الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                424 [ ص: 436 ] 54 - باب

                                الصلاة في البيعة

                                وقال عمر: إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور.

                                وكان ابن عباس يصلي في البيعة إلا بيعة فيها تماثيل.

                                التالي السابق


                                روى حجاج بن منهال : ثنا ربيعة بن كلثوم ، عن نافع ، قال: قال عمر : إنا لا ينبغي لنا أن ندخل كنيسة فيها تصاوير.

                                وروى وكيع في " كتابه "، عن عبد الله بن نافع مولى ابن عمر ، عن أبيه، عن أسلم مولى عمر ، قال: قال عمر : إنا لا ندخل كنائسكم التي فيها تصاوير.

                                وعن سفيان ، عن خصيف ، عن مقسم ، عن ابن عباس أنه كره الصلاة في الكنيسة إذا كان فيها تماثيل.

                                وقال سفيان : لا بأس بالصلاة فيها إذا لم يكن فيها تمثال، وإن وجد غيرها فهو أحب إلي.

                                وكره مالك الصلاة في البيع والكنائس ; لنجاستها من أقدامهم، ولما فيها من الصور، وقال: لا ينزل بها إلا من ضرورة -: ذكره صاحب " التهذيب ".

                                ورخص أكثر أصحابنا في دخول ما ليس فيه صور منها، والصلاة فيها. وكرهه بعضهم، منهم: ابن عقيل ومنهم من حكى في الكراهة عن أحمد روايتين، والمنصوص عن أحمد : كراهة دخولها في أعيادهم ومجامعهم فيها.

                                [ ص: 437 ] ويستدل للكراهة فيما فيه صور: بأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ، وبأنه محل الشياطين، فتكره الصلاة فيه كالحمام والحش.

                                ويدل على كراهته - أيضا -: خروج النبي صلى الله عليه وسلم من الوادي الذي ناموا فيه عن الصلاة، وقال: " إن هذا الوادي حضرنا فيه شيطان ".

                                وكره أصحاب الشافعي الصلاة فيها، مع الصحة.

                                وحكى ابن المنذر وغيره: الرخصة فيها عن طائفة من العلماء، منهم: أبو موسى ، والحسن ، والشعبي ، والنخعي ، وعمر بن عبد العزيز ، والأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز ، واختاره ابن المنذر .

                                وأكثر المنقول عن السلف في ذلك قضايا أعيان لا عموم لها، فيمكن حملها على ما لم يكن فيه صور.

                                وصرح كثير من أصحابنا بتحريم الدخول إلى بيت فيه صور على جدرانه ، وإن كان لا يقدر على إزالتها، وسواء كان حماما أو غيره، منهم: ابن بطة ، والقاضي أبو يعلى .

                                وذكر صاحب " المغني " أن ظاهر كلام أحمد أنه مكروه غير محرم، وحكاه - أيضا - عن مالك ، وعن أكثر أصحاب الشافعي أنه محرم، وذكر في أثناء كلامه: أن دخول البيع والكنائس جائز، ولو كان فيها صور، وجعله دليلا له، وهو يشعر بأنه محل إجماع.

                                ولعل الفرق: أن صور البيع والكنائس تقر ولا يلزم إزالتها، كما يقر أصل البيع والكنائس، وبخلاف الصور في بيوت المسلمين ; فإنه يجب إزالتها ومحوها.



                                الخدمات العلمية