الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما بين بآية المهاجرين أن النافع من الإيمان هو الموجب للثبات عند الامتحان؛ وكانت تلك الشروط قد لا توجد؛ ذكر وصف التقوى العام للأفراد؛ الموجب للإسعاد؛ فعقب تهديد الكافرين بما لأضدادهم المتقين؛ الفائزين بما تقدم الدعاء إليه؛ بقوله (تعالى): قل أأنبئكم بخير من ذلكم ؛ فقال (تعالى): لكن الذين اتقوا ربهم ؛ أي: أوقعوا الاتصاف بالتقوى؛ بالائتمار بما أمرهم به المحسن إليهم؛ والانتهاء عما نهاهم؛ شكرا [ ص: 165 ] لإحسانه؛ وخوفا من عظم شأنه؛ لهم جنات ؛ وأي جنات؛ ثم وصفها بقوله: تجري من تحتها الأنهار ؛ تعريفا بدوام تنوعها؛ وزهرتها؛ وعظيم بهجتها.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما وصفها بضد ما عليه النار؛ وصف تقلبهم فيها بضد ما عليه الكفار من كونهم في ضيافة الكريم الغفار؛ فقال: خالدين فيها ؛ ولما كان النزل ما يعد للضيف عند نزوله؛ قال - معظما ما لمن يرضيه -: نـزلا ؛ ولما كان الشيء يشرف بشرف من هو من عنده؛ نبه على عظمته بقوله: من عند الله ؛ مضيفا إلى الاسم الأعظم؛ وأشار بجعل الجنات كلها نزلا؛ إلى التعريف بعظيم ما لهم بعد ذلك عنده - سبحانه - من النعيم الذي لا يمكن الآدميين وجه الاطلاع على حقيقة وصفه؛ ولهذا قال - معظما - لأنه لو أضمر لظن الاختصاص بالنزل -: وما عند الله ؛ أي: الملك الأعظم؛ من النزل وغيره؛ خير للأبرار ؛ مما فيه الكفار؛ ومن كل ما يمكن أن يخطر بالبال من النعيم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية