الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا

                                                                                                                                                                                                                                      4 - وآتوا النساء صدقاتهن مهورهن نحلة من نحله كذا: إذا أعطاه إياه، ووهبه له عن طيبة من نفسه، نحلة ونحلا، وانتصابها على المصدر; لأن النحلة والإيتاء بمعنى الإعطاء، فكأنه قال: وانحلوا النساء صدقاتهن نحلة، أي: أعطوهن مهورهن عن طيبة أنفسكم، أو على الحال من المخاطبين، أي: [ ص: 330 ] آتوهن صدقاتهن ناحلين طيبي النفوس والإعطاء، أو من الصدقات، أي: منحولة معطاة عن طيبة الأنفس، وقيل: نحلة من الله تعالى: عطية من عنده وتفضلا منه عليهن. وقيل: النحلة: الملة، وفلان ينتحل كذا، أي: يدين به، يعني: وآتوهن مهورهن ديانة، على أنها مفعول لها، والخطاب للأزواج، وقيل: للأولياء; لأنهم كانوا يأخذون مهور بناتهم. فإن طبن لكم للأزواج عن شيء منه أي: من الصداق، إذ هو في معنى الصدقات. نفسا تمييز، وتوحيدها; لأن الغرض بيان الجنس، والواحد يدل عليه، والمعنى: فإن وهبن لكم شيئا من الصداق، وتجافت عنه نفوسهن طيبات غير مخبثات بما يضطرهن إليه الهبة من شكاسة أخلاقكم، وسوء معاشرتكم. وفي الآية دليل على ضيق المسلك في ذلك ووجوب الاحتياط حيث بنى الشرط على طيب النفس، فقيل: فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا ولم يقل: فإن وهبن لكم إعلاما بأن المراعى هو تجافي نفسها عن الموهوب طيبة. فكلوه الهاء تعود على شيء هنيئا لا إثم فيه مريئا لا داء فيه. فسرهما النبي صلى الله عليه وسلم أو هنيئا في الدنيا بلا مطالبة، مريئا في العقبى لا تبعة، وهما صفتان من: هنؤ الطعام ومرؤ، إذا كان سائغا لا تنغيص فيه، وهما وصف مصدر، أي: أكلا هنيئا مريئا، أو حال من الضمير، أي: كلوه، وهو هنيء مريء. وهذه عبارة عن المبالغة في الإباحة، وإزالة التبعة، هنيا مريا بغير همز: يزيد، وكذا حمزة في الوقف، وهمزهما الباقون. وعن علي رضي الله عنه: إذا اشتكى أحدكم شيئا فليسأل امرأته ثلاثة دراهم من صداقها، ثم ليشتر بها عسلا فليشر به بماء السماء، فيجمع الله له هنيئا ومريئا وشفاء ومباركا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية