الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن القشيري

                                                                                      الشيخ الإمام ، المفسر العلامة أبو نصر عبد الرحيم ابن الإمام شيخ الصوفية أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري ، النحوي المتكلم ، وهو الولد الرابع من أولاد الشيخ .

                                                                                      اعتنى به أبوه ، وأسمعه ، وأقرأه حتى برع في العربية والنظم والنثر والتأويل ، وكتب الكثير بأسرع خط ، وكان أحد الأذكياء ، لازم إمام [ ص: 425 ] الحرمين ، وحصل طريقة المذهب والخلاف ، وساد ، وعظم قدره ، واشتهر ذكره .

                                                                                      وحج ، فوعظ ببغداد ، وبالغ في التعصب للأشاعرة والغض من الحنابلة ، فقامت الفتنة على ساق ، واشتد الخطب ، وشمر لذلك أبو سعد أحمد بن محمد الصوفي عن ساق الجد ، وبلغ الأمر إلى السيف ، واختبطت بغداد ، وظهر مبادر البلاء ، ثم حج ثانيا ، وجلس ، والفتنة تغلي مراجلها ، وكتب ولاة الأمر إلى نظام الملك ليطلب أبا نصر بن القشيري إلى الحضرة إطفاء للنائرة ، فلما وفد عليه ، أكرمه وعظمه ، وأشار عليه بالرجوع إلى نيسابور ، فرجع ، ولزم الطريق المستقيم ، ثم ندب إلى الوعظ والتدريس ، فأجاب ، ثم فتر أمره ، وضعف بدنه ، وأصابه فالج ، فاعتقل لسانه إلا عن الذكر نحوا من شهر ، ومات .

                                                                                      سمع أبا حفص بن مسرور ، وأبا عثمان الصابوني ، وعبد الغافر الفارسي ، وأبا الحسين بن النقور ، وسعد بن علي الزنجاني ، وأبا القاسم المهرواني ، وعدة .

                                                                                      حدث عنه : سبطه أبو سعد عبد الله بن عمر بن الصفار ، وأبو الفتوح الطائي ، وخطيب الموصل أبو الفضل الطوسي ، وعبد الصمد بن علي النيسابوري ، وعدة ، وبالإجازة : أبو القاسم بن عساكر ، وأبو سعد السمعاني .

                                                                                      [ ص: 426 ] ذكره عبد الغافر في " سياقه " فقال : هو زين الإسلام أبو نصر عبد الرحيم ، إمام الأئمة ، وحبر الأمة ، وبحر العلوم ، وصدر القروم ، أشبههم بأبيه خلقا ، حتى كأنه شق منه شقا ، كمل في النظم والنثر ، وحاز فيهما قصب السبق ، ثم لزم إمام الحرمين ، فأحكم المذهب والأصول والخلاف ، ولازمه يقتدي به ، ثم خرج حاجا ، ورأى أهل بغداد فضله وكماله ، ووجد من القبول ما لم يعهد لأحد ، وحضر مجلسه الخواص ، وأطبقوا على أنهم ما رأوا مثله في تبحره . إلى أن قال : وبلغ الأمر في التعصب له مبلغا كاد أن يؤدي إلى الفتنة .

                                                                                      وقال أبو عمرو ابن الصلاح قال شيخنا أبو بكر القاسم بن الصفار : ولد أبي أبو سعد سنة ثمان وخمسمائة ، وسمع من جده وهو ابن أربع سنين أو أزيد ، والعجب أنه كتب بخطه الطبقة ، وحيي إلى سنة ستمائة .

                                                                                      مات أبو نصر في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة في عشر الثمانين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية