الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضرب

                                                          ضرب : الضرب معروف ، والضرب مصدر ضربته ; وضربه يضربه ضربا وضربه . ورجل ضارب وضروب وضريب وضرب ومضرب ، بكسر الميم : شديد الضرب ، أو كثير الضرب . والضريب : المضروب . والمضرب والمضراب جميعا : ما ضرب به . وضاربه أي جالده . وتضاربا واضطربا بمعنى . وضرب الوتد يضربه ضربا : دقه حتى رسب في الأرض . ووتد ضريب : مضروب ; هذه عن اللحياني . وضربت يده : جاد ضربها . وضرب الدرهم يضربه ضربا : طبعه . وهذا درهم ضرب الأمير ، ودرهم ضرب ; وصفوه بالمصدر ، ووضعوه موضع الصفة ، كقولهم : ماء سكب وغور . وإن شئت نصبت على نية المصدر ، وهو الأكثر ; لأنه ليس من اسم ما قبله ولا هو هو . واضطرب خاتما : سأل أن يضرب له . وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - اضطرب خاتما من ذهب أي أمر أن يضرب له ويصاغ وهو افتعل من الضرب : الصياغة ، والطاء بدل من التاء . وفي الحديث : يضطرب بناء في المسجد ; أي ينصبه ويقيمه على أوتاد مضروبة في الأرض . ورجل ضرب : جيد الضرب . وضربت العقرب تضرب ضربا : لدغت . وضرب العرق والقلب يضرب ضربا وضربانا : نبض وخفق . وضرب الجرح ضربانا وضربه العرق ضربانا إذا آلمه . والضارب : المتحرك . والموج يضطرب أي يضرب بعضه بعضا . وتضرب الشيء واضطرب : تحرك وماج . والاضطراب : تضرب الولد في البطن . ويقال : اضطرب الحبل بين القوم إذا اختلفت كلمتهم . واضطرب أمره : اختل ، وحديث مضطرب السند ، وأمر مضطرب . والاضطراب : الحركة . والاضطراب : طول مع رخاوة . ورجل مضطرب الخلق : طويل غير شديد الأسر . واضطرب البرق في السحاب : تحرك . والضريب : الرأس ; سمي بذلك لكثرة اضطرابه . وضريبة السيف ومضربه ومضربه ومضربته ومضربته : حده ; حكى الأخيرتين سيبويه ، وقال : جعلوه اسما كالحديدة ، يعني أنهما ليستا على الفعل . وقيل : هو دون الظبة ، وقيل : هو نحو من شبر في طرفه . والضريبة : ما ضربته بالسيف . والضريبة : المضروب بالسيف ، وإنما دخلته الهاء ، وإن كان بمعنى مفعول ، لأنه صار في عداد الأسماء ، كالنطيحة والأكيلة . التهذيب : والضريبة كل شيء ضربته بسيفك من حي أو ميت . وأنشد لجرير :


                                                          وإذا هززت ضريبة قطعتها فمضيت لا كزما ، ولا مبهورا

                                                          ابن سيده : وربما سمي السيف نفسه ضريبة . وضرب ببلية : رمي بها لأن ذلك ضرب . وضربت الشاة بلون كذا أي خولطت . ولذلك قال اللغويون : الجوزاء من الغنم التي ضرب وسطها ببياض ، من أعلاها إلى أسفلها . وضرب في الأرض يضرب ضربا وضربانا ومضربا ، بالفتح : خرج فيها تاجرا أو غازيا ، وقيل : أسرع ، وقيل : ذهب فيها ، وقيل : سار في ابتغاء الرزق . يقال : إن لي في ألف درهم لمضربا أي ضربا . والطير الضوارب : التي تطلب الرزق . وضربت في الأرض أبتغي الخير من الرزق ; قال الله عز وجل : وإذا ضربتم في الأرض أي سافرتم وقوله تعالى : لا يستطيعون ضربا في الأرض . يقال : ضرب في الأرض إذا سار فيها مسافرا فهو ضارب . والضرب يقع على جميع الأعمال ، إلا قليلا . ضرب في التجارة وفي الأرض وفي سبيل الله وضاربه في المال ، من المضاربة : وهي القراض . والمضاربة : أن تعطي إنسانا من مالك ما يتجر فيه على أن يكون الربح بينكما ، أو يكون له سهم معلوم من الربح . وكأنه مأخوذ من الضرب في الأرض لطلب الرزق . قال الله تعالى : وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ; قال : وعلى قياس هذا المعنى ، يقال للعامل : ضارب لأنه هو الذي يضرب في الأرض . قال : وجائز أن يكون كل واحد من رب المال ومن العامل يسمى مضاربا ; لأن كل واحد منهما يضارب صاحبه ، وكذلك المقارض . وقال النضر : المضارب صاحب المال والذي يأخذ المال ، كلاهما مضارب : هذا يضاربه وذاك يضاربه . ويقال : فلان يضرب المجد أي يكسبه ويطلبه ; وقال الكميت :


                                                          رحب الفناء ، اضطراب المجد رغبته     والمجد أنفع مضروب لمضطرب

                                                          وفي حديث الزهري : لا تصلح مضاربة من طعمته حرام . قال : المضاربة أن تعطي مالا لغيرك يتجر فيه فيكون له سهم معلوم من الربح ; وهي مفاعلة من الضرب في الأرض والسير فيها للتجارة . وضربت الطير : ذهبت . والضرب : الإسراع في السير . وفي الحديث : لا تضرب أكباد الإبل إلا إلى ثلاثة مساجد ) ; أي لا تركب ولا يسار عليها . يقال ضربت في الأرض إذا سافرت تبتغي الرزق . والطير الضوارب : المخترقات في الأرض ، الطالبات أرزاقها . وضرب في سبيل الله يضرب ضربا : نهض . وضرب بنفسه الأرض ضربا : أقام ، فهو ضد . وضرب البعير في جهازه أي نفر ، فلم يزل يلتبط وينزو حتى طوح عنه كل ما عليه من أداته وحمله . وضربت فيهم فلانة بعرق ذي أشب أي التباس أي أفسدت نسبهم بولادتها فيهم ، وقيل : عرقت فيهم عرق سوء . وفي حديث علي - عليه السلام - قال : إذا كان كذا ، ذكر فتنة ، ضرب يعسوب الدين بذنبه ; قال أبو منصور : أي أسرع الذهاب في الأرض فرارا من الفتن ; وقيل أسرع الذهاب في الأرض بأتباعه ، ويقال للأتباع : أذناب . قال أبو زيد : جاء فلان يضرب ويذبب أي يسرع ; وقال المسيب :


                                                          فإن الذي كنتم تحذرون     أتتنا عيون به تضرب

                                                          قال وأنشدني بعضهم :


                                                          ولكن يجاب المستغيث وخيلهم     عليها كماة ، بالمنية ، تضرب

                                                          أي تسرع . وضرب بيده إلى كذا : أهوى . وضرب على يده : أمسك . وضرب على يده : كفه عن الشيء . وضرب على يد فلان إذا حجر عليه . الليث : ضرب يده إلى عمل كذا ، وضرب على يد فلان إذا منعه من أمر أخذ فيه ، كقولك : حجر عليه . وفي حديث ابن [ ص: 27 ] عمر : فأردت أن أضرب على يده أي أعقد معه البيع ; لأن من عادة المتبايعين أن يضع أحدهما يده في يد الآخر عند عقد التبايع . وفي الحديث : حتى ضرب الناس بعطن أي رويت إبلهم حتى بركت ، وأقامت مكانها . وضاربت الرجل مضاربة وضرابا وتضارب القوم واضطربوا : ضرب بعضهم بعضا . وضاربني فضربته أضربه : كنت أشد ضربا منه . وضربت المخاض إذا شالت بأذنابها ، ثم ضربت بها فروجها ومشت ، فهي ضوارب . وناقة ضارب وضاربة : فضارب على النسب ، وضاربة على الفعل . وقيل : الضوارب من الإبل التي تمتنع بعد اللقاح ، فتعز أنفسها ، فلا يقدر على حلبها . أبو زيد : ناقة ضارب ، وهي التي تكون ذلولا ، فإذا لقحت ضربت حالبها من قدامها ; وأنشد :


                                                          بأبوال المخاض الضوارب

                                                          وقال أبو عبيدة : أراد جمع ناقة ضارب ، رواه ابن هانئ . وضرب الفحل الناقة يضربها ضرابا : نكحها ; قال سيبويه : ضربها الفحل ضرابا كالنكاح ، قال : والقياس ضربا ، ولا يقولونه كما لا يقولون : نكحا ، وهو القياس . وناقة ضارب : ضربها الفحل ، على النسب . وناقة تضراب : كضارب ; وقال اللحياني : هي التي ضربت ، فلم يدر ألاقح هي أم غير لاقح . وفي الحديث : أنه نهى عن ضراب الجمل هو نزوه على الأنثى ، والمراد بالنهي : ما يؤخذ عليه من الأجرة ، لا عن نفس الضراب ، وتقديره : نهى عن ثمن ضراب الجمل ، كنهيه عن عسيب الفحل أي عن ثمنه . يقال : ضرب الجمل الناقة يضربها إذا نزا عليها ، وأضرب فلان ناقته أي أنزى الفحل عليها . ومنه الحديث الآخر : ضراب الفحل من السحت ; أي إنه حرام ، وهذا عام في كل فحل . والضارب : الناقة التي تضرب حالبها . وأتت الناقة على مضربها ، بالكسر ، أي على زمن ضرابها والوقت الذي ضربها الفحل فيه . جعلوا الزمان كالمكان . وقد أضربت الفحل الناقة فضربها وأضربتها إياه ; الأخيرة على السعة . وقد أضرب الرجل الفحل الناقة ، فضربها ضرابا . وضريب الحمض : رديئه وما أكل خيره وبقي شره وأصوله ، ويقال : هو ما تكسر منه . والضريب : الصقيع والجليد . وضربت الأرض ضربا وجلدت وصقعت : أصابها الضريب ، كما تقول طلت من الطل . قال أبو حنيفة : ضرب النبات ضربا فهو ضرب : ضربه البرد ، فأضر به . وأضربت السمائم الماء إذا أنشفته حتى تسقيه الأرض . وأضرب البرد والريح النبات ، حتى ضرب ضربا فهو ضرب إذا اشتد عليه القر ، وضربه البرد حتى يبس . وضربت الأرض ، وأضربها الضريب ، وضرب البقل وجلد وصقع ، وأصبحت الأرض جلدة وصقعة وضربة . ويقال للنبات : ضرب ومضرب ، وضرب البقل وجلد وصقع ، وأضرب الناس وأجلدوا وأصقعوا : كل هذا من الضريب والجليد والصقيع الذي يقع بالأرض . وفي الحديث : ذاكر الله في الغافلين مثل الشجرة الخضراء وسط الشجر الذي تحات من الضريب ، وهو الأزيز أي البرد والجليد . أبو زيد : الأرض ضربة إذا أصابها الجليد فأحرق نباتها ، وقد ضربت الأرض ضربا وأضربها الضريب إضرابا . والضرب ، بالتحريك : العسل الأبيض الغليظ ، يذكر ويؤنث ; قال أبو ذؤيب الهذلي في تأنيثه :


                                                          وما ضرب بيضاء يأوي مليكها     إلى طنف ، أعيا ، براق ونازل

                                                          وخبر ما في قوله :


                                                          بأطيب من فيها ، إذا جئت طارقا     وأشهى ، إذا نامت كلاب الأسافل

                                                          يأوي مليكها أي يعسوبها ; ويعسوب النحل : أميره ، والطنف : حيد يندر من الجبل ، قد أعيا بمن يرقى ومن ينزل . وقوله : كلاب الأسافل : يريد أسافل الحي ; لأن مواشيهم لا تبيت معهم ، فرعاتها وأصحابها لا ينامون إلا آخر من ينام ; لاشتغالهم بحلبها . وقيل : الضرب عسل البر ; قال الشماخ :


                                                          كأن عيون الناظرين يشوقها     بها ضرب طابت يدا من يشورها

                                                          والضرب ، بتسكين الراء : لغة فيه ; حكاه أبو حنيفة ، قال : وذاك قليل . والضربة : الضرب ، وقيل : هي الطائفة منه . واستضرب العسل : غلظ وابيض وصار ضربا ، كقولهم : استنوق الجمل ، واستتيس العنز ، بمعنى التحول من حال إلى حال ; وأنشد : .

                                                          . . . . . . . . . .

                                                          كأنما ريقته مسك ، عليه ضرب

                                                          والضريب : الشهد ; وأنشد بعضهم قول الجميح :


                                                          يدب حميا الكأس فيهم إذا انتشوا     دبيب الدجى ، وسط الضريب المعسل

                                                          وعسل ضريب : مستضرب . وفي حديث الحجاج : لأجزرنك جزر الضرب ; هو بفتح الراء : العسل الأبيض الغليظ ، ويروى بالصاد : وهو العسل الأحمر . والضرب : المطر الخفيف . الأصمعي : الديمة مطر يدوم مع سكون ، والضرب فوق ذلك قليلا . والضربة : الدفعة من المطر وقد ضربتهم السماء . وأضربت عن الشيء : كففت وأعرضت . وضرب عنه الذكر وأضرب عنه : صرفه . وأضرب عنه أي أعرض . وقوله عز وجل : أفنضرب عنكم الذكر صفحا ; أي نهملكم فلا نعرفكم ما يجب عليكم ; لأن كنتم قوما مسرفين أي لأن أسرفتم . والأصل في قوله : ضربت عنه الذكر ، أن الراكب إذا ركب دابة فأراد أن يصرفه عن جهته ، ضربه بعصاه ، ليعدله عن الجهة التي يريدها ، فوضع الضرب موضع الصرف والعدل . يقال : ضربت عنه وأضربت . وقيل في قوله : أفنضرب عنكم الذكر صفحا : إن معناه أفنضرب القرآن عنكم ، ولا ندعوكم إلى الإيمان به صفحا أي معرضين عنكم . أقام صفحا وهو مصدر مقام صافحين . وهذا تقريع لهم ، وإيجاب للحجة عليهم ، وإن كان لفظه لفظ استفهام . ويقال : ضربت فلانا عن فلان أي كففته عنه ، فأضرب عنه إضرابا إذا كف . وأضرب فلان عن الأمر فهو مضرب إذا كف ; وأنشد :

                                                          [ ص: 28 ]

                                                          أصبحت عن طلب المعيشة مضربا     لما وثقت بأن مالك مالي

                                                          ومثله : أيحسب الإنسان أن يترك سدى وأضرب أي أطرق . تقول رأيت حية مضربا إذا كانت ساكنة لا تتحرك . والمضرب : المقيم في البيت ، وأضرب الرجل في البيت : أقام ; قال ابن السكيت : سمعتها من جماعة من الأعراب . ويقال : أضرب خبز الملة ، فهو مضرب إذا نضج ، وآن له أن يضرب بالعصا ، وينفض عنه رماده وترابه ، وخبز مضرب ومضروب ; قال ذو الرمة يصف خبزة :


                                                          ومضروبة ، في غير ذنب ، بريئة     كسرت لأصحابي ، على عجل ، كسرا

                                                          وقد ضرب بالقداح ، والضريب والضارب : الموكل بالقداح ، وقيل : الذي يضرب بها ; قال سيبويه : هو فعيل بمعنى فاعل ، يقال : هو ضريب قداح ; قال : ومثله قول طريف بن مالك العنبري :


                                                          أوكلما وردت عكاظ قبيلة     بعثوا إلي عريفهم يتوسم

                                                          إنما يريد عارفهم . وجمع الضريب : ضرباء ; قال أبو ذؤيب :


                                                          فوردن ، والعيوق مقعد رابئ ال     ضرباء ، خلف النجم لا يتتلع

                                                          والضريب : القدح الثالث من قداح الميسر . وذكر اللحياني أسماء قداح الميسر الأول والثاني ، ثم قال : والثالث الرقيب ، وبعضهم يسميه الضريب ، وفيه ثلاثة فروض وله غنم ثلاثة أنصباء إن فاز ، وعليه غرم ثلاثة أنصباء إن لم يفز . وقال غيره : ضريب القداح : هو الموكل بها ; وأنشد للكميت :


                                                          وعد الرقيب خصال الضري     ب ، لا عن أفانين وكسا قمارا

                                                          وضربت الشيء بالشيء وضربته : خلطته . وضربت بينهم في الشر : خلطت . والتضريب بين القوم : الإغراء . والضريبة : الصوف أو الشعر ينفش ثم يدرج ويشد بخيط ليغزل ، فهي ضرائب . والضريبة : الصوف يضرب بالمطرق . غيره : الضريبة القطعة من القطن ، وقيل : من القطن والصوف . وضريب الشول : لبن يحلب بعضه على بعض فهو الضريب . قال ابن سيده : الضريب من اللبن : الذي يحلب من عدة لقاح في إناء واحد ، فيضرب بعضه ببعض ، ولا يقال ضريب لأقل من لبن ثلاث أنيق . قال بعض أهل البادية : لا يكون ضريبا إلا من عدة من الإبل ، فمنه ما يكون رقيقا ومنه ما يكون خاثرا ; قال ابن أحمر :


                                                          وما كنت أخشى أن تكون منيتي     ضريب جلاد الشول ، خمطا وصافيا

                                                          أي سبب منيتي فحذف . وقيل : هو ضريب : إذا حلب عليه من الليل ، ثم حلب عليه من الغد ، فضرب به . ابن الأعرابي : الضريب : الشكل في القد والخلق . ويقال : فلان ضريب فلان أي نظيره ، وضريب الشيء مثله وشكله . ابن سيده : الضرب : المثل والشبيه ، وجمعه ضروب . وهو الضريب ، وجمعه ضرباء . وفي حديث ابن عبد العزيز : ( إذا ذهب هذا وضرباؤه ) : هم الأمثال والنظراء ، واحدهم ضريب . والضرائب : الأشكال . وقوله عز وجل : كذلك يضرب الله الحق والباطل ; أي يمثل الله الحق والباطل ، حيث ضرب مثلا للحق والباطل والكافر والمؤمن في هذه الآية . ومعنى قوله عز وجل : واضرب لهم مثلا ; أي اذكر لهم ومثل لهم . يقال : عندي من هذا الضرب شيء كثير أي من هذا المثال . وهذه الأشياء على ضرب واحد أي على مثال . قال ابن عرفة : ضرب الأمثال اعتبار الشيء بغيره . وقوله تعالى : واضرب لهم مثلا أصحاب القرية ; قال أبو إسحاق : معناه اذكر لهم مثلا . ويقال : هذه الأشياء على هذا الضرب أي على هذا المثال ، فمعنى اضرب لهم مثلا : مثل لهم مثلا ; قال : ومثلا منصوب لأنه مفعول به ، ونصب قوله ( أصحاب القرية ) ; لأنه بدل من قوله مثلا ، كأنه قال : اذكر لهم أصحاب القرية أي خبر أصحاب القرية . والضرب من بيت الشعر : آخره ، كقوله : " فحومل " من قوله :


                                                          بسقط اللوى بين الدخول فحومل

                                                          والجمع : أضرب وضروب . والضوارب : كالرحاب في الأودية ، واحدها ضارب . وقيل : الضارب المكان المطمئن من الأرض به شجر ، والجمع كالجمع ; قال ذو الرمة :


                                                          قد اكتفلت بالحزن ، واعوج دونها     ضوارب ، من غسان ، معوجة سدرا

                                                          وقيل : الضارب : قطعة من الأرض غليظة ، تستطيل في السهل . والضارب : المكان ذو الشجر . والضارب : الوادي الذي يكون فيه الشجر . يقال : عليك بذلك الضارب فأنزله ; وأنشد :


                                                          لعمرك إن البيت بالضارب الذي     رأيت ، وإن لم آته ، لي شائق

                                                          والضارب : السابح في الماء ; قال ذو الرمة :


                                                          ليالي اللهو تطبيني فأتبعه     كأنني ضارب في غمرة لعب

                                                          والضرب : الرجل الخفيف اللحم ، وقيل : الندب الماضي الذي ليس برهل ; قال طرفة :


                                                          أنا الرجل الضرب ، الذي تعرفونه     خشاش كرأس الحية المتوقد

                                                          وفي صفة موسى - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - : أنه ضرب من الرجال ; هو الخفيف اللحم ، الممشوق المستدق . وفي رواية : فإذا رجل مضطرب رجل الرأس ، وهو مفتعل من الضرب ، والطاء بدل من تاء الافتعال . وفي صفة الدجال : طوال ضرب من الرجال ; وقول أبي العيال :


                                                          صلاة الحرب لم تخشع     هم ، ومصالت ضرب

                                                          قال ابن جني : ضرب جمع ضرب ، وقد يجوز أن يكون جمع ضروب . وضرب النجاد المضربة إذا خاطها . والضريبة : الطبيعة [ ص: 29 ] والسجية ، وهذه ضريبته التي ضرب عليها وضربها . وضرب ، عن اللحياني ، لم يزد على ذلك شيئا أي طبع . وفي الحديث : أن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام بحسن ضريبته أي سجيته وطبيعته . تقول : فلان كريم الضريبة ، ولئيم الضريبة ، وكذلك تقول في النحيتة والسليقة والنحيزة والتوس والسوس والغريزة والنحاس والخيم . والضريبة : الخليقة . يقال : خلق الناس على ضرائب شتى . ويقال : إنه لكريم الضرائب . والضرب : الصفة . والضرب : الصنف من الأشياء . ويقال : هذا من ضرب ذلك أي من نحوه وصنفه ، والجمع ضروب ; أنشد ثعلب :


                                                          أراك من الضرب الذي يجمع الهوى     وحولك نسوان ، لهن ضروب

                                                          وكذلك الضريب . وضرب الله مثلا أي وصف وبين ، وقولهم : ضرب له المثل بكذا ، إنما معناه بين له ضربا من الأمثال أي صنفا منها . وقد تكرر في الحديث ضرب الأمثال ، وهو اعتبار الشيء بغيره وتمثيله به . والضرب : المثال . والضريب : النصيب . والضريب : البطن من الناس وغيرهم . والضريبة : واحدة الضرائب التي تؤخذ في الأرصاد والجزية ونحوها ; ومنه ضريبة العبد : وهي غلته . وفي حديث الحجام : كم ضريبتك ؟ الضريبة : ما يؤدي العبد إلى سيده من الخراج المقرر عليه ; وهي فعيلة بمعنى مفعولة ، وتجمع على ضرائب . ومنه حديث الإماء اللاتي كان عليهن لمواليهن ضرائب . يقال : كم ضريبة عبدك في كل شهر ؟ والضرائب : ضرائب الأرضين ، وهي وظائف الخراج عليها . وضرب على العبد الإتاوة ضربا : أوجبها عليه بالتأجيل . والاسم : الضريبة . وضارب فلان لفلان في ماله إذا اتجر فيه ، وقارضه . وما يعرف لفلان مضرب ومضرب عسلة ، ولا يعرف فيه مضرب ومضرب عسلة أي من النسب والمال . يقال ذلك إذا لم يكن له نسب معروف ، ولا يعرف إعراقه في نسبه . ابن سيده : ما يعرف له مضرب عسلة أي أصل ولا قوم ولا أب ولا شرف . والضارب : الليل الذي ذهبت ظلمته يمينا وشمالا وملأت الدنيا . وضرب الليل بأرواقه : أقبل ; قال حميد :


                                                          سرى مثل نبض العرق ، والليل     ضارب بأرواقه ، والصبح قد كاد يسطع

                                                          وقال :


                                                          يا ليت أم الغمر كانت صاحبي     ورابعتني تحت ليل ضارب
                                                          بساعد فعم ، وكف خاضب

                                                          والضارب : الطويل من كل شيء . ومنه قوله :


                                                          ورابعتني تحت ليل ضارب

                                                          وضرب الليل عليهم : طال ; قال :


                                                          ضرب الليل عليهم فركد

                                                          وقوله تعالى : فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ; قال الزجاج : منعناهم السمع أن يسمعوا ، والمعنى : أنمناهم ومنعناهم أن يسمعوا ; لأن النائم إذا سمع انتبه . والأصل في ذلك : أن النائم لا يسمع إذا نام . وفي الحديث : فضرب الله على أصمختهم أي ناموا فلم ينتبهوا ، والصماخ : ثقب الأذن . وفي الحديث : فضرب على آذانهم ; هو كناية عن النوم ; ومعناه : حجب الصوت والحس أن يلجا آذانهم فينتبهوا ، فكأنها قد ضرب عليها حجاب . ومنه حديث أبي ذر : ضرب على أصمختهم ، فما يطوف بالبيت أحد . وقولهم : فضرب الدهر ضربانه ، كقولهم : فقضى من القضاء ، وضرب الدهر من ضربانه أن كان كذا وكذا . وقال أبو عبيدة : ضرب الدهر بيننا أي بعد ما بيننا ; قال ذو الرمة :


                                                          فإن تضرب الأيام ، يا مي ، بيننا     فلا ناشر سرا ، ولا متغير

                                                          وفي الحديث : فضرب الدهر من ضربانه ، ويروى : ( من ضربه ) ; أي مر من مروره وذهب بعضه . وجاء مضطرب العنان أي منفردا منهزما . وضربت عينه : غارت كحجلت . والضريبة : اسم رجل من العرب . والمضرب العظم الذي فيه مخ ; تقول للشاة إذا كانت مهزولة : ما يرم منها مضرب ; أي إذا كسر عظم من عظامها أو قصبها لم يصب فيه مخ . والمضراب : الذي يضرب به العود . وفي الحديث : الصداع ضربان في الصدغين . ضرب العرق ضربا وضربانا إذا تحرك بقوة . وفي حديث عائشة : عتبوا على عثمان ضربة السوط والعصا أي كان من قبله يضرب في العقوبات بالدرة والنعل ، فخالفهم . وفي الحديث : النهي عن ضربة الغائص هو أن يقول الغائص في البحر للتاجر : أغوص غوصة ، فما أخرجته فهو لك بكذا ، فيتفقان على ذلك ونهى عنه لأنه غرر . ابن الأعرابي : المضارب الحيل في الحروب . والتضريب : تحريض للشجاع في الحرب . يقال : ضربه وحرضه . والمضرب : فسطاط الملك . والبساط مضرب إذا كان مخيطا . ويقال للرجل إذا خاف شيئا ، فخرق في الأرض جبنا : قد ضرب بذقنه الأرض ; قال الراعي يصف غربانا خافت صقرا :


                                                          ضوارب بالأذقان من ذي شكيمة     إذا ما هوى ، كالنيزك المتوقد

                                                          أي من صقر ذي شكيمة ، وهي شدة نفسه . ويقال : رأيت ضرب نساء أي رأيت نساء ; وقال الراعي :


                                                          وضرب نساء لو رآهن ضارب     له ظلة في قلة ظل رانيا

                                                          قال أبو زيد : يقال : ضربت له الأرض كلها أي طلبته في كل الأرض . ويقال : ضرب فلان الغائط إذا مضى إلى موضع يقضي فيه حاجته . ويقال : فلان أعزب عقلا من ضارب ، يريدون هذا المعنى . ابن الأعرابي : ضرب الأرض البول والغائط في حفرها . وفي حديث المغيرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انطلق حتى توارى عني ، فضرب الخلاء ثم جاء . يقال : ذهب يضرب الغائط والخلاء والأرض إذا ذهب لقضاء الحاجة . ومنه الحديث : لا يذهب الرجلان يضربان الغائط يتحدثان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية