الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) فيما يتعلق بالركن الرابع ، وهو المقر به ( يشترط في المقر به ) أن يكون مما تجوز المطالبة به و ( أن لا يكون ملكا للمقر ) حين يقر ؛ لأن الإقرار ليس إزالة عن الملك وإنما هو إخبار عن كونه ملكا للمقر له ( فلو قال داري أو ثوبي ) أو داري التي اشتريتها لنفسي لزيد ولم يرد الإقرار ( أو ديني الذي على زيد لعمرو فهو لغو ) لأن الإضافة إليه تقتضي الملك له فتنافي إقراره به لغيره فحمل على الوعد بالهبة ومن ثم صح مسكني ، أو ملبوسي له إذ قد يسكن ويلبس غير ملكه ويتردد النظر في قوله : داري التي أسكنها ؛ لأن ذكر هذا الوصف قرينة على أنه لم يرد بالإضافة الملك أما إذا أراد الإقرار بما ذكر فيصح كما قاله البغوي وقول الأنوار لا أثر للإرادة هنا يشكل بقوله أيضا في الدار التي ورثتها من أبي لفلان إنه إقرار إن أراده إذ لا فرق بين اشتريتها مثلا وورثتها ويوجد ذلك بأن إرادته الإقرار بذلك تبين أن مراده الشراء والإرث [ ص: 371 ] في الظاهر دون الحقيقة وفيه أيضا جميع ما عرف لي لفلان صحيح ولو قال الدين الذي كتبته ، أو باسمي على زيد لعمرو صح إذ لا منافاة أيضا ، أو الدين الذي لي على زيد لعمرو لم يصح إلا إن قال واسمي في الكتاب عارية وكذا إن أراد الإقرار فيما يظهر أخذا مما مر ومر أن دين المهر ونحو المتعة والخلع وأرش الجناية والحكومة لا يصح الإقرار بها عقب ثبوتها وعليه يحمل قول البغوي محل صحة الإقرار فيما مر إذا لم يعلم أنه للمقر إذ لا يجوز الملك بالكذب

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 370 ] فصل فيما يتعلق بالركن الرابع إلخ ) ( قوله لأن ذكر هذا الوصف قرينة إلخ ) قد يمنع ذلك ، بل هو للاحتراز عن غير المسكونة من أملاكه . ( قوله أنه إقرار إن أراده ) ظاهره : وإن كان عقب الإرث ، ويدل على قوله في التوجيه الآتي في الظاهر ( قوله تبين أن مراده الشراء والإرث إلخ ) فيه أن ذلك لا يختص بمسألة - . - [ ص: 371 ] الشراء والإرث ، وكذا قال في شرح الروض بعدهما ما نصه وكذا لو قال : داري لفلان وأراد الإقرار ؛ لأنه أراد بالإضافة إضافة سكنى ، ذكر ذلك البغوي في فتاويه ا هـ . ثم قال الأذرعي بعد نقله كلام البغوي ويتجه أن يستفسر عند إطلاقه ويعمل بقوله ، بخلاف قوله داري التي هي ملكي له للتناقض الصريح . ا هـ ( قوله ولو قال : الدين الذي كتبته إلخ ) فلو كان بالدين المقر به رهن أو كفيل انتقل إلى المقر له بذلك كما في فتاوى المصنف لكن الأوجه ما نصه التاج الفزاري ، وهو أنه إن أقر بأن الدين صار لزيد فلا ينتقل بالرهن ؛ لأن صيرورته إليه إنما تكون بالحوالة ، وهي تبطل الرهن ، وإن أقر أن الدين كان له بقي الرهن بحاله شرح م ر

                                                                                                                              ( قوله لا يصح الإقرار بها عقب ثبوتها ) ظاهره وإن كان أراده وهو ظاهر لظهور الكذب فيه وأفهم قوله : دين المهر إلخ إن عين ما ذكر كأن أمهر أو أمتع عينا يصح الإقرار بها عقب ثبوتها ، وهو ظاهر كما يفهم من قوله الآتي : فلو أقر ولم يكن في يده ثم صار عمل بمقتضى الإقرار فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل يشترط في المقر به ) ( قوله : فيما يتعلق ) إلى قوله : وقول الأنوار في النهاية والمغني إلا قوله : ويتردد إلى أما إذا ( قوله : مما تجوز المطالبة به ) احتراز عن نحو عيادة المريض ورد السلام قول المتن ( أن لا يكون ملكا للمقر ) لعل المراد من هذا أن لا يأتي في لفظه بما يدل على أنه ملك للمقر وليست صحة الإقرار وبطلانه دائرين على ما في نفس الأمر لأنه لا اطلاع لنا عليه حتى نرتب الحكم عليه نعم في الباطن العبرة بما في نفس الأمر حتى لو قال هذه الدار لزيد ولم تكن لزيد لم يصح الإقرار ، أو داري التي ملكتها لزيد وكانت له في الواقع فهو إقرار صحيح ويجب تأويل الإضافة . ا هـ . ع ش

                                                                                                                              ( قوله وإنما هو إخبار . إلخ ) أي : فلا بد من تقدم المخبر عنه على الخبر . ا هـ . مغني ( قوله : ولم يرد . إلخ ) راجع لكل من الأمثلة الثلاثة وسيذكر محترزه وكان الأولى تأخيره عن قوله : أو ديني الذي على زيد لعمرو كما في فعل النهاية والمغني ( قول المتن فهو لغو ) أي بخلاف ما لو قال له علي في داري ، أو مالي ألف ، فلا يكون لغوا ، بل إقرارا كما يأتي ما يؤخذ منه ذلك في الفصل الآتي بعد قول المصنف ، ولو قال له في ميراثي من أبي ألف . إلخ . ا هـ . ع ش ( قوله : لأن ذكر هذا الوصف قرينة . إلخ ) قد يمنع ذلك ، بل هو للاحتراز عن غير المسكونة من أملاكه . ا هـ . سم عبارة ع ش الأقرب عدم الصحة لأن ما ذكره لا يصلح لدفع ما دلت عليه الإضافة والكلام عند الإطلاق فلو أراد به الإقرار عمل به . ا هـ . وهو ظاهر ( قوله : أما إذا أراد . إلخ ) محترز قوله : ولم يرد الإقرار و ( قوله : بما ذكر ) أي من أمثلة المتن والشرح ( قوله : فيصح ) لأنه أراد بالإضافة إضافة سكنى مغني ونهاية ( قوله : كما قاله البغوي ) معتمد . ا هـ . ع ش ( قوله : بقوله : . إلخ ) أي الأنوار ( قوله ويوجه ذلك ) أي عدم الفرق وكون كل منهما إقرارا ( قوله : أن مراده الشراء . إلخ ) أي : أو أراد أنه اشتراها أي ورثها سابقا وخرجت عن ملكه بناقل . ا هـ . رشيدي عبارة السيد عمر قوله : الشراء والإرث في الظاهر . إلخ إنما يحتاج إليه عند فرض أنه حال الإقرار بالإرث والشراء بحيث لم يمض زمن يمكن فيه النقل [ ص: 371 ] وإلا فالشراء والإرث الماضيان لا ينافيان الإقرار حالا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفيه ) أي الأنوار

                                                                                                                              ( قوله : ولو قال ) إلى المتن في النهاية ( قوله : ولو قال الدين . إلخ ) قال المصنف في فتاويه لو كان بالدين المقر به رهن ، أو كفيل انتقل إلى المقر بذلك وفصل الشيخ تاج الدين الفزاري فقال إن أقر أن الدين صار لزيد ، فلا ينتقل بالرهن لأن صيرورته إليه إنما تكون بالحوالة وهي تبطل الرهن ، وإن أقر أن الدين كان له بقي الرهن بحاله وهذا التفصيل هو الظاهر مغني ونهاية ( قوله : إذ لا منافاة . إلخ ) أي لاحتمال أنه وكيل فلو طلب عمرو زيدا فأنكر فإن شاء عمرو أقام بينة بإقرار المقر أن الدين الذي كتبه على زيد له ثم يقيم بينة عليه بالمقر به ، وإن شاء أقام بينة عليه بالمقر به ثم بينه بالإقرار . ا هـ . مغني ( قوله : أيضا ) أي مثل مسكني ، أو ملبوسي لزيد ( قوله : إلا إن قال . إلخ ) ظاهره ، ولو منفصلا فليراجع ( قوله : وكذا إن أراد الإقرار ) أي فيصح وقياسه الصحة فيما لو قال داري التي هي ملكي لزيد وقال أردت الإقرار لكن في سم على منهج عن شرح الروض أنه لا يصح الإقرار في هذه وعن ع أن ظاهر شرح المنهج عدم قبول إرادة الإقرار . انتهى . ، ولو قيل بقبول إرادته وحمله على إرادة المجاز باعتبار ما كان ، أو في ظاهر الحال لم يبعد . ا هـ . ع ش وقوله : إن ظاهر شرح المنهج . إلخ وكذا ظاهر التحفة فيما يأتي عن قريب وصريح المغني عدم القبول ومع ذلك فما استقر به ع ش وجيه ( قوله : مما مر ) أي آنفا

                                                                                                                              ( قوله : ومر ) أي قبل فصل الصيغة قبل قول المتن ، وإن أطلق صح ( قوله : لا يصح الإقرار بها . إلخ ) ظاهره ، وإن أراده ، وهو ظاهر لظهور الكذب فيه وأفهم قوله : دين المهر . إلخ إن عين ما ذكره كأن أمهر ، أو متع عينا يصح الإقرار بها عقب ثبوتها ، وهو ظاهر كما يفهم من قوله : الآتي فلو أقر ولم يكن بيده ثم صار عمل بمقتضى الإقرار فليتأمل سم على حج وقوله : عمل بمقتضى الإقرار أي لجواز أن تكون العين مغصوبة فلم تدخل في ملكها . ا هـ . ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية