الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : وأولي الأمر منكم ؛ أي : أطيعوا أولي الأمر منكم؛ فأمر الله - عز وجل - بطاعته فيما فرض؛ وطاعة رسوله وتصديقه فيما أدى عن الله؛ وأولو الأمر منهم هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ومن اتبعهم من أهل العلم؛ وقيل : إنهم هم الأمراء؛ والأمراء إذا كانوا أولي علم؛ ودين؛ آخذين بما يقوله أهل العلم؛ فطاعتهم فريضة؛ وجملة أولي الأمر من المسلمين من يقوم بشأنهم في أمر دينهم؛ وجميع ما أدى إلى صلاح له؛ ويقال : " أديت الشيء تأدية " ؛ والأداء : اسم ممدود؛ و " أدوت الرجل؛ آدو له؛ أدوا " ؛ إذا ختلته؛ قال الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        أدوت له لأختله ... فهيهات الفتى حذرا



                                                                                                                                                                                                                                        و " أدي اللبن؛ أديا " ؛ إذا حمض. [ ص: 68 ] وقوله : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ؛ معنى " تنازعتم " : اختلفتم؛ وتجادلتم؛ وقال كل فريق : القول قولي؛ واشتقاق المنازعة أن كل واحد منهما ينزع الحجة؛ وفي هذه الآية أمر مؤكد يدل على أن القصد للاختلاف كفر؛ وأن الإيمان اتباع الإجماع والسنة؛ ولا يخلو قوله - عز وجل - : فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ؛ من أحد أمرين : إما أن تردوا ما اختلفتم فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله؛ أو تقولوا - إن لم تعلموه - : الله ورسوله أعلم؛ ذلك خير وأحسن تأويلا ؛ أي : إن ردكم ما اختلفتم فيه إلى ما أتى من عند الله؛ وترككم التحارب خير؛ وأحسن تأويلا لكم؛ أي : أحسن عاقبة لكم؛ وجائز أن يكون " أحسن تأويلا " : أي : أحسن من تأولكم أنتم؛ دون ردكم إياه إلى الكتاب والسنة؛ و " تأويلا " ؛ منصوب على التمييز.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية