الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضرع

                                                          ضرع : ضرع إليه يضرع ضرعا وضراعة : خضع وذل ، فهو ضارع ، من قوم ضرعة وضروع . وتضرع : تذلل وتخشع . وقوله عز وجل : فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ; فمعناه تذللوا وخضعوا . ويقال : ضرع فلان لفلان وضرع له إذا ما تخشع له وسأله أن يعطيه ; قال الأعشى :


                                                          سائل تميما به ، أيام صفقتهم لما أتوه أسارى كلهم ضرعا

                                                          أي ضرع كل واحد منهم له وخضع . ويقال : ضرع له واستضرع . والضارع : المتذلل للغني . وتضرع إلى الله أي ابتهل . قال الفراء : جاء فلان يتضرع ويتعرض ويتأرض ويتصدى ويتأتى بمعنى إذا جاء يطلب إليك الحاجة ، وأضرعته إليه الحاجة وأضرعه غيره . وفي المثل : الحمى أضرعتني لك . وخد ضارع وجنب ضارع : متخشع على المثل . والتضرع : التلوي والاستغاثة . وأضرعت له مالي أي بذلته له ; قال الأسود :


                                                          وإذا أخلائي تنكب ودهم     فأبو الكدادة ماله لي مضرع

                                                          أي مبذول . والضرع ، بالتحريك ، والضارع : الصغير من كل شيء ، وقيل : الصغير السن الضعيف الضاوي النحيف . وإن فلانا لضارع الجسم أي نحيف ضعيف . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ولدي جعفر الطيار فقال : ما لي أراهما ضارعين ؟ فقالوا : إن العين تسرع إليهما . الضارع : النحيف الضاوي الجسم . يقال : ضرع يضرع فهو ضارع وضرع ، بالتحريك . ومنه حديث قيس بن عاصم : إني لأفقر البكر الضرع والناب المدبر ; أي أعيرهما للركوب ، يعني الجمل الضعيف والناقة الهرمة التي هرمت فأدبر خيرها ; ومنه حديث المقداد : وإذا فيهما فرس آدم ومهر ضرع ، وحديث عمرو بن العاص : لست بالضرع ، ويقال : هو الغمر الضعيف من الرجال ; وقال الشاعر :


                                                          أناة وحلما وانتظارا بهم غدا     فما أنا بالواني ولا الضرع الغمر

                                                          ويقال : جسدك ضارع وجنبك ضارع وأنشد :


                                                          من الحسن إنعاما وجنبك ضارع

                                                          ويقال : قوم ضرع ورجل ضرع ; وأنشد :


                                                          وأنتم لا أشابات ولا ضرع

                                                          وقد ضرع ضراعة ، وأضرعه الحب وغيره ; قال صخر :


                                                          ولما بقيت ليبقين جوى     بين الجوانح ، مضرع جسمي

                                                          ورجل ضارع بين الضروع والضراعة : ناحل ضعيف . والضرع : الجمل الضعيف . والضرع : الجبان . والضرع : المتهالك من الحاجة للغنى ; وقول أبي زبيد :


                                                          مستضرع ما دنا منهن مكتنت

                                                          من الضرع وهو الخاضع ، والضارع مثله . وقوله عز وجل : تدعونه تضرعا وخفية ; المعنى تدعونه مظهرين الضراعة وهي شدة الفقر والحاجة إلى الله عز وجل ، وانتصابهما على الحال ، وإن كانا مصدرين . وفي حديث الاستسقاء : خرج متبذلا متضرعا ; التضرع التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة . يقال : ضرع يضرع ، بالكسر والفتح ، وتضرع إذا خضع وذل . وفي حديث عمر : فقد ضرع الكبير ورق الصغير ، ومنه حديث علي : أضرع الله خدودكم ; أي أذلها . ويقال : لفلان فرس قد ضرع به أي غلبه ، وقد ورد في حديث سلمان : ( قد ضرع به ) . وضرعت الشمس وضرعت : غابت أو دنت من المغيب ، وتضريعها : دنوها للمغيب . وضرعت القدر تضريعا : حان أن تدرك . والضرع لكل ذات ظلف أو خف ، وضرع الشاة والناقة : مدر لبنها ، والجمع ضروع . وأضرعت الشاة والناقة وهي مضرع : نبت ضرعها أو عظم . والضريعة والضرعاء جميعا : العظيمة الضرع من الشاء والإبل . وشاة ضريع : حسنة الضرع . وأضرعت الشاة أي نزل لبنها قبيل النتاج . وأضرعت الناقة ، وهي مضرع : نزل لبنها من ضرعها قرب النتاج ، وقيل : هو إذا قرب نتاجها . وما له زرع ولا ضرع : يعني بالضرع الشاة والناقة ; وقوللبيد :

                                                          [ ص: 39 ]

                                                          وخصم كبادي الجن أسقطت     شأوهم بمستحوذ ذي مرة وضروع

                                                          فسره ابن الأعرابي فقال : معناه واسع له مخارج كمخارج اللبن ، ورواه أبو عبيد : وصروع ، بالصاد المهملة ، وهي الضروب من الشيء ، يعني ذي أفانين . قال أبو زيد : الضرع جماع وفيه الأطباء ، وهي الأخلاف ، واحدها طبي وخلف وفي الأطباء الأحاليل وهي خروق اللبن . والضروع : عنب أبيض كبير الحب قليل الماء عظيم العناقيد . والمضارع : المشبه . والمضارعة : المشابهة . والمضارعة للشيء : أن يضارعه كأنه مثله أو شبهه . وفي حديث عدي - رضي الله عنه - : قال له : لا يختلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية ; المضارعة : المشابهة والمقاربة ، وذلك أنه سأله عن طعام النصارى فكأنه أراد لا يتحركن في قلبك شك أن ما شابهت فيه النصارى حرام أو خبيث أو مكروه ، وذكره الهروي لا يتحلجن ، ثم قال : يعني أنه نظيف ، قال ابن الأثير : وسياق الحديث لا يناسب هذا التفسير ; ومنه حديث معمر بن عبد الله : إني أخاف أن تضارع ; أي أخاف أن يشبه فعلك الرياء . وفي حديث معاوية : لست بنكحة طلقة ولا بسببة ضرعة ; أي لست بشتام للرجال المشابه لهم والمساوي . ويقال : هذا ضرع هذا وصرعه ، بالضاد والصاد ، أي مثله . قال الأزهري : والنحويون يقولون للفعل المستقبل : مضارع لمشاكلته الأسماء فيما يلحقه من الإعراب . والمضارع من الأفعال : ما أشبه الأسماء وهو الفعل الآتي والحاضر ، والمضارع في العروض : مفاعيل فاع لاتن مفاعيل فاع لاتن كقوله :


                                                          دعاني إلى سعاد دواعي هوى سعاد

                                                          سمي بذلك لأنه ضارع المجتث . والضروع والصروع : قوى الحبل ، واحدهما ضرع وصرع . والضريع : نبات أخضر منتن خفيف يرمي به البحر وله جوف ، وقيل : هو يبيس العرفج والخلة ، وقيل : ما دام رطبا فهو ضريع ، فإذا يبس فهو الشبرق ، وهو مرعى سوء لا تعقد عليه السائمة شحما ولا لحما ، وإن لم تفارقه إلى غيره ساءت حالها . وفي التنزيل : ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع ; قال الفراء : الضريع نبت يقال له : الشبرق ، وأهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس ، وقال ابن الأعرابي : الضريع العوسج الرطب ، فإذا جف فهو عوسج ، فإذا زاد جفوفا فهو الخزيز ، وجاء في التفسير : أن الكفار قالوا : إن الضريع لتسمن عليه إبلنا ، فقال الله عز وجل : لا يسمن ولا يغني من جوع . وجاء في حديث أهل النار : فيغاثون بطعام من ضريع ; قال ابن الأثير : هو نبت بالحجاز له شوك كبار يقال له الشبرق ; وقال قيس بن عيزارة الهذلي يذكر إبلا وسوء مرعاها :


                                                          وحبسن في هزم الضريع ، فكلها     حدباء دامية اليدين ، حرود

                                                          هزم الضريع : ما تكسر منه ، والحرود : التي لا تكاد تدر ; وصف الإبل بشدة الهزال ; وقيل : الضريع طعام أهل النار ، وهذا لا يعرفه العرب . والضريع : القشر الذي على العظم تحت اللحم ، وقيل : هو جلد على الضلع . وتضروع : بلدة ; قال عامر بن الطفيل وقد عقر فرسه :


                                                          ونعم أخو الصعلوك أمس تركته     بتضروع ، يمري باليدين ويعسف

                                                          قال ابن بري : أخو الصعلوك يعني به فرسه ، ويمري بيديه : يحركهما كالعابث ، ويعسف : ترجف حنجرته من النفس ، وهذا المكان وهذا البيت أورده الجوهري بتضرع بغير واو ; قال ابن بري : ورواه ابن دريد بتضروع مثل تذنوب . وتضارع ، بضم التاء والراء : موضع أو جبل بنجد ، وفي التهذيب : بالعقيق . وفي الحديث : إذا سال تضارع فهو عام ربيع ، وفيه : إذا أخصبت تضارع أخصبت البلاد ; قال أبو ذؤيب :


                                                          كأن ثقال المزن بين تضارع     وشابة برك من جذام لبيج

                                                          قال ابن بري : صوابه تضارع ، بكسر الراء ، قال : وكذا هو في بيت أبي ذؤيب ، فأما بضم التاء والراء فهو غلط ; لأنه ليس في الكلام تفاعل ولا فعالل ، قال ابن جني : ينبغي أن يكون تضارع فعاللا بمنزلة عذافر ، ولا نحكم على التاء بالزيادة إلا بدليل ، وأضرع : موضع ; وأما قول الراعي :


                                                          فأبصرتهم حتى توارت حمولهم     بأنقاء يحموم ، ووركن أضرعا

                                                          فإن أضرعا هاهنا جبال أو قارات صغار ; قال خالد بن جبلة : هي أكيمات صغار ، ولم يذكر لها واحدا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية