الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 271 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إن في خلق السماوات والأرض )

قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : "إن في خلق السماوات والأرض " إن في إنشاء السماوات والأرض وابتداعهما .

ومعنى "خلق " الله الأشياء : ابتداعه وإيجاده إياها ، بعد أن لم تكن موجودة .

وقد دللنا فيما مضى على المعنى الذي من أجله قيل : "الأرض " ، ولم تجمع كما جمعت السماوات ، فأغنى ذلك عن إعادته

فإن قال لنا قائل : وهل للسموات والأرض خلق هو غيرها فيقال : "إن في خلق السماوات والأرض " ؟

قيل : قد اختلف في ذلك . فقال بعض الناس : لها خلق هو غيرها . واعتلوا في ذلك بهذه الآية ، وبالتي في سورة : الكهف : ( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ) [ سورة الكهف : 51 ] وقالوا : لم يخلق الله شيئا إلا والله له مريد . قالوا : فالأشياء كانت بإرادة الله ، والإرادة خلق لها . [ ص: 272 ]

وقال آخرون : خلق الشيء صفة له ، لا هي هو ، ولا غيره . قالوا : لو كان غيره لوجب أن يكون مثله موصوفا . قالوا : ولو جاز أن يكون خلقه غيره ، وأن يكون موصوفا ، لوجب أن تكون له صفة هي له خلق . ولو وجب ذلك كذلك ، لم يكن لذلك نهاية . قالوا : فكان معلوما بذلك أنه صفة للشيء . قالوا : فخلق السماوات والأرض صفة لهما ، على ما وصفنا . واعتلوا أيضا - بأن للشيء خلقا ليس هو به - من كتاب الله بنحو الذي اعتل به الأولون .

وقال آخرون : خلق السماوات والأرض ، وخلق كل مخلوق ، هو ذلك الشيء بعينه لا غيره .

فمعنى قوله : "إن في خلق السماوات والأرض " : إن في السماوات والأرض .

التالي السابق


الخدمات العلمية