الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضرح

                                                          ضرح : الضرح : التنحية . وقد ضرحه أي نحاه ودفعه ، فهو مضطرح أي رمى به في ناحية ; قال الشاعر :


                                                          فلما أن أتين على أضاخ ضرحن حصاه أشتاتا عزينا

                                                          وضرح عنه شهادة القوم يضرحها ضرحا : جرحها وألقاها عنه لئلا يشهدوا عليه بباطل . والضرح : أن يؤخذ شيء فيرمى به في ناحية ; قال الهذلي :


                                                          تعلو السيوف بأيديهم جماجمهم     كما يفلق مرو الأمعز الضرح

                                                          أراد الضرح ، فحرك للضرورة . واضطرحوا فلانا : رموه في ناحية ، والعامة تقول : اطرحوه ، يظنونه من الطرح ، وإنما هو من الضرح . قال الأزهري : وجائز أن يكون اطرحوه افتعالا من الطرح ، قلبت التاء طاء ثم أدغمت الضاد فيها فقيل اطرح . قال المؤرج : وفلان ضرح من الرجال أي فاسد . وأضرحت فلانا أي أفسدته . وأضرح فلان السوق حتى ضرحت ضروحا وضرحا أي أكسدها حتى كسدت . وقوس ضروح : شديدة الحفز والدفع للسهم ; عن أبي حنيفة . والضروح : الفرس النفوح برجله ، وفيها ضراح ، بالكسر . وضرحت الدابة برجلها تضرح ضرحا وضراحا ، الأخيرة عن سيبويه ، فهي ضروح : رمحت ; قال العجاج :


                                                          وفي الدهاس مضبر ضروح

                                                          وقيل : ضرح الخيل بأيديها ورمحها بأرجلها . والضرح والضرج ، بالحاء والجيم : الشق . وقد انضرح الشيء وانضرج إذا انشق . وكل ما شق فقد ضرح ; قال ذو الرمة :


                                                          ضرحن البرود عن ترائب حرة     وعن أعين قتلننا كل مقتل

                                                          وقال الأزهري : قال أبو عمرو في هذا البيت : ضرحن البرود أي ألقين ، ومن رواه بالجيم فمعناه شققن ، وفي ذلك تغاير . والضريح : الشق في وسط القبر ، واللحد في الجانب ; وقال الأزهري في ترجمة لحد : والضريح والضريحة : ما كان في وسطه ، يعني القبر ، وقيل : الضريح القبر كله ، وقيل : هو قبر بلا لحد . والضرح : حفرك الضريح للميت . وضرح الضريح للميت يضرحه ضرحا : حفر له ضريحا ; قال الأزهري : سمي ضريحا لأنه يشق في الأرض شقا . وفي حديث دفن النبي صلى الله عليه وسلم - : نرسل إلى اللاحد والضارح فأيهما سبق تركناه ، وفي حديث سطيح : ( أوفى على الضريح ) . ورجل ضريح : بعيد ، فعيل بمعنى مفعول ; قال أبو ذؤيب :


                                                          عصاني الفؤاد فأسلمته

                                                          ولم أك مما عناه ضريحا وقد ضرح : تباعد . وانضرح ما بين القوم : مثل انضرج إذا تباعد ما بينهم ، وأضرحه عنك أي أبعده . وبيني وبينهم ضرح أي تباعد ووحشة . وضارحته وراميته وساببته واحد . وقال عرام : نية ضرح وطرح أي بعيدة ; وقال غيره : ضرحه وطرحه بمعنى واحد ; وقيل : نية نزح ونفح وطوح وضرح ومصح وطمح وطرح أي بعيدة ; وأحال ذلك على نوادر الأعراب . والانضراح : الاتساع . والمضرحي من الصقور : ما طال جناحاه وهو كريم ; وقال غيره : المضرحي : النسر وبجناحيه شبه طرف ذنب الناقة وما عليه من الهلب ; قال طرفة :


                                                          كأن جناحي مضرحي تكنفا     حفافيه ، شكا في العسيب بمسرد

                                                          شبه ذنب الناقة في طوله وضفوه بجناحي الصقر ; وقد يقال للصقر مضرح ، بغير ياء ; قال :

                                                          كالرعن وافاه القطام المضرح والأكثر المضرحي ; قال أبو عبيد : الأجدل والمضرحي والصقر والقطامي واحد . والمضرحي : الرجل السيد السري الكريم ; قال عبد الرحمن بن الحكم يمدح معاوية :


                                                          بأبيض من أمية مضرحي     كأن جبينه سيف صنيع

                                                          ومن هذه القصيدة :


                                                          أتتك العيس تنفح في براها     تكشف عن مناكبها القطوع

                                                          ورجل مضرحي : عتيق النجار . والمضرحي أيضا : الأبيض من كل شيء . والمضارح : مواضع معروفة . والضراح ، بالضم : بيت في السماء مقابل الكعبة في الأرض ; قيل : هو البيت المعمور ; عن ابن عباس . وفي الحديث : الضراح بيت في السماء حيال الكعبة ; ويروى الضريح ، وهو البيت المعمور من المضارحة ، وهي المقابلة والمضارعة ، وقد جاء ذكره في حديث علي ومجاهد ; قال ابن الأثير : ومن رواه بالصاد فقد صحف . وضراح ومضرح وضارح وضريح ومضرحي : كلها أسماء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية