الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في حبس لحوم الأضاحي

                                                                      2812 حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت سمعت عائشة تقول دف ناس من أهل البادية حضرة الأضحى في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخروا الثلث وتصدقوا بما بقي قالت فلما كان بعد ذلك قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم ويجملون منها الودك ويتخذون منها الأسقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك أو كما قال قالوا يا رسول الله نهيت عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم فكلوا وتصدقوا وادخروا [ ص: 7 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 7 ] ( دف ناس ) : بفتح الدال المهملة وتشديد الفاء أي جاءوا . قال أهل اللغة : الدافة بتشديد الفاء قوم يسيرون جميعا سيرا خفيفا . ودافة الأعراب من يريد منهم المصر ، والمراد هنا من ورد من ضعفاء الأعراب للمواساة ، قاله في النيل : وقال السندي : أي أقبلوا من البادية ، والدف سير سريع وتقارب في الخطى انتهى

                                                                      ( حضرة الأضحى ) : بفتح الحاء وضمها وكسرها والضاد ساكنة فيها كلها وحكي فتحها وهو ضعيف وإنما تفتح إذا حذفت الهاء فيقال بحضر فلان . كذا قال النووي ( ادخروا ) : أمر من باب الافتعال أصله إذدخروا فأدغمت الذال في الدال ( يجملون منها الودك ) : بالجيم أي يذيبون الشحم ويستخرجون منه الودك ، قاله في مرقاة الصعود . والودك الشحم المذاب . وقال في النيل : قوله يجملون بفتح الياء وسكون الجيم مع كسر الميم وضمها ويقال بضم الياء مع كسر الميم يقال جملت الدهن وأجملته أي أذبته ( بعد ثلاث ) : أي بعد ثلاث ليال ( إنما نهيتكم ) : أي عن الادخار بعد ثلاث ليال ( من أجل الدافة التي دفت عليكم ) : أي من أجل الجماعة التي جاءت ( وادخروا ) : أي اتخذوا لحومها ذخيرة ما شئتم لثلاث أو فوقها أو دونها . وفيه تصريح بالنسخ لتحريم أكل لحوم الأضاحي بعد الثلاث وادخارها وإليه ذهب الجماهير من علماء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم . وحكى النووي عن علي رضي الله عنه وابن [ ص: 8 ] عمر رضي الله عنهما أنهما قالا يحرم الإمساك للحوم الأضاحي بعد ثلاث وإن حكم التحريم باق ، وحكاه الحازمي في الاعتبار عن علي رضي الله عنه أيضا والزبير وعبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر ، ولعلهم لم يعلموا بالناسخ ، ومن علم حجة على من لم يعلم . قاله في النيل .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية