الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 348 ] أبو الخطاب

                                                                                      الشيخ الإمام ، العلامة الورع ، شيخ الحنابلة أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن حسن بن حسن العراقي ، الكلواذاني ، ثم البغدادي ، الأزجي ، تلميذ القاضي أبي يعلى بن الفراء .

                                                                                      مولده في سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة .

                                                                                      وسمع أبا محمد الجوهري ، وأبا علي محمد بن الحسين الجازري ، وأبا طالب العشاري ، وجماعة ، وروى كتاب " الجليس والأنيس " عن الجازري عن مؤلفه المعافى .

                                                                                      روى عنه : ابن ناصر ، والسلفي ، وأبو المعمر الأنصاري ، والمبارك بن خضير ، وأبو الكرم بن الغسال ، وتخرج به الأصحاب ، وصنف التصانيف .

                                                                                      قال أبو الكرم بن الشهرزوري : كان إلكيا إذا رأى أبا الخطاب الكلوذاني مقبلا قال : قد جاء الجبل .

                                                                                      [ ص: 349 ] وقال أبو بكر بن النقور : كان إلكيا الهراسي إذا رأى أبا الخطاب قال : قد جاء الفقه .

                                                                                      قال السلفي : هو ثقة رضي ، من أئمة أصحاب أحمد .

                                                                                      وقال غيره : كان مفتيا صالحا ، عابدا ورعا ، حسن العشرة ، له نظم رائق ، وله كتاب " الهداية " ، وكتاب " رءوس المسائل " ، وكتاب " أصول الفقه " ، وقصيدة في المعتقد يقول فيها :

                                                                                      قالوا أتزعم أن على العرش استوى قلت الصواب كذاك خبر سيدي     قالوا فما معنى استواه أبن لنا
                                                                                      فأجبتهم هذا سؤال المعتدي

                                                                                      توفي أبو الخطاب في الثالث والعشرين من جمادى الآخرة سنة عشر وخمسمائة .

                                                                                      أخبرنا أحمد بن إسحاق ، أخبرنا نصر بن عبد الرزاق القاضي ، أخبرنا عمر بن هدية الفقيه ، أخبرنا أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني ، أخبرنا أبو يعلى محمد بن الحسين القاضي ، أخبرنا أبو القاسم موسى بن عيسى ، حدثنا محمد بن محمد الباغندي ، حدثنا عيسى بن زغبة ، حدثنا الليث ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : صلى معاذ بأصحابه العشاء ، فطول عليهم ، فانصرف رجل منا ، فصلى وحده ، فأخبر معاذ عنه ، فقال : إنه منافق ، فلما بلغ ذلك الرجل ، دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بما قال معاذ ، فقال : أتريد أن تكون فتانا يا معاذ إذا أممت الناس ، اقرأ ب والشمس وضحاها و سبح اسم ربك الأعلى واقرأ سورة والليل إذا يغشى .

                                                                                      [ ص: 350 ] قلت : كان أبو الخطاب من محاسن العلماء ، خيرا صادقا ، حسن الخلق ، حلو النادرة ، من أذكياء الرجال ، روى الكثير ، وطلب الحديث وكتبه ، ولابن كليب منه إجازة .

                                                                                      قال ابن النجار : درس الفقه على أبي يعلى ، وقرأ الفرائض على الوني ، وصار إمام وقته ، وشيخ عصره ، وصنف في المذهب والأصول والخلاف والشعر الجيد .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية