الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5617 ) مسألة ; قال : ( وسواء خلا بها وهما محرمان ، أو صائمان ، أو حائض ، أو سالمان من هذه الأشياء ) اختلفت الرواية عن أحمد فيما إذا خلا بها ، وبهما أو بأحدهما مانع من الوطء ، كالإحرام والصيام والحيض والنفاس ، أو مانع حقيقي ، كالجب والعنة ، أو الرتق في المرأة ، فعنه أن الصداق يستقر بكل حال . وبه قال عطاء ، وابن أبي ليلى ، والثوري لعموم ما ذكرناه من الإجماع .

                                                                                                                                            وقال عمر في العنين : يؤجل سنة ، فإن هو غشيها ، وإلا أخذت الصداق كاملا ، وفرق بينهما ، وعليها العدة . ولأن التسليم المستحق عليها قد وجد ، وإنما الحيض والإحرام والرتق من غير جهتها ، فلا يؤثر في المهر ، كما لا يؤثر في إسقاط النفقة . وروي أنه لا يكمل به الصداق ، وهو قول شريح ، وأبي ثور ; لأنه لم يتمكن من تسلمها ، فلم تستحق عليه مهرا بمنعها ، كما لو منعت تسليم نفسها إليه يحققه أن المنع من التسليم لا فرق بين كونه من أجنبي أو من العاقد كالإجارة .

                                                                                                                                            وعن أحمد ، رواية ثالثة : إن كانا صائمين صوم رمضان ، لم يكمل الصداق ، وإن كان غيره ، كمل . قال أبو داود سمعت أحمد وسئل عن رجل دخل على أهله ، وهما صائمان في غير رمضان فأغلق الباب ، وأرخى الستر ؟ قال : وجب الصداق . قيل لأحمد فشهر رمضان ؟ قال : شهر رمضان خلاف لهذا . قيل له : فكان مسافرا في رمضان . قال : هذا مفطر يعني وجب الصداق . وهذا يدل على أنه متى كان المانع متأكدا ، كالإحرام وصوم رمضان ، لم يكمل الصداق .

                                                                                                                                            وقال القاضي : إن كان المانع لا يمنع دواعي الوطء ، كالجب ، والعنة ، والرتق ، والمرض ، والحيض ، والنفاس ، وجب الصداق ، وإن كان يمنع دواعيه ، كالإحرام ، وصيام الفرض ، فعلى روايتين . وقال أبو حنيفة : إن كان [ ص: 193 ] المانع من جهتها ، لم يستقر الصداق ، وإن كان من جهته ; صيام فرض أو إحرام ، لم يستقر الصداق ، وإن كان جبا أو عنة ، كمل الصداق ; لأن المانع من جهته وذلك لا يمنع وجود التسليم المستحق منها ، فكمل حقها ، كما يلزم الصغير نفقة امرأته إذا سلمت نفسها إليه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية