الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 99 ] باب حد المسكر

                                                                                                          كل مسكر خمر يحرم شرب قليله وكثيره ، نقل ذلك الجماعة مطلقا ، ولو لعطش بخلاف الماء النجس ، إلا لدفع لقمة غص بها ولم يجد غيره وخاف تلفا ، ويقدم بولا ، ويقدم عليهما ماء نجسا ، وأباح إبراهيم الحربي من نقيع التمر إذا طبخ ما دون المسكر ، قال الخلال : فتياه على قول أبي حنيفة . فإذا شربه مسلم مكلف عالما أن كثيره يسكر ويصدق مختارا لحله ، كمكره ، وعنه : لا ، اختاره أبو بكر ، ذكرهما في التعليق ، قال : كما لا يباح لمضطر ، ففي حده روايتان ، قاله في الواضح ( م 1 ) ، والصبر أفضل ، نص عليه ، وكذا كل ما جاز فعله للمكره ، ذكره القاضي وغيره .

                                                                                                          قال [ ص: 100 ] شيخنا : يرخص أكثر العلماء فيما يكره عليه من المحرمات ، لحق الله عز وجل ، كأكل الميتة وشرب الخمر ، وهو ظاهر مذهب الإمام أحمد رحمه الله .

                                                                                                          [ ص: 99 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 99 ] باب حد المسكر

                                                                                                          ( مسألة 1 ) قوله : " فإذا شربه مسلم مكلف عالما أن كثيره يسكر [ ويصدق ] مختارا لحله كمكره ، وعنه : لا ، اختاره أبو بكر ، ففي حده روايتان ، قاله الواضح " ، انتهى .

                                                                                                          يعني إذا قلنا لا يحل لمكره وشربه مكرها ففي حده روايتان في الواضح .

                                                                                                          ( قلت ) : الصواب عدم الحد ، والذي يظهر أن المصنف لم يرد في هذه المسألة إطلاق الخلاف ، للاختلاف في الترجيح ، وإنما أراد حكايته في الجملة ، وقد قطع في المغني والشرح وغيرهما أن المكره لا يحد ، وصححه في النظم وغيره ، وقدمه الزركشي وغيره ، وظاهر كلامهم سواء قلنا يحل للمكره أم لا ، والله أعلم .

                                                                                                          ( والرواية الثانية ) : يحد المكره . اختارها أبو بكر وأطلق الخلاف في وجوب الحد وعدمه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم .

                                                                                                          [ ص: 100 ] تنبيهات )

                                                                                                          ( أحدها ) ظاهر كلام المصنف أن محل الخلاف في حده إذا قلنا إنها لا تحل له إذا أكره عليها ، والمجد وابن حمدان وصاحب الحاوي والناظم والزركشي وغيرهم حكوا الخلاف في حده ، لم يفصلوا ، وكذا الشيخ والشارح وغيرهما قطعوا بعدم الحد ولم يفرقوا .




                                                                                                          الخدمات العلمية