الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل وفي هذا الشهر بعينه وهو صفر من السنة الرابعة كانت وقعة بئر معونة ، وملخصها أن أبا براء عامر بن مالك المدعو ملاعب الأسنة قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، فدعاه إلى الإسلام ، فلم يسلم ، ولم يبعد ، فقال : يا رسول الله لو بعثت أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى دينك لرجوت أن يجيبوهم . فقال : ( إني أخاف عليهم أهل نجد ) فقال أبو براء : أنا جار لهم ، فبعث معه أربعين رجلا في قول ابن إسحاق . وفي الصحيح " أنهم كانوا سبعين " والذي في الصحيح هو الصحيح . وأمر عليهم المنذر بن عمرو - أحد بني ساعدة الملقب بالمعنق ليموت - وكانوا من خيار المسلمين وفضلائهم وساداتهم وقرائهم ، فساروا حتى نزلوا بئر معونة ، وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم ، فنزلوا هناك ، ثم بعثوا حرام بن ملحان أخا أم سليم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل ، فلم ينظر فيه ، وأمر رجلا فطعنه بالحربة من خلفه ، فلما أنفذها فيه ورأى الدم قال : ( فزت ورب الكعبة ) ، ثم استنفر عدو الله لفوره بني عامر إلى قتال الباقين ، فلم يجيبوه لأجل جوار أبي براء [ ص: 222 ] فاستنفر بني سليم ، فأجابته عصية ورعل وذكوان ، فجاءوا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد بن النجار ، فإنه ارتث بين القتلى ، فعاش حتى قتل يوم الخندق ، وكان عمرو بن أمية الضمري ، والمنذر بن عقبة بن عامر في سرح المسلمين ، فرأيا الطير تحوم على موضع الوقعة ، فنزل المنذر بن محمد ، فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه ، وأسر عمرو بن أمية الضمري ، فلما أخبر أنه من مضر جز عامر ناصيته وأعتقه عن رقبة كانت على أمه ، ورجع عمرو بن أمية ، فلما كان بالقرقرة من صدر قناة نزل في ظل شجرة ، وجاء رجلان من بني كلاب فنزلا معه ، فلما ناما ، فتك بهما عمرو وهو يرى أنه قد أصاب ثأرا من أصحابه ، وإذا معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشعر به ، فلما قدم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فعل فقال : ( لقد قتلت قتيلين لأدينهما )

التالي السابق


الخدمات العلمية