الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضلع

                                                          ضلع : الضلع والضلع لغتان : محنية الجنب ، مؤنثة ، والجمع أضلع وأضالع وأضلاع وضلوع ; قال الشاعر :


                                                          وأقبل ماء العين من كل زفرة إذا وردت لم تستطعها الأضالع

                                                          وتضلع الرجل : امتلأ ما بين أضلاعه شبعا وريا ; قال ابن عناب الطائي :


                                                          دفعت إليه رسل كوماء جلدة     وأغضيت عنه الطرف حتى تضلعا

                                                          ودابة مضلع : لا تقوى أضلاعها على الحمل . وحمل مضلع : مثقل للأضلاع . والإضلاع : الإمالة . يقال : حمل مضلع أي مثقل ; قال الأعشى :


                                                          عنده البر والتقى وأسى الشق     ق وحمل لمضلع الأثقال

                                                          وداهية مضلعة : تثقل الأضلاع وتكسرها . والأضلع : الشديد القوي الأضلاع . واضطلع بالحمل والأمر : احتملته أضلاعه ; والضلع أيضا في قول سويد :


                                                          جعل الرحمن والحمد له     سعة الأخلاق فينا والضلع

                                                          القوة واحتمال الثقيل ; قاله الأصمعي . والضلاعة : القوة وشدة الأضلاع ، تقول منه : ضلع الرجل ، بالضم ، فهو ضليع . وفرس ضليع : تام الخلق مجفر الأضلاع غليظ الألواح كثير العصب . والضليع : الطويل الأضلاع الواسع الجنبين العظيم الصدر . وفي حديث مقتل أبي جهل : فتمنيت أن أكون بين أضلع منهما أي بين رجلين أقوى من الرجلين اللذين كنت بينهما وأشد ، وقيل : الضليع الطويل الأضلاع الضخم من أي الحيوان كان حتى من الجن . وفي الحديث أن عمر - رضي الله عنه - صارع جنيا فصرعه عمر ثم قال له : ما لذراعيك كأنهما ذراعا كلب ؟ يستضعفه بذلك ، فقال له الجني : أما إني منهم لضليع أي إني منهم لعظيم الخلق . والضليع : العظيم الخلق الشديد . يقال : ضليع بين الضلاعة ، والأضلع يوصف به الشديد الغليظ . ورجل ضليع الفم : واسعه عظيم أسنانه على التشبيه بالضلع . وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : ضليع الفم أي عظيمه ، وقيل : واسعه ; حكاه الهروي في الغريبين ، والعرب تحمد عظم الفم وسعته وتذم صغره ; ومنه قولهم في صفة منطقه - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه ، وذلك لرحب شدقيه . قال الأصمعي : قلت لأعرابي : ما الجمال ؟ فقال : غؤور العينين وإشراف الحاجبين ورحب الشدقين . وقال شمر في قوله ضليع الفم : أراد عظم الأسنان وتراصفها . ويقال : رجل ضليع الثنايا غليظها . ورجل أضلع : سنه شبيهة بالضلع ، وكذلك امرأة ضلعاء وقوم ضلع . وضلوع كل إنسان : أربع وعشرون ضلعا ، وللصدر منها اثنتا عشرة ضلعا تلتقي أطرافها في الصدر وتتصل أطراف بعضها ببعض ، وتسمى الجوانح ، وخلفها من الظهر الكتفان ، والكتفان بحذاء الصدر ، واثنتا عشرة [ ص: 55 ] ضلعا أسفل منها في الجنبين ، البطن بينهما لا تلتقي أطرافها ، على طرف كل ضلع منها شرسوف ، وبين الصدر والجنبين غضروف يقال له : الرهابة ، ويقال له : لسان الصدر ، وكل ضلع من أضلاع الجنبين أقصر من التي تليها إلى أن تنتهي إلى آخرتها ، وهي التي في أسفل الجنب يقال لها الضلع الخلف . وفي حديث غسل دم الحيض : ( حتيه بضلع ) ، بكسر الضاد وفتح اللام ، أي بعود ، والأصل فيه الضلع ضلع الجنب ، وقيل للعود الذي فيه انحناء وعرض : ضلع تشبيها بالضلع الذي هو واحد الأضلاع ، وهذه ضلع وثلاث أضلع ، قال ابن بري : شاهد الضلع ، بالفتح ، قول حاجب بن ذبيان :


                                                          هي الضلع العوجاء لست تقيمها     ألا إن تقويم الضلوع انكسارها

                                                          وشاهد الضلع ، بالتسكين ، قول ابن مفرغ :


                                                          ورمقتها فوجدتها     كالضلع ليس لها استقامه

                                                          ويقال : شرب فلان حتى تضلع أي انتفخت أضلاعه من كثرة الشرب ، ومثله : شرب حتى أون أي صار له أونان في جنبيه من كثرة الشرب . وفي حديث زمزم : ( فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع ) ; أي أكثر من الشرب حتى تمدد جنبه وأضلاعه . وفي حديث ابن عباس : أنه كان يتضلع من زمزم . والضلع : خط يخط في الأرض ثم يخط آخر ثم يبذر ما بينهما . وثياب مضلعة : مخططة على شكل الضلع ; قال اللحياني : هو الموشى ، وقيل : المضلع من الثياب المسير ، وقيل : هو المختلف النسج الرقيق ، وقال ابن شميل : المضلع الثوب الذي قد نسج بعضه وترك بعضه ، وقيل : برد مضلع إذا كانت خطوطه عريضة كالأضلاع . وتضليع الثوب : جعل وشيه على هيئة الأضلاع . وفي الحديث : أنه أهدي له - صلى الله عليه وسلم - ثوب سيراء مضلع بقز ; المضلع الذي فيه سيور وخطوط من الإبريسم أو غيره شبه الأضلاع . وفي حديث علي : وقيل له ما القسية ؟ قال : ( ثياب مضلعة فيها حرير أي فيها خطوط عريضة كالأضلاع ) . ابن الأعرابي : الضولع المائل بالهوى . والضلع من الجبل : شيء مستدق منقاد ، وقيل : هو الجبيل الصغير الذي ليس بالطويل ، وقيل : هو الجبيل المنفرد ، وقيل : هو جبل ذليل مستدق طويل ، يقال : انزل بتلك الضلع . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نظر إلى المشركين يوم بدر قال : ( كأني بكم يا أعداء الله مقتلين بهذه الضلع الحمراء ) قال الأصمعي : الضلع جبيل مستطيل في الأرض ليس بمرتفع في السماء . وفي حديث آخر : إن ضلع قريش عند هذه الضلع الحمراء أي ميلهم . والضلع . الحرة الرجيلة . والضلع : الجزيرة في البحر ، والجمع أضلاع ، وقيل : هو جزيرة بعينها . والضلع : الميل . وضلع عن الشيء ، بالفتح ، يضلع ضلعا ، بالتسكين : مال وجنف على المثل . وضلع عليه ضلعا : حاف . والضالع : الجائر . والضالع : المائل ; ومنه قيل : ضلعك مع فلان أي ميلك معه وهواك . ويقال : هم علي ضلع جائرة ، وتسكين اللام فيهما جائز . وفي حديث ابن الزبير : فرأى ضلع معاوية مع مروان أي ميله . وفي المثل : لا تنقش الشوكة بالشوكة فإن ضلعها معها أي ميلها ; وهو حديث أيضا يضرب لرجل يخاصم آخر فيقول : أجعل بيني وبينك فلانا لرجل يهوى هواه . ويقال : خاصمت فلانا فكان ضلعك علي أي ميلك . أبو زيد : يقال هم علي ألب واحد ، وصدع واحد ، وضلع واحد ، يعني اجتماعهم عليه بالعداوة . وفي الحديث : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال ; قال ابن الأثير : أي ثقل الدين ، قال : والضلع الاعوجاج ، أي يثقله حتى يميل صاحبه عن الاستواء والاعتدال لثقله . وفي حديث علي - كرم الله وجهه - : واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب أي يثقلك . والضلع ، بالتحريك : الاعوجاج خلقة يكون في المشي من الميل ; قال محمد بن عبد الله الأزدي :


                                                          وقد يحمل السيف المجرب ربه     على ضلع في متنه ، وهو قاطع

                                                          فإن لم يكن خلقة فهو الضلع ، بسكون اللام ، تقول منه : ضلع ، بالكسر ، يضلع ضلعا ، وهو ضلع . ورمح ضلع : معوج لم يقوم ; وأنشد ابن شميل :


                                                          بكل شعشاع كجذع المزدرع     فليقه أجرد كالرمح الضلع

                                                          يصف إبلا تناول الماء من الحوض بكل عنق كجذع الزرنوق ، والفليق : المطمئن في عنق البعير الذي فيه الحلقوم . وضلع السيف والرمح وغيرهما ضلعا ، فهو ضليع : اعوج . ولأقيمن ضلعك وصلعك أي عوجك . وقوس ضليع ومضلوعة : في عودها عطف وتقيوم وقد شاكل سائرها كبدها ; حكاه أبو حنيفة ; وأنشد للمتنخل الهذلي :


                                                          واسل عن الحب بمضلوعة     نوقها الباري ولم يعجل

                                                          وضليع : القوس . ويقال : فلان مضطلع بهذا الأمر أي قوي عليه ، وهو مفتعل من الضلاعة . قال : ولا يقال مطلع ، بالإدغام . وقال أبو نصر أحمد بن حاتم : يقال هو مضطلع بهذا الأمر ومطلع له ، فالاضطلاع من الضلاعة وهي القوة ، والاطلاع من العلو من قولهم : اطلعت الثنية أي علوتها أي هو عال لذلك الأمر مالك له . قال الليث : يقال : إني بهذا الأمر مضطلع ومطلع ، الضاد تدغم في التاء فتصيران طاء مشددة ، كما تقول اظنني أي اتهمني ، واظلم إذا احتمل الظلم . واضطلع الحمل أي احتمله أضلاعه . وقال ابن السكيت : يقال هو مضطلع بحمله أي قوي على حمله ، وهو مفتعل من الضلاعة ، قال : ولا يقال هو مطلع بحمله ; وروى أبو الهيثم قول أبي زبيد :


                                                          أخو المواطن عياف الخنى أنف     للنائبات ولو أضلعن مطلع

                                                          أضلعن : أثقلن وأعظمن ؛ مطلع : وهو القوي على الأمر المحتمل ; [ ص: 56 ] أراد مضطلع فأدغم ، هكذا رواه بخطه ، قال : ويروى مضطلع . وفي حديث علي - عليه السلام - في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما حمل فاضطلع بأمرك لطاعتك ; اضطلع افتعل من الضلاعة وهي القوة . يقال : اضطلع بحمله أي قوي عليه ونهض به . وفي الحديث : الحمل المضلع والشر الذي لا ينقطع إظهار البدع ; المضلع : المثقل كأنه يتكئ على الأضلاع ، ولو روي بالظاء من الظلع والغمز لكان وجها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية