الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) قال الزبيلي لو قال اكتبوا لزيد علي ألف درهم لم يكن إقرارا ؛ لأنه إنما أمر بالكتابة فقط ويوافقه قول جمع متقدمين لو قال اشهدوا علي بكذا ، أو بما في هذا الكتاب لم يكن إقرارا ؛ لأنه ليس فيه إلا الإذن بالشهادة عليه ولا تعرض فيه للإقرار بالمكتوب أي مثلا قالوا بخلاف أشهدكم مضافا لنفسه . ا هـ . وفي الفرق بين أشهدكم واشهدوا علي نظر ظاهر ثم رأيت كلام الغزالي صريحا في أن اشهدوا علي بكذا إقرار أيضا وعبارة فتاويه لو قال اشهدوا علي أني وقفت جميع أملاكي وذكر مصرفها ولم يحدد شيئا منها صارت جميع أملاكه التي يصح وقفها وقفا ولا يضر جهل الشهود بحدودها ولا سكوته عنها ومهما شهدوا بهذا اللفظ ثبت الوقف انتهت فهي صريحة كما ترى في الصحة مع قوله : اشهدوا علي إلى آخره ووافقه على ذلك أبو بكر الشاشي وأقرهما في التوسط ولا يعارضه قول فتاوى البغوي لو قال : المواضع التي أثبت أساميها وحدودها في هذا ملك لفلان وكان الشاهد لا يعرف حدودها ثبت الإقرار ولم تجز الشهادة عليها أي بحدودها [ ص: 370 ] وأما على تلفظه بالإقرار بالشهادة فالشهادة جائزة كما يصرح به قوله : ثبت الإقرار وبحث الصلاح أنه لو وجد ذلك أي اشهدوا علي ممن عرف استعماله في الإقرار كان إقرارا وأفتى السبكي بأن قوله : ما نزل في دفتري صحيح يعمل به فيما علم أنه به حالة الإقرار ويوقف ما حدث بعده ، أو شك فيه قال غيره ، وفي وقف ما علم حدوثه نظر . ا هـ . وهو ظاهر .

                                                                                                                              ( تنبيه ) مما يرد على الأولين الزبيلي والذين بعده قولهم لو قال أقر له عني بألف له علي كان إقرارا جزما فهذا ليس فيه إلا الأمر بما ذكر وقد علمت أنهم جزموا بلزوم الألف له عملا بقوله : له علي مع كونه وقع تابعا فهو نظير قوله : اشهدوا علي بألف له علي فإن قلت : هل يمكن الفرق بأنه لما صرح هنا بأنه إنما أمر بما ذكر عنه كان ذلك متضمنا للالتزام ومانعا من احتمال ما يخدش فيه بخلاف مجرد اشهدوا بألف له علي فإنه لم يوجد فيه ما يتضمن ذلك قلت يمكن لكنه خفي فكان ما ذكروه من اللزوم ثم القطع به في تلك المسألة قاضيا على أولئك بضعف ما سلكوه فتأمله ، ولو قال لي عليك عشرة دنانير فقال صدق له علي عشرة قراريط لزمه كل منهما لكن القراريط مجهولة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ثم رأيت كلام الغزالي إلخ ) أفتى به شيخنا الشهاب الرملي ثانيا ، بعد أن كان أفتى بالأول ، والله أعلم



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لم يكن إقرارا ) اعتمده نهاية ( قوله ويوافقه ) أي قول الزبيلي ( قوله : وأنا بكذا ) أي بألف لزيد على ( قوله : أو بما في هذا الكتاب لم يكن إقرارا ) اعتمده المغني ( قوله : أي مثلا ) أي : أو بالملفوظ في الصورة الأولى ( قوله : قالوا ) أي الجمع المذكور ( قوله : بخلاف أشهدكم ) أي بكذا ، أو بما في هذا الكتاب فيكون إقرارا ( قوله : . انتهى . ) أي قول الجمع ( قوله : إقرار أيضا ) اعتمده النهاية أيضا عبارتها ، ولو قال اشهدوا علي بكذا كان إقرارا كما أفتى به الغزالي واعتمده الوالد رحمه الله في فتاويه آخرا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وعبارة فتاويه ) إلى التنبيه في النهاية إلا قوله : وبحث إلي وأفتى ( قوله وذكر ) عطف على قال ( قوله : شيئا منها ) أي من الأملاك ( قوله : ولا سكوته ) أي الواقف ( عنها ) أي الحدود ( قوله : في الصحة ) أي صحة الإقرار ( قوله موافقة ) أي الغزالي ( على ذلك ) أي ثبوت الوقف بتلك الشهادة وكذا ضمير النصف في قوله : ولا يعارضه ( قوله : في هذا ) أي المكتوب مثلا . ا هـ . ع ش ( قوله : وكان . إلخ ) عطف على قال . إلخ ( قوله : عليها ) أي المواضع المذكورة ( قوله : أي بحدودها ) لم يبين م ر وجه عدم المعارضة ولعله أن الشهادة إنما امتنعت في مسألة البغوي لأن المقر لم يبين شيئا من الحدود حتى يشهد به وجازت فيما أفتى به والده م ر لأنهم إنما يشهدون على مجرد أنه وقف ما يملكه ولم يثبتوا شيئا بخصوصه أنه ملكه وعليه فما ثبت أنه ملكه وقفه ، فلا . ا هـ . ع ش

                                                                                                                              وقال [ ص: 370 ] الرشيدي وقوله : م ر أي بحدودها هذا هو الدافع للمعارضة فاندفع ما في حاشية الشيخ ع ش . ا هـ . ( قوله وأما تلفظه ) عبارة النهاية وتجوز على تلفظه بالإقرار . ا هـ . ( قوله : بالشهادة ) لا موقع له وقوله : فالشهادة إظهار في موضع الإضمار ( قوله قوله : ) أي البغوي ( قوله : وبحث ابن الصلاح ) تأييد ثان لعدم الفرق ( قوله : لو وجد ) أي صدر ( قوله : ممن عرف ) متعلق بوجد ( قوله استعماله ) مفعول عرف أي استعمال اشهدوا علي وكذا ضمير كان إقرارا ( قوله : ويوقف . . إلخ ) أي عن العمل بذلك فيما علم حدوثه بعد الإقرار و ( قوله أو شك فيه ) أي في حدوثه ( قوله : وهو ظاهر ) أي ، بل هو لغو ويجزم بعدم الوقف لأن معنى ما نزل أي الذي منزل في دفتري الآن ، وهو لا يشمل ما حدث تنزيله بعد . ا هـ . ع ش ( قوله : والذي بعده ) أي الجمع السابق ( قوله : أقر . إلخ ) بصيغة الأمر ( قوله بما ذكر ) أي بالإقرار المذكور ( قوله : وقد علمت ) أي من قولهم المار آنفا ( قوله : تابعا ) أي نعتا لقوله : وألف ( قوله : فهو ) أي قوله : أقر له عني . إلخ ولعل الأولى ، وهو بالواو ( قوله : بما ذكر عنه ) أي عن الآمر ، وهو منشأ الفرق ( قوله : ثم انقطع به ) أي باللزوم أي ثم جزمهم بالكون إقرارا ( قوله : في تلك المسألة ) أي فيما لو قال أقر له عني . إلخ ( قوله : على أولئك ) أي الزبيلي والجمع الذين بعده ( قوله : ولو قال ) إلى الفصل في النهاية




                                                                                                                              الخدمات العلمية