الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضرر

                                                          ضرر : في أسماء الله تعالى : النافع الضار ، وهو الذي ينفع من يشاء من خلقه ويضره حيث هو خالق الأشياء كلها : خيرها وشرها ونفعها وضرها . الضر والضر لغتان : ضد النفع . والضر المصدر ، والضر الاسم ، وقيل : هما لغتان كالشهد والشهد ، فإذا جمعت بين الضر والنفع فتحت الضاد ، وإذا أفردت الضر ضممت الضاد إذا لم تجعله مصدرا ، كقولك : ضررت ضرا ; هكذا تستعمله العرب . أبو الدقيش : الضر ضد النفع ، والضر ، بالضم : الهزال وسوء الحال . وقوله عز وجل : وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه ، وقال : ( كأن لم يدعنا إلى ضر مسه ) ; فكل ما كان من سوء حال وفقر أو شدة في بدن فهو ضر ، وما كان ضدا للنفع فهو ضر ; وقوله : لا يضركم كيدهم ; من الضرر ، وهو ضد النفع . والمضرة : خلاف المنفعة . وضره يضره ضرا وضر به وأضر به وضاره مضارة وضرارا بمعنى ; والاسم الضرر . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ) ; قال : ولكل واحد من اللفظين معنى غير الآخر : فمعنى قوله ( لا ضرر ) أي لا يضر الرجل أخاه ، وهو ضد النفع ، وقوله : ( ولا ضرار ) أي لا يضار كل واحد منهما صاحبه ، فالضرار منهما معا والضرر فعل واحد ، ومعنى قوله : ( ولا ضرار ) أي لا يدخل الضرر على الذي ضره ولكن يعفو عنه ، كقوله عز وجل : ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم قال ابن الأثير : قوله ( لا ضرر ) أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئا من حقه ، والضرار فعال من الضر ، أي لا يجازيه على إضراره بإدخاله الضرر عليه ; والضرر فعل الواحد ، والضرار فعل الاثنين ، والضرر ابتداء الفعل ، والضرار الجزاء عليه ; وقيل : الضرر : ما تضر به صاحبك وتنتفع أنت به ، والضرار : أن تضره من غير أن تنتفع ، وقيل : هما بمعنى وتكرارهما للتأكيد . وقوله تعالى : غير مضار ; منع من الضرار في الوصية ; وروي عن أبي هريرة : ( من ضار في وصية ألقاه الله تعالى في واد من جهنم أو نار ) ; والضرار في الوصية راجع إلى الميراث ; ومنه الحديث : إن الرجل يعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضارران في الوصية فتجب لهما النار ) ; المضارة في الوصية : أن لا تمضى أو ينقص بعضها أو يوصى لغير أهلها ونحو ذلك مما يخالف السنة . الأزهري : وقوله عز وجل : ولا يضار كاتب ولا شهيد له وجهان : أحدهما لا يضار فيدعى إلى أن يكتب وهو مشغول ، والآخر أن معناه لا يضارر الكاتب أي لا يكتب إلا بالحق ولا يشهد الشاهد إلا بالحق ، ويستوي اللفظان في الإدغام ; وكذلك قوله عز وجل : لا تضار والدة بولدها يجوز أن يكون لا تضارر على تفاعل وهو أن ينزع الزوج ولدها منها فيدفعه إلى مرضعة أخرى ، ويجوز أن يكون قوله : ( لا تضار ) معناه لا تضارر الأم الأب فلا ترضعه . والضراء : السنة . والضاروراء : القحط والشدة . والضر : سوء الحال ، وجمعه أضر ; قال عدي بن زيد العبادي :


                                                          وخلال الأضر جم من العي ش يعفي كلومهن البواقي

                                                          وكذلك الضرر والتضرة والتضرة ; الأخيرة مثل بها سيبويه وفسرها السيرافي ; وقوله أنشده ثعلب :


                                                          محلى بأطواق عتاق يبينها     على الضر ، راعي الضأن لو يتقوف

                                                          إنما كنى به عن سوء حاله في الجهل وقلة التمييز ; يقول : كرمه وجوده يبين لمن لا يفهم الخير فكيف بمن يفهم ؟ والضراء : نقيض السراء . وفي الحديث : ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر ; قال ابن الأثير : الضراء : الحالة التي تضر ، وهي نقيض السراء ، وهما بناءان للمؤنث ولا مذكر لهما ، يريد أنا اختبرنا بالفقر والشدة والعذاب فصبرنا عليه ، فلما جاءتنا السراء وهي الدنيا والسعة والراحة بطرنا ولم نصبر . وقوله تعالى : فأخذناهم بالبأساء والضراء قيل : الضراء : النقص في الأموال والأنفس ، وكذلك الضرة والضرارة والضرر : النقصان يدخل في الشيء ، يقال : دخل عليه ضرر في ماله . وسئل أبو الهيثم عن قول الأعشى :


                                                          ثم وصلت ضرة بربيع

                                                          فقال : الضرة شدة الحال فعلة من الضر قال : والضر أيضا هو حال الضرير ، وهو الزمن . والضراء : الزمانة . ابن الأعرابي : الضرة الأذاة . وقوله عز وجل : غير أولي الضرر ; أي غير أولي الزمانة . وقال ابن عرفة : أي غير من به علة تضره وتقطعه عن الجهاد ، وهي الضرارة أيضا ، يقال ذلك في البصر وغيره ، يقول : لا يستوي القاعدون والمجاهدون إلا أولو الضرر فإنهم يساوون المجاهدين . الجوهري : والبأساء والضراء : الشدة ، وهما اسمان مؤنثان من غير تذكير ، قال الفراء : لو جمعا على أبؤس وأضر كما تجمع النعماء بمعنى النعمة على أنعم لجاز . ورجل ضرير بين الضرارة : ذاهب البصر ، والجمع أضراء . يقال : رجل ضرير البصر ، وإذا أضر به المرض يقال : رجل ضرير وامرأة ضريرة . وفي حديث البراء : فجاء ابن أم مكتوم يشكو ضرارته ; الضرارة هاهنا العمى ، والرجل ضرير ، وهي من الضر سوء الحال . والضرير : المريض المهزول ، والجمع كالجمع ، والأنثى ضريرة . وكل شيء خالطه ضر ، ضرير ومضرور . والضرائر : المحاويج . والاضطرار : الاحتياج إلى الشيء ، وقد اضطره إليه أمر ، والاسم الضرة ; قال دريد بن الصمة :


                                                          وتخرج منه ضرة القوم مصدقا     وطول السرى دري عضب مهند

                                                          أي تلألؤ عضب ، ويروى : ذري عضب يعني فرند السيف لأنه يشبه بمدب النمل . والضرورة : كالضرة . والضرار : المضارة ; وليس عليك ضرر ولا ضرورة ولا ضرة ولا ضارورة ولا تضرة . ورجل ذو ضارورة وضرورة أي ذو حاجة ، وقد اضطر إلى الشيء أي ألجئ إليه ; قال الشاعر :

                                                          [ ص: 33 ]

                                                          أثيبي أخا ضارورة أصفق العدى عليه     وقلت في الصديق أواصره

                                                          الليث : الضرورة اسم لمصدر الاضطرار ، تقول : حملتني الضرورة على كذا وكذا . وقد اضطر فلان إلى كذا وكذا ، بناؤه افتعل ، فجعلت التاء طاء لأن التاء لم يحسن لفظه مع الضاد . وقوله عز وجل : فمن اضطر غير باغ ولا عاد ; أي فمن ألجئ إلى أكل الميتة وما حرم وضيق عليه الأمر بالجوع ، وأصله من الضرر ، وهو الضيق . وقال ابن بزرج : هي الضارورة والضاروراء ممدود . وفي حديث علي - عليه السلام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع المضطر قال ابن الأثير : هذا يكون من وجهين : أحدهما أن يضطر إلى العقد من طريق الإكراه عليه ، قال : وهذا بيع فاسد لا ينعقد ، والثاني أن يضطر إلى البيع لدين ركبه أو مئونة ترهقه فيبيع ما في يده بالوكس للضرورة ، وهذا سبيله في حق الدين والمروءة أن لا يبايع على هذا الوجه ، ولكن يعان ويقرض إلى الميسرة أو تشترى سلعته بقيمتها ، فإن عقد البيع مع الضرورة على هذا الوجه صح ولم يفسخ مع كراهة أهل العلم له ، ومعنى البيع هاهنا الشراء أو المبايعة أو قبول البيع . والمضطر : مفتعل من الضر ، وأصله مضترر ، فأدغمت الراء وقلبت التاء طاء لأجل الضاد ; ومنه حديث ابن عمر : لا تبتع من مضطر شيئا ; حمله أبو عبيد على المكره على البيع وأنكر حمله على المحتاج . وفي حديث سمرة : يجزي من الضارورة صبوح أو غبوق ; الضارورة لغة في الضرورة ، أي إنما يحل للمضطر من الميتة أن يأكل منها ما يسد الرمق غداء أو عشاء ، وليس له أن يجمع بينهما . والضرر : الضيق . ومكان ذو ضرر أي ضيق . ومكان ضرر : ضيق ; ومنه قول ابن مقبل :

                                                          ضيف الهضبة الضرر وقول الأخطل :


                                                          لكل قرارة منها وفج     أضاة ، ماؤها ضرر يمور

                                                          قال ابن الأعرابي : ماؤها ضرر أي ماء نمير في ضيق ، وأراد أنه غزير كثير فمجاريه تضيق به ، وإن اتسعت . والمضر : الداني من الشيء ; قال الأخطل :


                                                          ظلت ظباء بني البكاء راتعة     حتى اقتنصن على بعد وإضرار

                                                          وفي حديث معاذ : أنه كان يصلي فأضر به غصن فمد يده فكسره قوله : أضر به أي دنا منه دنوا شديدا فآذاه . وأضر بي فلان أي دنا مني دنوا شديدا . وأضر بالطريق : دنا منه ولم يخالطه ; قال عبد الله بن عنمة الضبي يرثي بسطام بن قيس :


                                                          لأم الأرض ويل ! ما أجنت     غداة أضر بالحسن السبيل
                                                          يقسم ماله فينا فندعو     أبا الصهبا ، إذا جنح الأصيل

                                                          الحسن : اسم رمل ; يقول هذا على جهة التعجب ، أي ويل لأم الأرض ماذا أجنت من بسطام أي بحيث دنا جبل الحسن من السبيل . وأبو الصهباء : كنية بسطام . وأضر السيل من الحائط : دنا منه . وسحاب مضر أي مسف . وأضر السحاب إلى الأرض : دنا وكل ما دنا دنوا مضيقا فقد أضر . وفي الحديث : لا يضره أن يمس من طيب إن كان له ; هذه الكلمة يستعملها العرب ظاهرها الإباحة ومعناها الحض والترغيب . والضرير : حرف الوادي . يقال : نزل فلان على أحد ضريري الوادي أي على أحد جانبيه ، وقال غيره : بإحدى ضفتيه . والضريران : جانبا الوادي ; قال أوس بن حجر :


                                                          وما خليج من المروت ذو شعب     يرمي الضرير بخشب الطلح والضال

                                                          واحدهما ضرير وجمعه أضرة . وإنه لذو ضرير أي صبر على الشر ومقاساة له . والضرير من الناس والدواب : الصبور على كل شيء ; قال :


                                                          بات يقاسي كل ناب ضرزة     شديدة جفن العين ذات ضرير

                                                          وقال :


                                                          أما الصدور لا صدور لجعفر     ولكن أعجازا شديدا ضريرها

                                                          الأصمعي : إنه لذو ضرير على الشيء والشدة إذا كان ذا صبر عليه ومقاساة ; وأنشد :


                                                          وهمام بن مرة ذو ضرير

                                                          يقال ذلك في الناس والدواب إذا كان لها صبر على مقاساة الشر ; قال الأصمعي في قول الشاعر :


                                                          بمنسحة الآباط طاح انتقالها     بأطرافها والعيس باق ضريرها

                                                          قال : ضريرها : شدتها ; حكاه الباهلي عنه ; وقول مليح الهذلي :


                                                          وإني لأقري الهم ، حين ينوبني     بعيد الكرى منه ، ضرير محافل

                                                          أراد ملازم شديد . وإنه لضر أضرار أي شديد أشداء وضل أضلال وصل أصلال إذا كان داهية في رأيه ; قال أبو خراش :


                                                          والقوم أعلم لو قرط أريد بها     لكن عروة فيها ضر أضرار

                                                          أي لا يستنقذه ببأسه وحيله . وعروة : أخو أبي خراش ، وكان لأبي خراش عند قرط منة ، وأسرت أزد السراة عروة فلم يحمد نيابة قرط عنه في أخيه :


                                                          إذا لبل صبي السيف من رجل     من سادة القوم ، أو لالتف بالدار

                                                          الفراء : سمعت أبا ثروان يقول : ما يضرك عليها جارية أي ما يزيدك ; قال : وقال الكسائي : سمعتهم يقولون : ما يضرك على الضب صبرا ، وما يضيرك على الضب صبرا أي ما يزيدك . ابن الأعرابي : ما يزيدك عليه [ ص: 34 ] شيئا وما يضرك عليه شيئا واحد . وقال ابن السكيت في أبواب النفي : يقال : لا يضرك عليه رجل أي لا تجد رجلا يزيدك على ما عند هذا الرجل من الكفاية ، ولا يضرك عليه جمل أي لا يزيدك . والضرير : اسم للمضارة ، وأكثر ما يستعمل في الغيرة . يقال : ما أشد ضريره عليها . وإنه لذو ضرير على امرأته أي غيرة ; قال الراجز يصف حمارا :


                                                          حتى إذا ما لان من ضريره

                                                          وضاره مضارة وضرارا : خالفه ; قال نابغة بني جعدة :


                                                          وخصمي ضرار ذوي تدرإ     متى بات سلمها يشغبا

                                                          وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قيل له : أنرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : ( أتضارون في رؤية الشمس في غير سحاب ؟ ) قالوا : لا قال : ( فإنكم لا تضارون في رؤيته تبارك وتعالى ) قال أبو منصور : روي هذا الحرف بالتشديد من الضر ، أي لا يضر بعضكم بعضا ، وروي تضارون ، بالتخفيف ، من الضير ، ومعناهما واحد ، ضاره ضيرا فضره ضرا ، والمعنى لا يضار بعضكم بعضا في رؤيته أي لا يضايقه لينفرد برؤيته . والضرر : الضيق ، وقيل : لا تضارون في رؤيته أي لا يخالف بعضكم بعضا فيكذبه . يقال : ضاررت الرجل ضرارا ومضارة إذا خالفته ، قال الجوهري : وبعضهم يقول : لا تضارون ، بفتح التاء ، أي لا تضامون ، ويروى : لا تضامون في رؤيته أي لا ينضم بعضكم إلى بعض فيزاحمه ويقول له : أرنيه ، كما يفعلون عند النظر إلى الهلال ، ولكن ينفرد كل منهم برؤيته ; ويروى : لا تضامون ، بالتخفيف ، ومعناه لا ينالكم ضيم في رؤيته ; أي ترونه حتى تستووا في الرؤية فلا يضيم بعضكم بعضا . قال الأزهري : ومعاني هذه الألفاظ ، وإن اختلفت ، متقاربة ، وكل ما روي فيه فهو صحيح ولا يدفع لفظ منها لفظا ، وهو من صحاح أخبار سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغررها ولا ينكرها إلا مبتدع صاحب هوى ; وقال أبو بكر : من رواه : هل تضارون في رؤيته ، معناه هل تتنازعون وتختلفون ، وهو تتفاعلون من الضرار ، قال : وتفسير لا تضارون لا يقع بكم في رؤيته ضر ، وتضارون ، بالتخفيف ، من الضير ، وهو الضر ، وتضامون لا يلحقكم في رؤيته ضيم ; وقال ابن الأثير : روي الحديث بالتخفيف والتشديد ، فالتشديد بمعنى لا تتخالفون ولا تتجادلون في صحة النظر إليه لوضوحه وظهوره ، يقال : ضاره يضاره مثل ضره يضره وقيل : أراد بالمضارة الاجتماع والازدحام عند النظر إليه وأما التخفيف فهو من الضير لغة في الضر والمعنى فيه كالأول قال ابن سيده : وأما من رواه لا تضارون في رؤيته على صيغة ما لم يسم فاعله فهو من المضايقة أي لا تضامون تضاما يدنو به بعضكم من بعض فتضايقون . وضرة المرأة : امرأة زوجها . والضرتان : امرأتا الرجل كل واحدة منهما ضرة لصاحبتها وهو من ذلك وهن الضرائر نادر قال أبو ذؤيب يصف قدورا :


                                                          لهن نشيج بالنشيل كأنها     ضرائر حرمي تفاحش غارها

                                                          وهي الضر . وتزوج على ضر وضر أي مضارة بين امرأتين ويكون الضر للثلاث . وحكى كراع : تزوجت المرأة على ضر كن لها ، فإذا كان كذلك فهو مصدر على طرح الزائد أو جمع لا واحد له . والإضرار : التزويج على ضرة ; وفي الصحاح : أن يتزوج الرجل على ضرة ; ومنه قيل : رجل مضر وامرأة مضر . والضر ، بالكسر : تزوج المرأة على ضرة . يقال : نكحت فلانة على ضر أي على امرأة كانت قبلها . وحكى أبو عبد الله الطوال : تزوجت المرأة على ضر وضر ، بالكسر والضم . وامرأة مضر أيضا : لها ضرائر ، يقال : فلان صاحب ضر ، ويقال : امرأة مضر إذا كان لها ضرة ، ورجل مضر إذا كان له ضرائر ، وجمع الضرة ضرائر . والضرتان : امرأتان للرجل ، سميتا ضرتين لأن كل واحدة منهما تضار صاحبتها ، وكره في الإسلام أن يقال لها ضرة ، وقيل : جارة ; كذلك جاء في الحديث . الأصمعي : الإضرار : التزويج على ضرة ; يقال منه : رجل مضر وامرأة مضر ، بغير هاء . ابن بزرج : تزوج فلان امرأة ، إنها إلى ضرة غنى وخير . ويقال : هو في ضرر خير وإنه لفي طلفة خير وضفة خير وفي طثرة خير وصفوة من العيش . وقوله في حديث عمرو بن مرة : ( عند اعتكار الضرائر ; هي الأمور المختلفة كضرائر النساء لا يتفقن ) ، واحدتها ضرة . والضرتان : الألية من جانبي عظمها ، وهما الشحمتان ، وفي المحكم : اللحمتان اللتان تنهدلان من جانبيها . وضرة الإبهام : لحمة تحتها ، وقيل : أصلها ، وقيل : هي باطن الكف حيال الخنصر تقابل الألية في الكف . والضرة : ما وقع عليه الوطء من لحم باطن القدم مما يلي الإبهام . وضرة الضرع : لحمها ، والضرع يذكر ويؤنث . يقال ضرة شكرى أي ملأى من اللبن . والضرة : أصل الضرع الذي لا يخلو من اللبن أو لا يكاد يخلو منه ، وقيل : هو الضرع كله ما خلا الأطباء ، ولا يسمى بذلك إلا أن يكون فيه لبن فإذا قلص الضرع وذهب اللبن قيل له : خيف وقيل : الضرة الخلف ; قال طرفة يصف نعجة :


                                                          من الزمرات أسبل قادماها     وضرتها مركنة درور

                                                          وفي حديث أم معبد : له بصريح ضرة الشاة مزبد ; الضرة : أصل الضرع . والضرة : أصل الثدي ، والجمع من ذلك كله ضرائر ، وهو جمع نادر ; أنشد ثعلب :


                                                          وصار أمثال الفغا ضرائري

                                                          إنما عنى بالضرائر أحد هذه الأشياء المتقدمة . والضرة : المال يعتمد عليه الرجل وهو لغيره من أقاربه ، وعليه ضرتان من ضأن ومعز . والضرة : القطعة من المال والإبل والغنم ، وقيل : هو الكثير من الماشية خاصة دون العير . ورجل مضر : له ضرة من مال . الجوهري : المضر : الذي يروح عليه ضرة من المال ; قال الأشعر الرقبان الأسدي جاهلي يهجو ابن عمه رضوان :


                                                          تجانف رضوان عن ضيفه     ألم يأت رضوان عني الندر
                                                          بحسبك في القوم أن يعلموا [ ص: 35 ]     بأنك فيهم غني مضر
                                                          وقد علم المعشر الطارحون     بأنك للضيف جوع وقر
                                                          وأنت مسيخ كلحم الحوار     فلا أنت حلو ولا أنت مر

                                                          والمسيخ : الذي لا طعم له . والضرة : المال الكثير . والضرتان : حجر الرحى ، وفي المحكم : الرحيان . والضرير : النفس وبقية الجسم ; قال العجاج :


                                                          حامي الحميا مرس الضرير

                                                          ويقال : ناقة ذات ضرير إذا كانت شديدة النفس بطيئة اللغوب ، وقيل الضرير : بقية النفس . وناقة ذات ضرير : مضرة بالإبل في شدة سيرها ; وبه فسر قول أمية بن عائذ الهذلي :


                                                          تباري ضريس أولات الضرير     وتقدمهن عتودا عنونا

                                                          وأضر يعدو : أسرع ، وقيل : أسرع بعض الإسراع ; هذه حكاية أبي عبيد ; قال الطوسي : وقد غلط إنما هو أصر . والمضرار من النساء والإبل والخيل : التي تند وتركب شدقها من النشاط ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          إذ أنت مضرار جواد الخضر     أغلظ شيء جانبا بقطر

                                                          وضر : ماء معروف ; قال أبو خراش :


                                                          نسابقهم على رصف وضر     كدابغة ، وقد نغل الأديم

                                                          وضرار اسم رجل . ويقال : أضر الفرس على فأس اللجام إذا أزم عليه مثل أضز ، بالزاي . وأضر فلان على السير الشديد أي صبر . وإنه لذو ضرير على الشيء إذا كان ذا صبر عليه ومقاساة له ; قال جرير :


                                                          طرقت سواهم قد أضر بها السرى     نزحت بأذرعها تنائف زورا
                                                          من كل جرشعة الهواجر ، زادها     بعد المفاوز جرأة وضريرا

                                                          من كل جرشعة أي من كل ناقة ضخمة واسعة الجوف قوية في الهواجر لها عليها جرأة وصبر ، والضمير في طرقت يعود على امرأة تقدم ذكرها ، أي طرقتهم وهم مسافرون ، أراد طرقت أصحاب إبل سواهم ويريد بذلك خيالها في النوم ، والسواهم : المهزولة ، وقوله : نزحت بأذرعها أي أنفدت طول التنائف بأذرعها في السير كما ينفد ماء البئر بالنزح . والزور : جمع زوراء : والتنائف : جمع تنوفة ، وهي الأرض القفر ، وهي التي لا يسار فيها على قصد بل يأخذون فيها يمنة ويسرة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية