الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            1967 - تبني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زيد بن حارثة

                                                                                            4999 - حدثني أبو زرعة أحمد بن الحسين الصوفي بالري ، ثنا أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن نصر بن هلال الدمشقي بدمشق ، ثنا أبو زكريا يحيى بن أيوب بن أبي عقال بن زيد بن الحسن بن أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن عبدود بن عون بن كنانة ، حدثني عمي زيد بن أبي عقال بن زيد ، حدثني أبي ، عن جده الحسن بن أسامة بن زيد ، عن أبيه ، قال : كان حارثة بن شراحيل تزوج امرأة في طيئ من نبهان فأولدها جبلة وأسماء وزيدا ، فتوفيت وأخلفت أولادها في حجر جدهم لأبيهم ، وأراد حارثة حملهم ، فأتى جدهم فقال : ما عندنا فهو خير لهم ، فتراضوا إلى أن حمل جبلة وأسماء وخلف زيدا ، وجاءت خيل من تهامة من بني فزارة فأغارت على طيئ ، فسبت زيدا فصيروه إلى سوق عكاظ ، فرآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قبل أن يبعث ، فقال لخديجة رضي الله عنها : " يا خديجة ، رأيت في السوق غلاما من صفته كيت وكيت " - يصف عقلا وأدبا [ ص: 224 ] وجمالا - لو أن لي مالا لاشتريته ، فأمرت ورقة بن نوفل فاشتراه من مالها ، فقال : " يا خديجة ، هبي لي هذا الغلام بطيب من نفسك " فقالت : يا محمد ، أرى غلاما وضيئا وأخاف أن تبيعه أو تهبه ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " يا موفقة ، ما أردت إلا لأتبناه " فقالت : نعم ، يا محمد فرباه وتبناه ، فكان يقال له : زيد بن محمد ، فجاء رجل من الحي فنظر إلى زيد فعرفه ، فقال : أنت زيد بن حارثة ، قال : لا ، أنا زيد بن محمد ، قال : لا ، بل أنت زيد بن حارثة من صفة أبيك وعمومتك وأخوالك كيت وكيت ، قد أتعبوا الأبدان وأنفقوا الأموال في سبيلك ، فقال زيد :


                                                                                            أحن إلى قومي وإن كنت نائيا فإني قطين البيت عند المشاعر     وكفوا من الوجه الذي قد شجاكم
                                                                                            ولا تعملوا في الأرض فعل الأباعر     فإني بحمد الله في خير أسرة
                                                                                            خيار معد كابرا بعد كابر

                                                                                            فقال حارثة لما وصل إليه :


                                                                                            بكيت على زيد ولم أدر ما فعل     أحي فيرجى أم أتى دونه الأجل
                                                                                            فوالله ما أدري وإني لسائل     أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
                                                                                            فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة     فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل
                                                                                            تذكرنيه الشمس عند طلوعها     ويعرض لي ذكراه إذ عسعس الطفل
                                                                                            وإن هبت الأرواح هيجن ذكره     فيا طول أحزاني عليه ويا وجل
                                                                                            سأعمل نص العيس في الأرض جاهدا     ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل
                                                                                            فيأتي أو تأتي علي منيتي     وكل امرئ فان وإن غره الأمل

                                                                                            فقدم حارثة بن شراحيل إلى مكة في إخوته وأهل بيته ، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فناء الكعبة في نفر من أصحابه فيهم زيد بن حارثة ، فلما نظروا إلى زيد عرفوه وعرفهم ولم يقم إليهم إجلالا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقالوا له : يا زيد ، فلم يجبهم ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " من هؤلاء يا زيد ؟ " قال : يا رسول الله ، هذا أبي ، وهذا عمي ، وهذا أخي ، وهؤلاء عشيرتي ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " قم فسلم عليهم يا زيد " فقام فسلم عليهم وسلموا عليه ثم قالوا له : امض معنا يا زيد ، فقال : ما أريد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدلا ولا غيره أحدا ، فقالوا : يا محمد إنا [ ص: 225 ] معطوك بهذا الغلام ديات ، فسم ما شئت فإنا حاملوه إليك ، فقال : " أسألكم أن تشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأني خاتم أنبيائه ورسله وأرسله معكم " فتابوا وتلكئوا وتلجلجوا ، فقالوا : تقبل منا ما عرضنا عليك من الدنانير ، فقال لهم : " هاهنا خصلة غير هذه قد جعلت الأمر إليه ، فإن شاء فليقم ، وإن شاء فليدخل " قالوا : ما بقي شيء ؟ قالوا : يا زيد ، قد أذن لك الآن محمد فانطلق معنا ، قال : هيهات هيهات ما أريد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدلا ولا أؤثر عليه والدا ولا ولدا ، فأداروه وألاصوه واستعطفوه وأخبروه من ورائه من وجدهم فأبى وحلف أن لا يلحقهم ، قال حارثة : أما أنا فأواسيك بنفسي أنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأبى الباقون
                                                                                            .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية