الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين )

                                                                                                                                                                                                                                            وفيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : في المحادة قولان : قال المبرد : أصل المحادة الممانعة ، ومنه يقال للبواب : حداد ، وللممنوع الرزق محدود .

                                                                                                                                                                                                                                            قال أبو مسلم الأصفهاني : المحادة مفاعلة من لفظ الحديد ، والمراد المقابلة بالحديد سواء كان ذلك في الحقيقة أو كان ذلك منازعة شديدة شبيهة بالخصومة بالحديد ، أما المفسرون فقالوا : يحادون أي يعادون ويشاقون ، وذلك تارة بالمحاربة مع أولياء الله ، وتارة بالتكذيب والصد عن دين الله .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : الضمير في قوله : ( يحادون ) يمكن أن يكون راجعا إلى المنافقين ، فإنهم كانوا يوادون [ ص: 229 ] الكافرين ويظاهرون على الرسول عليه السلام ، فأذلهم الله تعالى ، ويحتمل سائر الكفار ، فأعلم الله رسوله أنهم ( كبتوا ) أي خذلوا ، قال المبرد : يقال : كبت الله فلانا إذا أذله ، والمردود بالذل يقال له : مكبوت ، ثم قال : ( كما كبت الذين من قبلهم ) من أعداء الرسل ( وقد أنزلنا آيات بينات ) تدل على صدق الرسول : ( وللكافرين ) بهذه الآيات ( عذاب مهين ) يذهب بعزهم وكبرهم ، فبين سبحانه أن عذاب هؤلاء المحادين في الدنيا الذل والهوان ، وفي الآخرة العذاب الشديد .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم ذكر تعالى ما به يتكامل هذا الوعيد فقال :

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية