الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما سلب عنهم القدرة على النفوذ المذكور تنبيها على سلب جميع القدرة عنهم وعلى أن ما يقدرون عليه إنما هو بتقديره لهم نعمة منه عليهم، ولما كان منهم من بلغ الغاية في قسوة القلب وجمود الفكر [ ص: 173 ] فهو يحيل العجز عن بعض الأمور إلى أنه لم يجر بذلك عادة، لا إلى أنه سبحانه المانع من ذلك، فعمهم شيء من ذلك سطوته فقال: يرسل عليكما أي أيها المعاندون، قال ابن عباس رضي الله عنهما: حين [تخرجون من القبور] بسوقكم إلى المحشر شواظ أي: لهب عظيم منتشر مع التضايق محيط بكم من كل جانب له صوت شديد كهيئة ذي الخلق الضيق الشديد النفس.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان الشواظ يطلق على اللهب الذي لا دخان فيه وعلى دخان النار وحرها وعلى غير ذلك، بينه بقوله: من نار ونحاس أي: دخان هو في غاية الفظاعة فيه شرر متطاير وقطر مذاب، قال ابن جرير: والعرب تسمي الدخان نحاسا بضم النون وكسرها، وأجمع القراء على ضمها - انتهى. وجرها أبو عمرو وابن كثير عطفا على نار ورفعه الباقون عطفا على شواظ

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان ذلك ممكنا عقلا وعادة، وكانوا عارفين بأنهم لو وقعوا في مثل ذلك لم يتخلصوا منه بوجه، سبب عنه قوله: فلا تنتصران قال ابن برجان : هذا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج عنق من نار فيقول بكل جبار عنيد فيلتقطهم من بين الجمع لقط الحمام حب السمسم، ويغشى المجرمين دخان جهنم من بين المؤمنين ولا يضرهم، وآية الشواظ [ ص: 174 ] وعنق النار هنالك صواعق ما هنا وبروقه والنار المعهودة" .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية