الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضرا

                                                          ضرا : ضري به ضرا وضراوة : لهج وقد ضريت بهذا الأمر أضرى ضراوة . وفي الحديث : إن للإسلام ضراوة أي عادة ولهجا به لا يصبر عنه . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : إياكم وهذه المجازر فإن لها ضراوة كضراوة الخمر . وقد ضراه بذلك الأمر . وسقاء ضار باللبن : يعتق فيه ويجود طعمه وجرة ضارية بالخل والنبيذ . وضري النبيذ يضرى إذا اشتد . قال أبو منصور : الضاري من الآنية الذي ضري بالخمر ، فإذا جعل فيه النبيذ صار مسكرا ، وأصله من الضراوة وهي الدربة والعادة . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : أنه نهى عن الشرب في الإناء الضاري هو الذي ضري بالخمر وعود بها ، فإذا جعل فيه العصير صار مسكرا ، وقيل : فيه معنى غير ذلك . أبو زيد : لذمت به لذما وضريت به ضرى ودربت به دربا والضراوة : العادة . يقال : ضري الشيء بالشيء إذا اعتاده فلا يكاد يصبر عنه . وضري الكلب بالصيد إذا تطعم بلحمه ودمه . والإناء الضاري بالشراب والبيت الضاري باللحم من كثرة الاعتياد حتى يبقى فيه ريحه . وفي حديث عمر : إن للحم ضراوة كضراوة الخمر ; أي إن له عادة ينزع إليها كعادة الخمر ، وأراد أن له عادة طلابة لأكله كعادة الخمر مع شاربها ، وذلك أن من اعتاد الخمر وشربها أسرف في النفقة حرصا عليها ، وكذلك من اعتاد اللحم وأكله لم يكد يصبر عنه فدخل في باب المسرف في نفقته ، وقد نهى الله عز وجل عن الإسراف . وكلب ضار بالصيد وقد ضري ضرا وضراء وضراء ; الأخيرة عن أبي زيد ، إذا اعتاد الصيد . والضرو : الكلب الضاري ، والجمع ضراء وأضر مثل ذئب وأذؤب وذئاب ; قال ابن أحمر :


                                                          حتى إذا ذر قرن الشمس صبحه أضري ابن قران بات الوحش والعزبا

                                                          أراد : بات وحشا وعزبا ; وقال ذو الرمة :


                                                          مقزع أطلس الأطمار ليس له     إلا الضراء ، وإلا صيدها ، نشب

                                                          وفي الحديث : من اقتنى كلبا إلا كلب ماشية أو ضار ; أي كلبا معودا بالصيد . يقال : ضري الكلب وأضراه صاحبه أي عوده وأغراه به ويجمع على ضوار . والمواشي الضارية : المعتادة لرعي زروع الناس . ويقال : كلب ضار وكلبة ضارية وفي الحديث : إن قيسا ضراء الله ; هو بالكسر جمع ضرو وهو من السباع ما ضري بالصيد ولهج بالفرائس المعنى أنهم شجعان تشبيها بالسباع الضارية في شجاعتها . والضرو بالكسر : الضاري من أولاد الكلاب والأنثى ضروة . وقد ضري الكلب بالصيد ضراوة أي تعود وأضراه صاحبه أي عوده وأضراه به أي أغراه وكذلك التضرية ; قال زهير :


                                                          متى تبعثوها تبعثوها ذميمة     وتضرى إذا ضريتموها فتضرم

                                                          والضرو من الجذام : اللطخ منه . وفي الحديث : أن أبا بكر - رضي الله عنه - أكل مع رجل به ضرو من جذام أي لطخ ، وهو من الضراوة كأن الداء ضري به ; حكاه الهروي في الغريبين ; قال ابن الأثير : روي بالكسر والفتح ، فالكسر يريد أنه داء قد ضري به لا يفارقه ، والفتح من ضرا الجرح يضرو ضروا إذا لم ينقطع سيلانه أي به قرحة ذات ضرو . والضرو والضرو : شجر طيب الريح يستاك به ويجعل ورقه في العطر ; قال النابغة الجعدي :


                                                          تستن بالضرو من براقش أو     هيلان أو ناضر من العتم

                                                          ويروى : أو ضامر من العتم ، براقش وهيلان : موضعان ، وقيل : هما واديان باليمن كانا للأمم السالفة . والضرو : المحلب ، ويقال : حبة الخضراء ; وأنشد :


                                                          هنيئا لعود الضرو شهد يناله     على خضرات ، ماؤهن رفيف

                                                          أي له بريق ; أراد عود سواك من شجرة الضرو إذا استاكت به الجارية . قال أبو حنيفة : وأكثر منابت الضرو باليمن ، وقيل : الضرو البطم نفسه . ابن الأعرابي : الضرو والبطم الحبة الخضراء ; قال جارية بن بدر :


                                                          وكأن ماء الضرو في أنيابها [ ص: 42 ]     والزنجبيل على سلاف سلسل

                                                          قال أبو حنيفة : الضرو من شجر الجبال ، وهي مثل شجر البلوط العظيم ، له عناقيد كعناقيد البطم غير أنه أكبر حبا ويطبخ ورقه حتى ينضج ، فإذا نضج صفي ورقه ورد الماء إلى النار فيعقد ويصير كالقبيطى ، يتداوى به من خشونة الصدر ووجع الحلق . الجوهري : الضرو ، بالكسر ، صمغ شجرة تدعى الكمكام تجلب من اليمن . واضرورى الرجل اضريراء : انتفخ بطنه من الطعام واتخم . والضراء : أرض مستوية فيها السباع ونبذ من الشجر . والضراء : البراز والفضاء ، ويقال : أرض مستوية فيها شجر فإذا كانت في هبطة فهي غيضة . ابن شميل : الضراء المستوي من الأرض ، يقال : لأمشين لك الضراء ، قال : ولا يقال أرض ضراء ولا مكان ضراء . قال : ونزلنا بضراء من الأرض أي بأرض مستوية . وفي حديث معد يكرب : ( مشوا في الضراء ) ; والضراء ، بالفتح والمد : الشجر الملتف في الوادي . يقال : توارى الصيد منه في ضراء . وفلان يمشي الضراء إذا مشى مستخفيا فيما يواري من الشجر . واستضريت للصيد إذا ختلته من حيث لا يعلم . والضراء : ما واراك من الشجر وغيره ، وهو أيضا المشي فيما يواريك عمن تكيده وتختله . يقال : فلان لا يدب له الضراء ; قال بشر بن أبي خازم :


                                                          عطفنا لهم عطف الضروس من الملا     بشهباء ، لا يمشي الضراء رقيبها

                                                          ويقال للرجل إذا ختل صاحبه ومكر به : هو يدب له الضراء ويمشي له الخمر ; ويقال : لا أمشي له الضراء ولا الخمر أي أجاهره ولا أخاتله . والضراء : الاستخفاء . ويقال : ما وراك من أرض فهو الضراء ، وما واراك من شجر فهو الخمر . وهو يدب له الضراء إذا كان يختله . ابن شميل : ما واراك من شيء وادارأت به فهو خمر ، الوهدة خمر والأكمة خمر والجبل خمر والشجر خمر ، وما واراك فهو خمر . أبو زيد : مكان خمر إذا كان يغطي كل شيء ويواريه . وفي حديث علي - رضي الله عنه - : يمشون الخفاء ويدبون الضراء ، هو بالفتح وتخفيف الراء والمد : الشجر الملتف يريد به المكر والخديعة . والعرق الضاري : السائل ; قال الأخطل يصف خمرا بزلت :


                                                          لما أتوها بمصباح ومبزلهم     سارت إليهم سؤور الأبجل الضاري

                                                          والمبزل عند الخمارين : هي حديدة تغرز في زق الخمر إذا حضر المشتري ليكون أنموذجا للشراب ويشتريه حينئذ ، ويستعمل في الحضر في أسقية الماء وأوعيته ، يعالج بشيء له لولب كلما أدير خرج الماء ، فإذا أرادوا حبسه ردوه إلى موضعه فيحتبس الماء فكذلك المبزل ; وقال حميد :


                                                          نزيف ترى ردع العبير بجيبها     كما ضرج الضاري النزيف المكلما

                                                          أي المجروح . وقال بعضهم : الضاري السائل بالدم من ضرا يضرو ، وقيل : الضاري العرق الذي اعتاد الفصد ، فإذا حان حينه وفصد كان أسرع لخروج دمه ، قال : وكلاهما صحيح جيد ، وقد ضرا العرق . والضري : كالضاري ; قال العجاج :


                                                          لها ، إذا ما هدرت ، أتي     مما ضرا العرق به الضري

                                                          وعرق ضري : لا يكاد ينقطع دمه . الأصمعي : ضرا العرق يضروا ضروا ، فهو ضار إذا نزا منه الدم واهتز ونعر بالدم . قال ابن الأعرابي : ضرى يضري إذا سال وجرى ، قال : ونهى علي - رضي الله عنه - عن الشرب في الإناء الضاري ، قال : معناه السائل لأنه ينغص الشرب إلى شاربه . ابن السكيت : الشرف كبد نجد ، وكانت منازل الملوك من بني آكل المرار ، وفيها اليوم حمى ضرية . وفي حديث عثمان : كان الحمى حمى ضرية على عهده ستة أميال وضرية : امرأة سمي الموضع بها ، وهو بأرض نجد . قال أبو عبيدة : وضرية بئر ; وقال الشاعر :


                                                          فأسقاني ضرية خير بئر     تمج الماء والحب التؤاما

                                                          وفي الشرف الربذة . وضرية : موضع ; قال نصيب :


                                                          ألا يا عقاب الوكر ، وكر ضرية     سقيت الغوادي من عقاب ومن وكر

                                                          وضرية : قرية لبني كلاب على طريق البصرة إلى مكة ، وهي إلى مكة أقرب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية