الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ألم تر إلى الذين نافقوا حكاية لما جرى بين الكفرة والمنافقين من الأقوال الكاذبة والأحوال الفاسدة وتعجيب منها بعد حكاية محاسن أحوال المؤمنين على اختلاف طبقاتهم . والخطاب لرسول الله عليه الصلاة والسلام أو لكل أحد ممن يصلح للخطاب والآية كما أخرج ابن إسحاق وابن المنذر وأبو نعيم عن ابن عباس في رهط من بني عوف منهم عبد الله بن أبي بن سلول ووديعة بن مالك وسويد وداعس بعثوا إلى بني النضير بما تضمنته الجمل المحكية بقوله تعالى : يقولون إلخ .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال السدي : أسلم ناس من بني قريظة والنضير وكان فيهم منافقون فبعثوا إلى بني النضير ما قص الله تعالى ، والمعول عليه الأول ، وقوله سبحانه : يقولون استئناف لبيان المتعجب منه ، وصيغة المضارع للدلالة على استمرار قولهم ، أو لاستحضار صورته ، واللام في قوله عز وجل : لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب للتبليغ والمراد بأخوتهم الأخوة في الدين واعتقاد الفكرة أو الصداقة ، وكثر جمع الأخ مرادا به ما ذكر على إخوان ، ومرادا به الأخوة في النسب على إخوة ، وقل خلاف ذلك ، واللام في قوله تعالى : لئن أخرجتم موطئة للقسم وقوله سبحانه لنخرجن معكم جواب القسم أي والله لئن أخرجتم من دياركم قسرا لنخرجن من ديارنا معكم البتة ونذهبن في صحبتكم أينما ذهبتم [ ص: 57 ]

                                                                                                                                                                                                                                      ولا نطيع فيكم في شأنكم أحدا يمنعنا من الخروج معكم وهو لدفع أن يكونوا وعدوهم الخروج بشرط أن يمنعوا منه أبدا وإن طال الزمان ، وقيل : لا نطيع في قتالكم أو خذلانكم ، قال في الإرشاد : وليس بذاك لأن تقدير القتال مترقب بعد ، ولأن وعدهم لهم على ذلك التقدير ليس مجرد عدم طاعتهم لمن يدعوهم إلى قتالهم بل نصرتهم عليه كما ينطق به قوله تعالى : وإن قوتلتم لننصرنكم أي لنعاوننكم على عدوكم على أن دعوتهم إلى خذلان اليهود مما لا يمكن صدوره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين حتى يدعوا عدم طاعتهم فيها ضرورة أنها لو كانت لكانت عند استعدادهم لنصرتهم وإظهار كفرهم ، ولا ريب في أن ما يفعله عليه الصلاة والسلام عند ذلك قتلهم لا دعوتهم إلى ترك نصرتهم ، وأما الخروج معهم فليس بهذه المرتبة من إظهار الكفر لجواز أن يدعوا أن خروجهم معهم لما بينهم من الصداقة الدنيوية لا للموافقة في الدين ، ونوقش في ذلك ، وجواب " إن " محذوف ، و لننصرنكم جواب قسم محذوف قبل " إن " الشرطية ، وكذا يقال فيما بعد على ما هو القاعدة المشهورة فيما إذا تقدم القسم على الشرط والله يشهد إنهم لكاذبون في مواعيدهم المؤكدة بالأيمان ،

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية