الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من المنافع [من الأعيان] والمعاني، واستوفى الأرض بقسميها برا وبحرا، مضمنا ذلك العناصر الأربعة التي أسس عليها المركبات، وكان أعجب ما للمخلوق من الصنائع ما في البحر، وكان راكبه في حكم العدم، دل على أنه المتفرد بجميع ذلك بهلاك الخلق، فقال مستأنفا معبرا بالاسمية الدالة على الثبات وبـ "من" للدلالة على التصريح تهويلا بفناء العاقل [على فناء غير العاقل] بطريق الأولى: كل من عليها أي: الأرض بقسميها والسماء أيضا فان أي: هالك ومعدوم بالفعل بعد أن كان هو وغيره من سائر ما [سوى] إليه، وليس لذلك كله من ذاته إلا العدم، فهو فان بهذا الاعتبار، وإن كان موجودا فوجوده بين عدمين أولهما أنه لم يكن، [و]ثانيهما أنه يزول ثم هو فيما [بين] ذلك يتعاوره الإيجاد والإفناء في حين من أحواله وأعراضه وقواه، وأسباب الهلاك محيطة به حسا ومعنى وهو لا يراها كما أنها محيطة بمن هو في السفينة من فوقه ومن تحته ومن جميع جهاته.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية