الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ضلل

                                                          ضلل : الضلال والضلالة : ضد الهدى والرشاد ، ضللت تضل هذه اللغة الفصيحة ، وضللت تضل ضلالا وضلالة ; وقال كراع : وبنو تميم يقولون : ضللت أضل وضللت أضل ; وقال اللحياني : أهل الحجاز يقولون : ضللت أضل ، وأهل نجد يقولون : ضللت أضل ، قال وقد قرئ بهما جميعا قوله عز وجل : قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي ; وأهل العالية يقولون : ضللت ، بالكسر ، أضل ، وهو ضال تال ، وهي الضلالة والتلالة ; وقال الجوهري : لغة نجد هي الفصيحة . قال ابن سيده : وكان يحيى بن وثاب يقرأ كل شيء في القرآن ضللت وضللنا ، بكسر اللام ، ورجل ضال . قال : وأما قراءة من قرأ : ( ولا الضألين ) ، بهمز الألف ، فإنه كره التقاء الساكنين : الألف واللام فحرك الألف لالتقائهما فانقلبت همزة ; لأن الألف حرف ضعيف واسع المخرج لا يتحمل الحركة ، فإذا اضطروا إلى تحريكه قلبوه إلى أقرب الحروف إليه وهو الهمزة ; قال : وعلى ذلك ما حكاه أبو زيد من قولهم : شأبة ومأدة ; وأنشدوا :


                                                          يا عجبا لقد رأيت عجبا حمار قبان يسوق أرنبا     خاطمها زأمها أن تذهبا

                                                          يريد زامها . وحكى أبو العباس عن أبي عثمان عن أبي زيد قال : سمعت عمرو بن عبيد يقرأ : فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جأن ، بهمز جان ، فظننته قد لحن حتى سمعت العرب تقول : شأبة ومأدة ; قال أبو العباس : فقلت لأبي عثمان : أتقيس ذلك ؟ قال : لا ولا أقبله . وضلول : كضال ; قال :


                                                          لقد زعمت أمامة أن مالي     بني وأنني رجل ضلول

                                                          وأضله : جعله ضالا . وقوله تعالى : إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وقرئت : ( لا يهدى من يضل ) ; قال الزجاج : هو كما قال تعالى : من يضلل الله فلا هادي له . قال أبو منصور : والإضلال في كلام العرب ضد الهداية والإرشاد . يقال : أضللت فلانا إذا وجهته للضلال عن الطريق ; وإياه أراد لبيد :


                                                          من هداه سبل الخير اهتدى     ناعم البال ، ومن شاء أضل

                                                          قال لبيد هذا في جاهليته فوافق قوله التنزيل العزيز : يضل من يشاء ويهدي من يشاء ; قال أبو منصور : والأصل في كلام العرب وجه آخر يقال : أضللت الشيء إذا غيبته وأضللت الميت دفنته . وفي الحديث : سيكون عليكم أمة إن عصيتموهم ضللتم ; يريد بمعصيتهم الخروج عليهم وشق عصا المسلمين ; وقد يقع أضلهم في غير هذا الموضع على الحمل على الضلال والدخول فيه . وقوله في التنزيل العزيز : رب إنهن أضللن كثيرا من الناس ; أي ضلوا بسببها ; لأن الأصنام لا تفعل شيئا ولا تعقل ، وهذا كما تقول : قد أفتنتني هذه الدار أي افتتنت بسببها وأحببتها ; وقول أبي ذؤيب :


                                                          رآها الفؤاد فاستضل ضلاله     نيافا من البيض الكرام العطابل

                                                          قال السكري : طلب منه أن يضل فضل كما يقال جن جنونه ، ونيافا أي طويلة ، وهو مصدر ناف نيافا وإن لم يستعمل ، والمستعمل أناف ; وقال ابن جني : نيافا مفعول ثان لرآها ; لأن الرؤية هاهنا رؤية القلب لقوله رآها الفؤاد . ويقال : ضل ضلاله ، كما يقال : جن جنونه ; قال أمية :


                                                          لولا وثاق الله ضل ضلالنا     ولسرنا أنا نتل فنوأد

                                                          وقال أوس بن حجر :


                                                          إذا ناقة شدت برحل ونمرق     إلى حكم بعدي فضل ضلالها

                                                          وضللت المسجد والدار إذا لم تعرف موضعهما ، وضللت الدار والمسجد والطريق وكل شيء مقيم ثابت لا تهتدي له ، وضل هو عني ضلالا وضلالة ; قال ابن بري : قال أبو عمرو بن العلاء : إذا لم تعرف المكان قلت : ضللته ، وإذا سقط من يدك شيء قلت أضللته ; قال : يعني أن المكان لا يضل وإنما أنت تضل عنه ، وإذا سقطت الدراهم عنك فقد ضلت عنك ، تقول للشيء الزائل عن موضعه : قد أضللته ، وللشيء الثابت في موضعه إلا أنك لم تهتد إليه : ضللته ; قال الفرزدق :

                                                          [ ص: 57 ]

                                                          ولقد ضللت أباك يدعو دراما     كضلال ملتمس طريق وبار

                                                          وفي الحديث : ضالة المؤمن ; قال ابن الأثير : وهي الضائعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره . الجوهري : الضالة ما ضل من البهائم للذكر والأنثى ، يقال : ضل الشيء إذا ضاع ، وضل عن الطريق إذا جار ، قال : وهي في الأصل فاعلة ثم اتسع فيها فصارت من الصفات الغالبة ، وتقع على الذكر والأنثى والاثنين والجمع ، وتجمع على ضوال ; قال : والمراد بها في هذا الحديث الضالة من الإبل والبقر مما يحمي نفسه ويقدر على الإبعاد في طلب المرعى والماء بخلاف الغنم والضالة من الإبل : التي بمضيعة لا يعرف لها رب ، الذكر والأنثى في ذلك سواء . وسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ضوال الإبل فقال : ( ضالة المؤمن حرق النار ) ، وخرج جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سؤال السائل لأنه سأله عن ضوال الإبل فنهاه عن أخذها وحذره النار إن تعرض لها ، ثم قال - عليه السلام : ( ما لك ولها ، معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر ) ; أراد أنها بعيدة المذهب في الأرض طويلة الظمإ ، ترد الماء وترعى دون راع يحفظها فلا تعرض لها ودعها حتى يأتيها ربها ، قال : وقد تطلق الضالة على المعاني ، ومنه الكلمة الحكيمة : ضالة المؤمن ، وفي رواية : ضالة كل حكيم أي لا يزال يتطلبها كما يتطلب الرجل ضالته . وضل الشيء : خفي وغاب . وفي الحديث : ذروني في الريح لعلي أضل الله ) ; يريد أضل عنه أي أفوته ويخفى عليه مكاني ، وقيل : لعلي أغيب عن عذابه . يقال : ضللت الشيء وضللته إذا جعلته في مكان ولم تدر أين هو ، وأضللته إذا ضيعته . وضل الناسي إذا غاب عنه حفظ الشيء . ويقال : أضللت الشيء إذا وجدته ضالا كما تقول أحمدته وأبخلته إذا وجدته محمودا وبخيلا . ومنه الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى قومه فأضلهم أي وجدهم ضلالا غير مهتدين إلى الحق ، ومعنى الحديث من قوله تعالى : أئذا ضللنا في الأرض أي خفينا وغبنا . وقال ابن قتيبة في معنى الحديث : أي أفوته ، وكذلك في قوله : لا يضل ربي لا يفوته . والمضل : السراب ; قال الشاعر :


                                                          أعددت للحدثان كل فقيدة أنف     كلائحة المضل ، جرور

                                                          وأضله الله فضل ، تقول : إنك لتهدي الضال ولا تهدي المتضال . ويقال : ضلني فلان فلم أقدر عليه أي ذهب عني ; وأنشد :


                                                          والسائل المبتغي كرائمها     يعلم أني تضلني عللي

                                                          أي تذهب عني . ويقال : أضللت الدابة والدراهم وكل شيء ليس بثابت قائم مما يزول ولا يثبت . وقوله في التنزيل العزيز : لا يضل ربي ولا ينسى ; أي لا يضله ربي ولا ينساه ، وقيل : معناه لا يغيب عن شيء ولا يغيب عنه شيء . ويقال : أضللت الشيء إذا ضاع منك مثل الدابة والناقة وما أشبهها إذا انفلت منك ، وإذا أخطأت موضع الشيء الثابت مثل الدار والمكان قلت : ضللته وضللته ، ولا تقل : أضللته . قال محمد بن سلام : سمعت حماد بن سلمة يقرأ في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى ، فسألت عنها يونس فقال : يضل جيدة ، يقال : ضل فلان بعيره أي أضله ; قال أبو منصور : خالفهم يونس في هذا . وفي الحديث : لولا أن الله لا يحب ضلالة العمل ما رزأناكم عقالا قال ابن الأثير : أي بطلان العمل وضياعه مأخوذ من الضلال الضياع ; ومنه قوله تعالى : ضل سعيهم في الحياة الدنيا . وأضله أي أضاعه وأهلكه . وفي التنزيل العزيز : إن المجرمين في ضلال وسعر أي في هلاك . والضلال : النسيان . وفي التنزيل العزيز : ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ; أي تغيب عن حفظها أو يغيب حفظها عنها ، وقرئ ( إن تضل ) ، بالكسر ، فمن كسر إن قال : كلام على لفظ الجزاء ومعناه ; قال الزجاج : المعنى في إن تضل إن تنس إحداهما تذكرها الأخرى الذاكرة ، قال : وتذكر وتذكر رفع مع كسر إن لا غير ، ومن قرأ أن تضل إحداهما فتذكر ، وهي قراءة أكثر الناس ، قال : وذكر الخليل وسيبويه أن المعنى استشهدوا امرأتين لأن تذكر إحداهما الأخرى ومن أجل أن تذكرها ; قال سيبويه : فإن قال إنسان : فلم جاز أن تضل وإنما أعد هذا للإذكار ؟ فالجواب عنه أن الإذكار لما كان سببه الإضلال جاز أن يذكر أن تضل ; لأن الإضلال هو السبب الذي به وجب الإذكار ، قال : ومثله أعددت هذا أن يميل الحائط فأدعمه ، وإنما أعددته للدعم لا للميل ، ولكن الميل ذكر لأنه سبب الدعم كما ذكر الإضلال لأنه سبب الإذكار ، فهذا هو البين إن شاء الله . ومنه قوله تعالى : قال فعلتها إذا وأنا من الضالين وضللت الشيء : أنسيته . وقوله تعالى : وما كيد الكافرين إلا في ضلال ; أي يذهب كيدهم باطلا ويحيق بهم ما يريده الله تعالى : وأضل البعير والفرس : ذهبا عنه . أبو عمرو : أضللت بعيري إذا كان معقولا فلم تهتد لمكانه ، وأضللته إضلالا إذا كان مطلقا فذهب ولا تدري أين أخذ . وكل ما جاء من الضلال من قبلك قلت : ضللته ، وما جاء من المفعول به قلت : أضللته . قال أبو عمرو : وأصل الضلال الغيبوبة ، يقال : ضل الماء في اللبن إذا غاب ، وضل الكافر إذا غاب عن الحجة ، وضل الناسي إذا غاب عنه حفظه ، وأضللت بعيري وغيره إذا ذهب منك ، وقوله تعالى : أضل أعمالهم ; قال أبو إسحاق : معناه لم يجازهم على ما عملوا من خير ; وهذا كما تقول للذي عمل عملا لم يعد عليه نفعه قد ضل سعيك . ابن سيده : وإذا كان الحيوان مقيما قلت : قد ضللته كما يقال في غير الحيوان من الأشياء الثابتة التي لا تبرح ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ضل أباه فادعى الضلالا

                                                          وضل الشيء ضلالا : ضاع . وتضليل الرجل : أن تنسبه إلى الضلال . والتضليل : تصيير الإنسان إلى الضلال ; قال الراعي :


                                                          وما أتيت نجيدة بن عويمر     أبغي الهدى ، فيزيدني تضليلا

                                                          قال ابن سيده : هكذا قاله الراعي بالوقص ، وهو حذف التاء من متفاعلن ، فكرهت الرواة ذلك وروته : ولما أتيت ، على الكمال . والتضلال : كالتضليل . وضل فلان عن القصد إذا جار . ووقع في [ ص: 58 ] وادي تضلل وتضلل أي الباطل . قال الجوهري : وقع في وادي تضلل مثل تخيب وتهلك ، كله لا ينصرف . ويقال للباطل : ضل بتضلال ; قال عمرو بن شاس الأسدي :


                                                          تذكرت ليلى ، لات حين ادكارها     وقد حني الأضلاع ، ضل بتضلال

                                                          قال ابن بري : حكاه أبو علي عن أبي زيد ضلا بالنصب ; قال : ومثله للعجاج :


                                                          ينشد أجمالا ، وما من أجمال     يبغين إلا ضلة بتضلال

                                                          والضلضلة : الضلال . وأرض مضلة ومضلة : يضل فيها ولا يهتدى فيها للطريق . وفلان يلومني ضلة إذا لم يوفق للرشاد في عذله . وفتنة مضلة : تضل الناس ، وكذلك طريق مضل . الأصمعي : المضل والمضل الأرض المتيهة . غيره : أرض مضل تضل الناس فيها ، والمجهل كذلك . يقال : أخذت أرضا مضلة ومضلة ، وأخذت أرضا مجهلا مضلا ; وأنشد :


                                                          ألا طرقت صحبي عميرة إنها     لنا بالمروراة المضل ، طروق

                                                          وقال بعضهم : أرض مضلة ومزلة ، وهو اسم ، ولو كان نعتا كان بغير الهاء . ويقال : فلاة مضلة وخرق مضلة ، الذكر والأنثى والجمع سواء ، كما قالوا : الولد مبخلة ; وقيل : أرض مضلة ومضلة وأرضون مضلات ومضلات .أبو زيد : أرض متيهة ومضلة ومزلة من الزلق . ابن السكيت : قولهم : أضل الله ضلالك أي ضل عنك فذهب فلا تضل . قال : وقولهم : مل ملالك أي ذهب عنك حتى لا تمل . ورجل ضليل : كثير الضلال . ومضلل : لا يوفق لخير أي ضال جدا ، وقيل : صاحب غوايات وبطالات وهو الكثير التتبع للضلال . والضليل : الذي لا يقلع عن الضلالة ، وكان امرؤ القيس يسمى الملك الضليل والمضلل . وفي حديث علي وقد سئل عن أشعر الشعراء فقال : ( إن كان ولا بد فالملك الضليل ) ; يعني امرأ القيس ، كان يلقب به . والضليل ، بوزن القنديل : المبالغ في الضلال والكثير التتبع له . والأضلولة : الضلال ; قالكعب بن زهير :


                                                          كانت مواعيد عرقوب لها مثلا     وما مواعيدها إلا الأضاليل

                                                          وفلان صاحب أضاليل ، واحدتها أضلولة ، قال الكميت :


                                                          وسؤال الظباء عن ذي غد الأم     ر أضاليل من فنون الضلال

                                                          الفراء : الضلة ، بالضم الحذاقة بالدلالة في السفر . والضلة : الغيبوبة في خير أو شر . والضلة : الضلال . وقال ابن الأعرابي : أضلني أمر كذا وكذا أي لم أقدر عليه ; وأنشد :


                                                          إني ، إذا خلة تضيفني     يريد مالي ، أضلني عللي

                                                          أي فارقتني فلم أقدر عليها . ويقال للدليل الحاذق الضلاضل والضلضلة ; قاله ابن الأعرابي . وضل الشيء يضل ضلالا أي ضاع وهلك ، والاسم الضل ، بالضم ، ومنه قولهم : فلان ضل بن ضل أي منهمك في الضلال ، وقيل : هو الذي لا يعرف ولا يعرف أبوه ، وقيل : هو الذي لا خير فيه ، وقيل : إذا لم يدر من هو وممن هو ، وهو الضلال بن الألال والضلال بن فهلل وابن ثهلل ; كله بهذا المعنى . يقال : فلان ضل أضلال وصل أصلال ، بالضاد والصاد إذا كان داهية . وفي المثل : يا ضل ما تجري به العصا أي يا فقده ويا تلفه ! يقوله قصير بن سعد لجذيمة الأبرش حين صار معه إلى الزباء ، فلما صار في عملها ندم ، فقال له قصير : اركب فرسي هذا وانج عليه فإنه لا يشق غباره . وفعل ذلك ضلة أي في ضلال . وهو لضلة أي لغير رشدة ; عن أبي زيد . وذهب ضلة أي لم يدر أين ذهب . وذهب دمه ضلة : لم يثأر به . وفلان تبع ضلة ، مضاف ، أي لا خير فيه ولا خير عنده ; عن ثعلب وكذلك رواه ابن الكوفي ; وقال ابن الأعرابي : إنما هو تبع ضلة ، على الوصف ، وفسره بما فسره به ثعلب ; وقال مرة : هو تبع ضلة أي داهية لا خير فيه ، وقيل : تبع صلة ، بالصاد . وضل الرجل : مات وصار ترابا فضل فلم يتبين شيء من خلقه . وفي التنزيل العزيز : أئذا ضللنا في الأرض ; معناه أإذا متنا وصرنا ترابا وعظاما فضللنا في الأرض فلم يتبين شيء من خلقنا . وأضللته : دفنته ; قال المخبل :


                                                          أضلت بنو قيس بن سعد عميدها     وفارسها في الدهر قيس بن عاصم

                                                          وأضل الميت إذا دفن ، وروي بيت النابغة الذبياني يرثي النعمان بن الحارث بن أبي شمر الغساني :


                                                          فإن تحي لا أملل حياتي ، وإن تمت     فما في حياة بعد موتك طائل
                                                          فآب مضلوه بعين جلية     وغودر بالجولان حزم ونائل

                                                          يريد بمضليه دافنيه حين مات ، وقوله بعين جلية أي بخبر صادق أنه مات ، والجولان : موضع بالشام ، أي دفن بدفن النعمان الحزم والعطاء . وأضلت به أمه : دفنته ، نادر ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          فتى ، ما أضلت به أمه     من القوم ، ليلة لا مدعم

                                                          قوله لا مدعم أي لا ملجأ ولا دعامة . والضلل : الماء الذي يجري تحت الصخرة لا تصيبه الشمس ، يقال : ماء ضلل ، وقيل : هو الماء الذي يجري بين الشجر . وضلاضل الماء : بقاياه ، والصاد لغة ، واحدتها ضلضلة وصلصلة . وأرض ضلضلة وضلضلة وضلضل وضلضل وضلاضل : غليظة ; الأخيرة عن اللحياني ، وهي أيضا الحجارة التي يقلها الرجل ، وقال سيبويه : الضلضل مقصور عن الضلاضل . التهذيب : الضلضلة كل حجر قدر ما يقله الرجل أو فوق ذلك أملس يكون في بطون الأودية ; قال وليس في باب التضعيف كلمة تشبهها . الجوهري : الضلضلة ، بضم الضاد وفتح [ ص: 59 ] اللام وكسر الضاد الثانية ، حجر قدر ما يقله الرجل ، قال : وليس في الكلام المضاعف غيره ; وأنشد الأصمعي لصخر الغي :


                                                          ألست أيام حضرنا الأعزله     وبعد إذ نحن على الضلضله ؟

                                                          وقال الفراء : مكان ضلضل وجندل ، وهو الشديد ذو الحجارة ; قال : أرادوا ضلضيل وجنديل على بناء حمصيص وصمكيك فحذفوا الياء . الجوهري : الضلضل والضلضلة الأرض الغليظة ; عن الأصمعي ، قال : كأنه قصر الضلاضل . ومضلل ، بفتح اللام : اسم رجل من بني أسد ; وقال الأسود بن يعفر :


                                                          وقبلي مات الخالدان كلاهما :     عميد بني جحوان وابن المضلل

                                                          قال ابن بري : صواب إنشاده فقبلي ، بالفاء ; لأن قبله :


                                                          فإن يك يومي قد دنا ، وإخاله     كواردة يوما إلى ظمء منهل

                                                          والخالدان : هما خالد بن نضلة وخالد بن المضلل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية