الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) قال لمدينه أنفق على اليتيم الفلاني كل يوم درهما من ديني الذي عليك ففعل صح وبرئ على ما قاله بعضهم أخذا مما يأتي في إذن المؤجر للمستأجر في الصرف في العمارة وإذن القاضي للمالك في هرب عامل المساقاة والجمال ومما لو اختلع زوجته وأذن لها في إنفاقه على ولدها ومما نقله الأذرعي عن الماوردي وغيره عن ابن سريج أنه لو وكل مدينه في شراء كذا من جملة دينه صح وبرئ الوكيل مما دفعه ويوافقه قول القاضي لو أمر مدينه أن يشتري له بدينه طعاما ففعل ودفع الثمن وقبض الطعام فتلف في يده برئ من الدين فصار كأنه وكيل البائع تقديرا في قبض ما في ذمة مدينه ، وإن لم يكن البائع معينا كما لوأمرت زوجها أن يكيل نفقتها ويدفعها للطحان فهو من جهتها كالوكيل ، وإن لم يكن معينا .

                                                                                                                              ومن ثم لو قال أطعم عن كفارتي عشرة أمداد ووصفها جاز وإن لم يعين المساكين ولا ينافي ذلك قولهم لو قال لمدينه أسلم ديني في كذا لم يصح لأنهم ضيقوا في السلم لكونه محض غرر فلم يكتفوا فيه بالقبض الضمني ونحوه من الأمور التقديرية ولك أن تقول هذا كله لا دلالة فيه لما قاله ذلك في البعض ؛ لأن القابض في مسألتنا ليس أهلا للقبض إذ اليتيم صغير لا أب له ويؤيد ذلك قول ابن الرفعة في مسألة العمارة وكأنهم جعلوا القابض من المستأجر وإن لم يكن معينا كالوكيل عن الآخر وكالة ضمنية وقول القاضي وصار كأنه وكيل البائع إلى آخره وقوله : إن الطحان صار من جهتها كالوكيل فالوجه في مسألة اليتيم أن المدين لا يبرأ ؛ لأن ما في الذمة لا يتعين إلا بقبض صحيح ، وفي الروضة لو وكل عمرو رجلا في قبض دينه من زيد فقال زيد : له خذ هذا ، أو اقض به دين عمرو ، أو ادفعه إليه صار وكيلا لزيد . ا هـ .

                                                                                                                              وفرع القاضي على كونه وكيلا لزيد أنه لو قال لعمرو وعند إعطائه احفظ لي هذا فتلف عند عمرو وكان من ضمان زيد وبحث القمولي أنه من ضمان الدافع لعمرو والأزرق أنه من ضمان عمرو ويؤيد الدفع لعمرو [ ص: 354 ] لا في استحفاظه فكان به متعديا قول الأنوار لو دفع دينارا لآخر ليدفعه لغريمه فدفعه إليه وقال احفظه لي فهلك عنده كان من ضمان الدافع لا الغريم نعم إن اعترف عمرو أن المال لغير دافعه ضمنه أيضا والقرار عليه كما هو ظاهر لانتفاء كون الواضع غره حينئذ .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : صح وبرئ ) ستأتي منازعة الشارح في هذه الصورة بعدم صحة قبض اليتيم والمنازعة متجهة م ر ( قوله ومما لو اختلع زوجته . إلخ ) الوجه في مسألة الخلع ونحوها كالتي بعدها خلاف ما نقله عن القاعدة في امتناع اتحاد القابض والمقبض ، وأما مسألة القاضي فقد يقال القاضي لا يقاس عليه ، وأما إذن المؤجر في العمارة فهو مستثنى لمصلحة بقاء عقد الإجارة ببقاء العين بسبب عمارتها والشارع ناظر لبقاء العقود م ر

                                                                                                                              ( قوله : صار وكيلا ) أي صار الرجل وكيلا وكذا الضمير في كونه ، وفي أنه وفى قال يرجع إليه وقوله : لا في استحفاظه أي عمرو ش ( قوله : [ ص: 354 ] لا في استحفاظه ) من إضافة المصدر إلى المفعول



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : صح وبرئ ) ستأتي منازعة الشارح في هذه الصورة لعدم صحة قبض اليتيم والمنازعة متجهة م ر . ا هـ . سم ( قوله والجمال ) عطف على عامل . إلخ ( قوله : ومما لو اختلع . إلخ ) الوجه في مسألة الخلع ونحوها كالتي بعدها أنه خلاف ما نقله عن القاعدة في امتناع اتحاد القابض والمقبض ، وأما مسألة إذن القاضي فقد يقال القاضي لا يقاس عليه ، وأما إذن المؤجر في العمارة فهو مستثنى لمصلحة بقاء عقد الإجارة ببقاء العين بسبب عمارتها والشارع ناظر لبقاء العقود م ر . ا هـ . سم ( قوله : وغيره ) أي غير الأذرعي ( قوله ويوافقه . إلخ ) أي ما نقله الأذرعي . إلخ ( قوله : وصار كأنه . إلخ ) أي الدائن الآمر ( قوله : فهو ) أي الطحان ( قوله : من جهتها ) الأسبك تأخيره عن كالوكيل ( قوله : ولا ينافي ذلك ) أي قول القاضي لو أمر مدينه . إلخ ( قوله : لأنهم ضيقوا . إلخ ) تعليل لعدم المنافاة ( قوله : هذا كله ) أي قوله : ما يأتي في إذن المؤجر إلى قوله : ولا ينافي ذلك ولا يخفى أن الولد في مسألة الخلع إذا كان الولد فيها محجورا عليه كما هو المتبادر هي من قبيل ما قاله البعض ( قوله : ويؤيد ذلك ) أي عدم الدلالة ( قوله عن الآخر ) أي المؤجر ( قوله : وقول القاضي ) و ( قوله : وقوله ) أي القاضي عطف على قول ابن الرفعة ( قوله : في مسألة اليتيم ) وقد مر أن مثلها مسألة الخلع إذا كان الولد صغيرا ، أو مجنونا ( قوله : القابض ) أي من البناء والعمل ( قوله : صار وكيلا ) أي صار الرجل وكيلا وكذا الضمير في كونه ، وفي أنه وفى قال يرجع إليه سم

                                                                                                                              ( قوله : إن المدين لا يبرأ . إلخ ) الظاهر أخذا مما مر في باب الضمان أنه يرجع على دائنه الآمر بالإنفاق ويتقاصان بشرطه فليراجع ( قوله : إلا بقبض صحيح ) أي وقبض اليتيم ليس بصحيح ( قوله : والأزرق ) عطف على القمولي ( قوله بحث القمولي ) مفعول يؤيد وقوله : قول الأنوار فاعله وقوله : الأوجه صفة بحث القمولي وقوله : لأن الدافع . إلخ علة لأوجهية بحث القمولي من بحث [ ص: 354 ] الأزرق وتفريع القاضي ( قوله : لا في استحفاظه ) من إضافة المصدر إلى المفعول أي عمرو . ا هـ . سم ( قوله : فكان ) أي الدافع ( به ) أي بسبب الاستحفاظ ( قوله : القرار عليه ) أي على عمرو ، ظاهره وإن لم يقصر في الحفظ ( قوله : كون الواضع ) الظاهر الدافع . ا هـ . سيد عمر




                                                                                                                              الخدمات العلمية