الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضرج

                                                          ضرج : ضرج الثوب وغيره : لطخه بالدم ونحوه من الحمرة ، وقد يكون بالصفرة ; قال يصف السراب على وجه الأرض :


                                                          في قرقر بلعاب الشمس مضروج

                                                          يعني السراب . وضرجه فتضرج ، وثوب ضرج وإضريج : متضرج بالحمرة أو الصفرة ، وقيل : الإضريج صبغ أحمر ، وثوب مضرج ، من هذا ، وقيل : لا يكون الإضريج إلا من خز . وتضرج بالدم أي تلطخ . وفي الحديث : مر بي جعفر في نفر من الملائكة مضرج الجناحين بالدم ; أي ملطخا . وكل شيء تلطخ بشيء ، بدم أو غيره ، فقد تضرج ; وقد ضرجت أثوابه بدم النجيع . ويقال : ضرج أنفه بدم إذا أدماه ; قال مهلهل :


                                                          لو بأبانين جاء يخطبها

                                                          ضرج ما أنف خاطب بدم وفي كتابه لوائل : وضرجوه بالأضاميم ; أي دموه بالضرب . وقال اللحياني : الإضريج : الخز الأحمر ; وأنشد :


                                                          وأكسية الإضريج فوق المشاجب

                                                          يعني أكسية خز حمرا ; وقيل : هو الخز الأصفر ; وقيل : هو كساء يتخذ من جيد المرعزى . الليث : الإضريج : الأكسية تتخذ من المرعزى من أجوده . والإضريج : ضرب من الأكسية أصفر . وضرج الشيء ضرجا فانضرج ، وضرجه فتضرج : شقه . والضرج : الشق ; قال ذو الرمة يصف نساء :


                                                          ضرجن البرود عن ترائب حرة

                                                          أي شققن ، ويروى بالحاء أي ألقين . وفي حديث المرأة صاحبة المزادتين تكاد تتضرج من الملء ; أي تنشق . وتضرج الثوب : انشق ; وقال هميان يصف أنياب الفحل :


                                                          أوسعن من أنيابه المضارج

                                                          والمضارج : المشاق . وتضرج الثوب إذا تشقق . وضرجت الثوب تضريجا إذا صبغته بالحمرة ، وهو دون المشبع وفوق المورد . وفي الحديث : ( وعلي ريطة مضرجة ) ; أي ليس صبغها بالمشبع . والمضارج : الثياب الخلقان تبتذل مثل المعاوز ; قاله أبو عبيد : واحدها مضرج . وعين مضروجة : واسعة الشق نجلاء ; قال ذو الرمة :


                                                          تبسمن عن نور الأقاحي في الثرى     وفترن عن أبصار مضروجة نجل

                                                          وانضرجت لنا الطريق : اتسعت . والانضراج : الاتساع ; قال الشاعر :


                                                          أمرت له براحلة وبرد     كريم ، في حواشيه انضراج

                                                          وانضرج ما بين القوم : تباعد ما بينهم . وانضرج الشجر : انشقت عيون ورقه وبدت أطرافه . وتضرجت عن البقل لفائفه إذا انفتحت ، وإذا بدت ثمار البقول من أكمامها ، قيل : انضرجت عنها لفائفها أي انفتحت . والانضراج : الانشقاق ; قال ذو الرمة :


                                                          مما تعالت من البهمى ذوائبها     بالصيف ، وانضرجت عنه الأكاميم

                                                          تعالت : ارتفعت . وذوائبها : سفاها . والأكاميم جمع أكمام ، وأكمام جمع كم ، وهو الذي يكون فيه الزهر . وضرج النار يضرجها : فتح لها عينا ; رواه أبو حنيفة . وانضرجت العقاب : انحطت من الجو كاسرة . وانضرج البازي عن الصيد إذا انقض ; قال امرؤ القيس :


                                                          كتيس الظباء الأعفر ، انضرجت له     عقاب ، تدلت من شماريخ ثهلان

                                                          وقيل : انضرجت : انبرت له ، وقيل : أخذت في شق . أبو سعيد : تضريج الكلام في المعاذير هو تزويقه وتحسينه . ويقال : خير ما ضرج به الصدق ، وشر ما ضرج به الكذب . وفي النوادر : أضرجت المرأة جيبها إذا أرخته . وضرجت الإبل أي ركضناها في الغارة ، وضرجت الناقة بجرتها وجرضت . والإضريج : الجيد من الخيل . أبو عبيدة : الإضريج من الخيل : الجواد الكثير العرق ; قال أبو دواد :


                                                          ولقد أغتدي ، يدافع ركني     أجولي ذو ميعة ، إضريج

                                                          وقال : الإضريج : الواسع اللبان ، وقيل : الإضريج : الفرس الجواد الشديد العدو . وعدو ضريج : شديد ; قال أبو ذؤيب :


                                                          جراء وشد كالحريق ضريج

                                                          والضرجة والضرجة : ضرب من الطير . وضارج : اسم موضع معروف ; قال امرؤ القيس :


                                                          تيممت العين التي عند ضارج     يفيء عليها الظل ، عرمضها طامي

                                                          قال ابن بري : ذكر النحاس أن الرواية في البيت يفيء عليها الطلح ، وروى بإسناد ذكره أنه وفد قوم من اليمن على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله ، أحيانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس بن حجر ، قال : ( وكيف ذلك ؟ ) قالوا : أقبلنا نريدك فضللنا الطريق ، فبقينا ثلاثا بغير ماء ، فاستظللنا بالطلح والسمر ، فأقبل راكب متلثم بعمامة وتمثل رجل ببيتين ، وهما :


                                                          ولما رأت أن الشريعة همها     وأن البياض من فرائصها دامي
                                                          تيممت العين التي عند ضارج [ ص: 31 ]     يفيء عليها الطلح ، عرمضها طامي



                                                          فقال الراكب : من يقول هذا الشعر ؟ قال : امرؤ القيس بن حجر ، قال : والله ما كذب ، هذا ضارج عندكم ، قال : فجثونا على الركب إلى ماء ، كما ذكر ، وعليه العرمض يفيء عليه الطلح ، فشربنا رينا ، وحملنا ما يكفينا ويبلغنا الطريق ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ذاك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها ، منسي في الآخرة خامل فيها ، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء إلى النار ) ; وقوله :


                                                          ولما رأت أن الشريعة همها

                                                          الشريعة : مورد الماء الذي تشرع فيه الدواب . وهمها : طلبها ، والضمير في رأت للحمر ; يريد أن الحمر لما أرادت شريعة الماء وخافت على أنفسها من الرماة ، وأن تدمى فرائصها من سهامهم ، عدلت إلى ضارج لعدم الرماة على العين التي فيه . وضارج : موضع في بلاد بني عبس . والعرمض : الطحلب . وطامي : مرتفع .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية