الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            56-إتحاف الفرقة برفو الخرقة .

            بسم الله الرحمن الرحيم .

            مسألة : أنكر جماعة من الحفاظ سماع الحسن البصري من علي بن أبي طالب [ رضي الله عنه ] وتمسك بهذا بعض المتأخرين ، فخدش به في طريق لبس الخرقة ، وأثبته جماعة وهو الراجح عندي ; لوجوه ، وقد رجحه أيضا الحافظ ضياء الدين المقدسي في المختارة ، فإنه قال الحسن بن أبي الحسن البصري عن علي ، وقيل : لم يسمع منه ، وتبعه على هذه العبارة الحافظ ابن حجر في أطراف المختارة .

            الوجه الأول : إن العلماء ذكروا في الأصول في وجوه الترجيح : أن المثبت مقدم على النافي ; لأن معه زيادة علم . الثاني : إن الحسن ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر باتفاق ، وكانت أمه خيرة مولاة أم سلمة رضي الله عنها ، فكانت أم سلمة تخرجه إلى الصحابة يباركون عليه ، وأخرجته إلى عمر ، فدعا له : اللهم فقهه في الدين ، وحببه إلى [ ص: 123 ] الناس ، ذكره الحافظ جمال الدين المزي في التهذيب ، وأخرجه العسكري في كتاب المواعظ بسنده ، وذكر المزي : أنه حضر يوم الدار وله أربع عشرة سنة ، ومن المعلوم أنه من حين بلغ سبع سنين أمر بالصلاة ، فكان يحضر الجماعة ، ويصلي خلف عثمان إلى أن قتل عثمان ، وعلي إذ ذاك بالمدينة ، فإنه لم يخرج منها إلى الكوفة إلا بعد قتل عثمان ، فكيف يستنكر سماعه منه وهو كل يوم يجتمع به في المسجد خمس مرات من حين ميز إلى أن بلغ أربع عشرة سنة ؟ وزيادة على ذلك أن عليا كان يزور أمهات المؤمنين ، ومنهن أم سلمة ، والحسن في بيتها هو وأمه .

            الوجه الثالث : إنه ورد عن الحسن ما يدل على سماعه منه ، أورد المزي في التهذيب من طريق أبي نعيم قال : ثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا ، ثنا أبو حنيفة محمد بن صفية الواسطي ، ثنا محمد بن موسى الجرشي ، ثنا ثمامة بن عبيدة ، ثنا عطية بن محارب عن يونس بن عبيد قال : سألت الحسن قلت : يا أبا سعيد ، إنك تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنك لم تدركه ، قال : يا ابن أخي ، لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، ولولا منزلتك مني ما أخبرتك أني في زمان كما ترى - وكان في عمل الحجاج - كل شيء سمعتني أقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عن علي بن أبي طالب ، غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر عليا .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية