فإن للورع في حق السلاطين أربع درجات .
الدرجة الأولى أن لا يأخذ من أموالهم شيئا أصلا كما فعله الورعون منهم ، وكما كان يفعله الخلفاء الراشدون حتى أن رضي الله عنه حسب جميع ما كان أخذه من بيت المال فبلغ ستة آلاف درهم فغرمها لبيت المال وحتى أن أبا بكر رضي الله عنه كان يقسم مال بيت المال يوما ، فدخلت ابنة له وأخذت درهما من المال فنهض عمر في طلبها حتى سقطت الملحفة من أحد منكبيه ودخلت الصبية إلى بيت أهلها تبكي وجعلت الدرهم في فيها فأدخل عمر إصبعه فأخرجه من فيها وطرحه على الخراج ، وقال : أيها الناس ليس عمر ولا لآل لعمر إلا ما للمسلمين قريبهم وبعيدهم . عمر
وكسح بيت المال فوجد درهما فمر بني أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فأعطاه إياه فرأى لعمر ذلك في يد الغلام فسأله عنه ، فقال أعطانيه : أبو موسى فقال عمر
يا أبا موسى : ما كان في أهل المدينة بيت أهون عليك من آل ، أردت أن لا يبقى من أمة عمر محمد صلى الله عليه وسلم أحد إلا طلبنا بمظلمة ، ورد الدرهم إلى بيت المال .
هذا مع أن المال كان حلالا ولكن خاف أن لا يستحق هو ذلك القدر ، فكان يستبرئ لدينه ويقتصر على الأقل امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
ولقوله . ومن تركها : فقد استبرأ لعرضه ودينه
ولما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من التشديدات في الأموال السلطانية حتى قال صلى الله عليه وسلم حين بعث إلى الصدقة اتق الله يا عبادة بن الصامت أبا الوليد لا تجيء يوم القيامة ببعير تحمله على رقبتك له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة لها ثؤاج فقال : يا رسول الله ، أهكذا يكون ؟ قال : نعم ، والذي نفسي بيده إلا من رحم الله .
قال فوالذي بعثك بالحق لا أعمل على شيء أبدا .
درجات الورع في حق السلاطين
التالي
السابق
( فإن للورع في حق السلاطين أربع درجات
الدرجة الأولى أن لا يأخذ من مالهم شيئا أصلا ) جل أو قل، (كما فعله الورعون منهم، وكما كان يفعله الخلفاء الراشدون حتى إن أبا بكر رضي الله عنه) يروى عنه أنه (حسب جميع ما كان يأخذه من مال بيت المال فبلغ ستة آلاف درهم فغرمها لبيت المال) ، وردها إليه، (وحتى أن ) رضي الله عنه (كان يقسم مال بيت المال، فدخلت ابنة له) ، وكان يحبها حبا شديدا، (فأخذت درهما من المال فنهض عمر ) رضي الله عنه (في طلبها حتى سقطت الملحفة) ، وهي الرداء (عن أحد منكبيه) لاستعجاله، (ودخلت الصبية إلى بيت أهلها) فزعة (تبكي وجعلت الدرهم في فيها) أي: فمها حرصا عليه، (فأدخل عمر أصبعه فأخرجه من فيها وطرحه على الخراج، وقال: أيها الناس ليس عمر ولا لآل لعمر إلا ما للمسلمين قريبهم وبعيدهم) هذا وهو أمير المؤمنين وله في بيت المال حق ثابت . عمر
(وكسح ) رضي الله عنه (بيت المال) بعد تقسيم ما فيه على المستحقين (فوجد درهما فمر بني) تصغير ابن ( أبو موسى الأشعري ) رضي الله عنه (فأعطاه لعمر أبو موسى الدرهم) المذكور، (فرأى في يد الغلام الدرهم فسأله عنه، فقال: أعطاني أبو موسى) الأشعري (فقال: يا عمر أبا موسى ما كان في أهل المدينة بيت أهون عليك من آل ، أردت أن لا يبقى من أمة عمر محمد ) صلى الله عليه وسلم (أحد إلا طلبنا بمظلمة، ورد الدرهم إلى بيت المال، هذا مع أن المال كان حلالا) ; لأنه كان مال الغنائم والفيء، (ولكن خاف أن لا يستحق هو ذلك القدر، فكان يستبرئ لدينه) أي: بطلب براءته، (ويقتصر على الأقل امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) ، تقدم مرارا (لقوله صلى الله عليه وسلم: ) ، وهو جزء من حديث من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، وقد تقدم شرحه والرواية: المشبهات، وفي أخرى المشتبهات، (ولما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من التشديدات) والزواجر (في الأموال السلطانية حتى) أنه (قال حين بعث) أبا الوليد (عبادة بن الصامت) بن قيس الأنصاري الخزرجي المدني أحد النقباء بدري مشهور، وكان طوله عشرة أشبار، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين عن اثنين وسبعين سنة (إلى الصدقة) ، أي: واليا يتولى قبضها من أربابها: (اتق الله يا النعمان بن بشير أبا عبد الوليد ) ودعاه بالكنية ترحما (لا تجيء) ، وفي رواية: لا تأتي، قال : لا مزيدة، أو أصلها لئلا تأتي بحذف اللام (يوم القيامة ببعير تحمله على رقبتك) هو ظرف وقع حالا من الضمير في تأتي مستعليا رقبتك بعير (له رغاء) بالضم أي: تصويت، (وبقرة لها خوار) بالضم كذلك، (وشاة تيعر) وفي نسخة: لها ثؤاج بالضم، صوت الغنم، (قال: يا رسول الله، أهكذا يكون؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده) ، أي: في قبضة قدرته، (إلا من رحم الله) وتجاوز عنه. (قال) الزمخشري عبادة : (فوالذي بعثك بالحق لا أعمل على شيء أبدا) ، كذا في النسخ، والصواب على اثنين أبدا، أي: لا ألي الحكم على اثنين، ولا أقوم على أحد، وهذا دليل على كراهة الإمارة التي كان فيها مثل عبادة ونحوه من صالحي الأنصاري وأشراف المهاجرين، فإذا كان حال هؤلاء الذين ارتضاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للولاية وخصهم بها، فما الظن بالولاية بعد ذلك، قال العراقي : رواه في المسند من حديث الشافعي مرسلا طاووس في المعجم من حديث وأبي يعلى مختصرا أنه قاله ابن عمر ، وإسناده صحيح اهـ . لسعد بن عبادة
قلت: وأخرجه في الكبير هكذا من حديث الطبراني عبادة ، ورجاله رجال الصحيح، قاله الهيتمي ، وأما حديث فقد أخرجه أيضا ابن عمر ابن جرير ، ولفظه: والحاكم سعد إياك أن تجيء يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء . يا
الدرجة الأولى أن لا يأخذ من مالهم شيئا أصلا ) جل أو قل، (كما فعله الورعون منهم، وكما كان يفعله الخلفاء الراشدون حتى إن أبا بكر رضي الله عنه) يروى عنه أنه (حسب جميع ما كان يأخذه من مال بيت المال فبلغ ستة آلاف درهم فغرمها لبيت المال) ، وردها إليه، (وحتى أن ) رضي الله عنه (كان يقسم مال بيت المال، فدخلت ابنة له) ، وكان يحبها حبا شديدا، (فأخذت درهما من المال فنهض عمر ) رضي الله عنه (في طلبها حتى سقطت الملحفة) ، وهي الرداء (عن أحد منكبيه) لاستعجاله، (ودخلت الصبية إلى بيت أهلها) فزعة (تبكي وجعلت الدرهم في فيها) أي: فمها حرصا عليه، (فأدخل عمر أصبعه فأخرجه من فيها وطرحه على الخراج، وقال: أيها الناس ليس عمر ولا لآل لعمر إلا ما للمسلمين قريبهم وبعيدهم) هذا وهو أمير المؤمنين وله في بيت المال حق ثابت . عمر
(وكسح ) رضي الله عنه (بيت المال) بعد تقسيم ما فيه على المستحقين (فوجد درهما فمر بني) تصغير ابن ( أبو موسى الأشعري ) رضي الله عنه (فأعطاه لعمر أبو موسى الدرهم) المذكور، (فرأى في يد الغلام الدرهم فسأله عنه، فقال: أعطاني أبو موسى) الأشعري (فقال: يا عمر أبا موسى ما كان في أهل المدينة بيت أهون عليك من آل ، أردت أن لا يبقى من أمة عمر محمد ) صلى الله عليه وسلم (أحد إلا طلبنا بمظلمة، ورد الدرهم إلى بيت المال، هذا مع أن المال كان حلالا) ; لأنه كان مال الغنائم والفيء، (ولكن خاف أن لا يستحق هو ذلك القدر، فكان يستبرئ لدينه) أي: بطلب براءته، (ويقتصر على الأقل امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) ، تقدم مرارا (لقوله صلى الله عليه وسلم: ) ، وهو جزء من حديث من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، وقد تقدم شرحه والرواية: المشبهات، وفي أخرى المشتبهات، (ولما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من التشديدات) والزواجر (في الأموال السلطانية حتى) أنه (قال حين بعث) أبا الوليد (عبادة بن الصامت) بن قيس الأنصاري الخزرجي المدني أحد النقباء بدري مشهور، وكان طوله عشرة أشبار، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين عن اثنين وسبعين سنة (إلى الصدقة) ، أي: واليا يتولى قبضها من أربابها: (اتق الله يا النعمان بن بشير أبا عبد الوليد ) ودعاه بالكنية ترحما (لا تجيء) ، وفي رواية: لا تأتي، قال : لا مزيدة، أو أصلها لئلا تأتي بحذف اللام (يوم القيامة ببعير تحمله على رقبتك) هو ظرف وقع حالا من الضمير في تأتي مستعليا رقبتك بعير (له رغاء) بالضم أي: تصويت، (وبقرة لها خوار) بالضم كذلك، (وشاة تيعر) وفي نسخة: لها ثؤاج بالضم، صوت الغنم، (قال: يا رسول الله، أهكذا يكون؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده) ، أي: في قبضة قدرته، (إلا من رحم الله) وتجاوز عنه. (قال) الزمخشري عبادة : (فوالذي بعثك بالحق لا أعمل على شيء أبدا) ، كذا في النسخ، والصواب على اثنين أبدا، أي: لا ألي الحكم على اثنين، ولا أقوم على أحد، وهذا دليل على كراهة الإمارة التي كان فيها مثل عبادة ونحوه من صالحي الأنصاري وأشراف المهاجرين، فإذا كان حال هؤلاء الذين ارتضاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للولاية وخصهم بها، فما الظن بالولاية بعد ذلك، قال العراقي : رواه في المسند من حديث الشافعي مرسلا طاووس في المعجم من حديث وأبي يعلى مختصرا أنه قاله ابن عمر ، وإسناده صحيح اهـ . لسعد بن عبادة
قلت: وأخرجه في الكبير هكذا من حديث الطبراني عبادة ، ورجاله رجال الصحيح، قاله الهيتمي ، وأما حديث فقد أخرجه أيضا ابن عمر ابن جرير ، ولفظه: والحاكم سعد إياك أن تجيء يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء . يا