبيد :


                                                          فهرقنا لهما في داثر     لضواحيه نشيش بالبلل

                                                          وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : أنه رأى عمرو بن حريث فقال : ( إلى أين ؟ ) قال : إلى الشام قال : ( أما إنها ضاحية قومك ) أي ناحيتهم . وفي حديث أبي هريرة : وضاحية مضر مخالفون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي أهل البادية منهم ، وجمع الضاحية ضواح ، ومنه حديث أنس : قال له : البصرة إحدى المؤتفكات فانزل في ضواحيها ; ومنه قيل : قريش الضواحي أي النازلون بظواهر مكة . وليلة ضحياء وضحيا وضحيان وضحيانة وإضحيان وإضحيانة ، بالكسر : مضيئة لا غيم فيها ، وقيل : مقمرة ، وخص بعضهم به الليلة التي يكون القمر فيها من أولها إلى آخرها . وفي حديث إسلام أبي ذر : في ليلة إضحيان أي مقمرة ، والألف والنون زائدتان . ويوم إضحيان : مضيء لا غيم فيه ، وكذلك قمر ضحيان ; قال :


                                                          ماذا تلاقين بسهب إنسان     من الجعالات به والعرفان
                                                          من ظلمات وسراج ضحيان

                                                          وقمر إضحيان كضحيان . ويوم ضحيان أي طلق . وسراج ضحيان : مضيء . ومفازة ضاحية الظلال : ليس فيها شجر يستظل به . وليس لكلامه ضحى أي بيان وظهور . وضحى عن الأمر : بينه وأظهره ; عن ابن الأعرابي ، وحكى أيضا : أضح لي عن أمرك ، بفتح الهمزة ، أي أوضح وأظهر . وأضحى الشيء : أظهره وأبداه ; قال الراعي :


                                                          حفرن عروقها حتى أجنت     مقاتلها ، وأضحين القرونا

                                                          والمضحي : المبين عن الأمر الخفي ; يقال : ضح لي عن أمرك وأضح لي عن أمرك . وضحى عن الشيء : رفق به . وضح رويدا أي لا تعجل ; وقال زيد الخيل الطائي :


                                                          فلو أن نصرا أصلحت ذات بينها     لضحت رويدا عن مطالبها عمرو

                                                          ونصر وعمرو : ابنا قعين ، وهما بطنان من بني أسد . وفي كتاب علي إلى ابن عباس - رضي الله عنهم - : ألا ضح رويدا فقد بلغت المدى أي [ ص: 24 ] اصبر قليلا . قال الأزهري : العرب قد تضع التضحية موضع الرفق والتأني في الأمر ، وأصله أنهم في البادية يسيرون يوم ظعنهم ، فإذا مروا بلمعة من الكلإ قال قائدهم : ألا ضحوا رويدا فيدعونها تضحي وتجتر ثم وضعوا التضحية موضع الرفق لرفقهم بحمولتهم ومالهم في ضحائها وما لها من الرفق في تضحيتها وبلوغها مثواها وقد شبعت ، وأما بيت زيد الخيل فقول ابن الأعرابي في قوله :


                                                          لضحت رويدا عن مطالبها عمرو

                                                          بمعنى أوضحت وبينت حسن . والعرب تضع التضحية موضع الرفق والتؤدة ; لرفقهم بالمال في ضحائها كي توافي المنزل وقد شبعت . وضاح : موضع ; قال ساعدة بن جؤية :


                                                          أضر به ضاح فنبطا أسالة     فمر فأعلى حوزها فخصورها

                                                          قال : أضر به ضاح وإن كان المكان لا يدنو ; لأن كل ما دنا منك فقد دنوت منه . والأضحى من الخيل : الأشهب ، والأنثى ضحياء . قال أبو عبيدة : لا يقال للفرس إذا كان أبيض : أبيض ، ولكن يقال له : أضحى ، قال : والضحى منه مأخوذ ; لأنهم لا يصلون حتى تطلع الشمس . أبو عبيد : فرس أضحى إذا كان أبيض ، ولا يقال : فرس أبيض ، وإذا اشتد بياضه قالوا : أبيض قرطاسي . وقال أبو زيد : أنشدت بيت شعر ليس فيه حلاوة ولا ضحى أي ليس بضاح ، قال أبو مالك : ولا ضحاء . وبنو ضحيان : بطن . وعامر الضحيان : معروف ; الجوهري : وعامر الضحيان رجل من النمر بن قاسط ، وهو عامر بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط ، سمي بذلك لأنه كان يقعد لقومه في الضحاء يقضي بينهم ; قال ابن بري : ويجوز عامر الضحيان ، بالإضافة ، مثل ثابت قطنة وسعيد كرز . وفارس الضحياء ، ممدود : من فرسانهم . والضحياء : فرس عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وهو فارس الضحياء ; قال خداش بن زهير بن ربيعة بن عمرو بن عامر ، وعمرو جده فارس الضحياء :


                                                          أبي فارس الضحياء يوم هبالة     إذا الخيل ، في القتلى من القوم ، تعثر

                                                          وهو القائل أيضا :


                                                          أبي فارس الضحياء ، عمرو بن عامر     أبى الذم واختار الوفاء على الغدر

                                                          وضحياء : موضع ; قال أبو صخر الهذلي :


                                                          عفت ذات عرق عصلها فرئامها     فضحياؤها وحش قد اجلى سوامها

                                                          والضواحي : السماوات ; وأما قول جرير يمدح عبد الملك :


                                                          فما شجرات عيصك ، في قريش     بعشات الفروع ولا ضواح

                                                          فإنما أراد أنها ليست في نواح ; قال أبو منصور : أراد جرير بالضواحي في بيته قريش الظواهر ، وهم الذين لا ينزلون شعب مكة وبطحاءها ، أراد جرير أن عبد الملك من قريش الأباطح لا من قريش الظواهر ، وقريش الأباطح أشرف وأكرم من قريش الظواهر ; لأن البطحاويين من قريش حاضرة وهم قطان الحرم ، والظواهر أعراب بادية . وضاحية كل بلد : ناحيتها البارزة . ويقال : هؤلاء ينزلون الباطنة ، وهؤلاء ينزلون الضواحي . وقال ابن بري في شرح بيت جرير : العشة الدقيقة والضواحي البادية العيدان لا ورق عليها . النهاية في الحديث : ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الضح والريح ، أراد كثرة الخيل والجيش . يقال : جاء فلان بالضح والريح ، وأصل الضح ضحي . وفي حديث أبي بكر : إذا نضب عمره وضحا ظله أي إذا مات . يقال للرجل إذا مات وبطل : ضحا ظله . يقال : ضحا الظل إذا صار شمسا ، وإذا صار ظل الإنسان شمسا فقد بطل صاحبه ومات . ابن الأعرابي : يقال للرجل إذا مات ضحا ظله ; لأنه إذا مات صار لا ظل له . وفي الدعاء : لا أضحى الله ظلك ; معناه لا أماتك الله حتى يذهب ظل شخصك . وشجرة ضاحية الظل أي لا ظل لها ; لأنها عشة دقيقة الأغصان ; قال الأزهري : وبيت جرير معناه جيد ، وقد تقدم تفسيره ; وقول الشاعر :


                                                          وفخم سيرنا من قور حسمى     مروت الرعي ضاحية الظلال

                                                          يقول : رعيها مروت لا نبات فيه ، وظلالها ضاحية أي ليس لها ظل لقلة شجرها . أبو عبيد : فرس ضاحي العجان يوصف به المحبب يمدح به ، وضاحية كل بلد : ناحيتها ، والجو باطنها . يقال : هؤلاء ينزلون الباطنة وهؤلاء ينزلون الضواحي . وضواحي الأرض : التي لم يحط عليها . قال الأصمعي : ويستحب من الفرس أن يضحى عجانه أي يظهر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية