الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا ( 10 ) رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات )

يقول تعالى ذكره : أعد الله لهؤلاء القوم الذين عتوا عن أمر ربهم ورسله عذابا شديدا ، وذلك عذاب النار الذي أعده لهم في القيامة ( فاتقوا الله يا أولي الألباب ) يقول تعالى ذكره : فخافوا الله ، واحذروا سخطه بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه يا أولي العقول .

كما حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله : ( فاتقوا الله يا أولي الألباب ) قال : يا أولي العقول .

وقوله : ( الذين آمنوا ) يقول : الذين صدقوا الله ورسله .

وقوله : ( قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا ) اختلف أهل التأويل في المعني بالذكر والرسول في هذا الموضع ، فقال بعضهم : الذكر هو القرآن ، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله : ( قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا ) قال : الذكر : القرآن ، والرسول : محمد صلى الله عليه وسلم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله عز وجل : ( قد أنزل الله إليكم ذكرا ) قال : القرآن روح من الله ، وقرأ : ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) إلى آخر الآية ، وقرأ : [ ص: 468 ] ( قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا ) قال : القرآن ، وقرأ : ( إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم ) قال : بالقرآن ، وقرأ ( إنا نحن نزلنا الذكر ) قال : القرآن ، قال : وهو الذكر ، وهو الروح .

وقال آخرون : الذكر : هو الرسول .

والصواب من القول في ذلك أن الرسول ترجمة عن الذكر ، ذلك نصب لأنه مردود عليه على البيان عنه والترجمة .

فتأويل الكلام إذن : قد أنزل الله إليكم يا أولي الألباب ذكرا من الله لكم يذكركم به ، وينبهكم على حظكم من الإيمان بالله ، والعمل بطاعته ، رسولا يتلو عليكم آيات الله التي أنزلها عليه ( مبينات ) يقول : مبينات لمن سمعها وتدبرها أنها من عند الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية