الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5694 ) فصل : وللزوج إجبار زوجته على الغسل من الحيض والنفاس ، مسلمة كانت أو ذمية ، حرة كانت أو مملوكة ; لأنه يمنع الاستمتاع الذي هو حق له ، فملك إجبارها على إزالة ما يمنع حقه . وإن احتاجت إلى شراء الماء فثمنه عليه ; لأنه لحقه . وله إجبار المسلمة البالغة على الغسل من الجنابة ; لأن الصلاة واجبة عليها ، ولا تتمكن منها إلا بالغسل . فأما الذمية ، ففيها روايتان ; : إحداهما ، له إجبارها عليه ; لأن كمال الاستمتاع يقف عليه ، فإن النفس تعاف من لا يغتسل من جنابة . والثانية ، ليس له إجبارها عليه . وهو قول مالك والثوري ; لأن الوطء لا يقف عليه ، فإنه مباح بدونه ; وللشافعي قولان كالروايتين .

                                                                                                                                            وفي إزالة الوسخ والدرن وتقليم الأظفار وجهان ; بناء على الروايتين في غسل الجنابة . وتستوي في هذا المسلمة والذمية ، لاستوائهما في حصول النفرة ممن ذلك حالها . وله إجبارها على إزالة شعر العانة ، إذا خرج عن العادة ، رواية واحدة . ذكره القاضي . وكذلك الأظفار . وإن طالا قليلا ، بحيث تعافه النفس ، ففيه وجهان . وهل له منعها من أكل ما له رائحة كريهة ، كالبصل والثوم والكرات ؟ على وجهين ; أحدهما ، له منعها من ذلك ; لأنه يمنع القبلة ، وكمال الاستمتاع . والثاني ، ليس له منعها منه ; لأنه لا يمنع الوطء . وله منعها من السكر وإن كانت ذمية ; لأنه يمنع الاستمتاع بها ، فإنه يزيل عقلها ، ويجعلها كالزق المنفوخ ، ولا يأمن أن تجني عليه .

                                                                                                                                            وإن أرادت شرب ما لا يسكرها ، فله منع المسلمة ; لأنهما يعتقدان تحريمه ، وإن كانت ذمية لم يكن له منعها منه . نص عليه أحمد ; لأنها تعتقد إباحته في دينها . وله إجبارها على غسل فمها منه ومن سائر النجاسات ليتمكن من الاستمتاع بفيها . ويتخرج أن يملك منعها منه ; لما فيه من الرائحة الكريهة ، وهو كالثوم . وهكذا الحكم لو تزوج مسلمة تعتقد إباحة يسير النبيذ ، هل له منعها منه ؟ على وجهين . ومذهب الشافعي على نحو من هذا الفصل كله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية