الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5591 ) مسألة ; قال وإذا اختلفا في الصداق بعد العقد في قدره ، ولا بينة على مبلغه فالقول قولها ما ادعت مهر مثلها . وجملة ذلك أن الزوجين إذا اختلفا في قدر المهر ، ولا بينة على مبلغه ، فالقول قول من يدعي مهر المثل منهما ; فإن ادعت المرأة مهر مثلها أو أقل ، فالقول قولها ، وإن ادعى الزوج مهر المثل أو أكثر ، فالقول قوله .

                                                                                                                                            وبهذا قال أبو حنيفة وعن الحسن والنخعي ، وحماد بن أبي سليمان ، وأبي عبيد نحوه . وعن أحمد رواية أخرى ، أن القول قول الزوج بكل حال . وهذا قول الشعبي ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، وأبي ثور . وبه قال أبو يوسف إلا أن يدعي مستنكرا ، وهو أن يدعي مهرا لا يتزوج بمثله في العادة ، لأنه منكر للزيادة ، ومدعى عليه ، فيدخل تحت قوله عليه السلام { ولكن اليمين على المدعى عليه } وقال الشافعي : يتحالفان ، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر ، ثبت ما قاله ، وإن حلفا وجب مهر المثل .

                                                                                                                                            وبه قال الثوري لأنهما اختلفا في العوض المستحق في العقد ، ولا بينة ، فيتحالفان قياسا على المتبايعين إذا اختلفا في الثمن . وقال مالك : إن كان الاختلاف قبل الدخول ، تحالفا وفسخ النكاح ، وإن كان بعده فالقول قول الزوج . وبناه على أصله في البيع ; فإنه يفرق في التحالف بين ما قبل القبض وبعده ، ولأنها إذا أسلمت نفسها بغير إشهاد ، فقد رضيت بأمانته .

                                                                                                                                            [ ص: 180 ] ولنا ، أن الظاهر قول من يدعي مهر المثل ، فكان القول قوله ، قياسا على المنكر في سائر الدعاوى ، وعلى المودع إذا ادعى التلف أو الرد ولأنه عقد لا ينفسخ بالتحالف فلا يشرع فيه كالعفو عن دم العمد ولأن القول بالتحالف يفضي إلى إيجاب أكثر مما يدعيه أو أقل مما يقر لها به فإنها إذا كان مهر مثلها مائة فادعت ثمانين وقال : بل هو خمسون أوجب لها عشرين يتفقان على أنها غير واجبة .

                                                                                                                                            ولو ادعت مائتين ، وقال : بل هو مائة وخمسون ومهر مثلها مائة ، فأوجب مائة لأسقط خمسين يتفقان على وجوبها . ولأن مهر المثل إن لم يوافق دعوى أحدهما ، لم يجز إيجابه ; لاتفاقهما على أنه غير ما أوجبه العقد ، وإن وافق قول أحدهما ، فلا حاجة في إيجابه إلى يمين من ينفيه ; لأنها لا تؤثر في إيجابه ، وفارق البيع ; فإنه ينفسخ بالتحالف ، ويرجع كل واحد منهما في ماله .

                                                                                                                                            وما ادعاه مالك من أنها استأمنته ، لا يصح ; فإنها لم تجعله أمينها ، ولو كان أمينا لها لوجب أن تكون أمينة له ، حين لم يشهد عليها ، على أنه لا يلزم من الاختلاف عدم الإشهاد ، فقد تكون بينهما بينة ، فتموت أو تغيب أو تنسى الشهادة ، إذا ثبت هذا فكل من قلنا : القول قوله فهو مع يمينه ; لأنه اختلاف فيما يجوز بذله ، تشرع فيه اليمين ، كسائر الدعاوى في الأموال . وحكي عن القاضي ، أن اليمين لا تشرع في الأحوال كلها ; لأنها دعوى في النكاح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية