الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5749 ) مسألة ; قال : ( ولا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها ) هذا القول يدل على صحة الخلع بأكثر من الصداق ، وأنهما إذا تراضيا على الخلع بشيء صح . وهذا قول أكثر أهل العلم . روي ذلك عن عثمان وابن عمر وابن عباس وعكرمة ومجاهد وقبيصة بن ذؤيب والنخعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي . ويروى عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا : لو اختلعت امرأة من زوجها بميراثها ، وعقاص رأسها كان ذلك جائزا .

                                                                                                                                            وقال عطاء وطاوس والزهري وعمرو بن شعيب : لا يأخذ أكثر مما أعطاها . وروي ذلك عن علي بإسناد منقطع . واختاره أبو بكر قال : فإن فعل رد الزيادة . وعن سعيد بن المسيب قال : ما أرى أن يأخذ كل مالها ، ولكن ليدع لها شيئا . واحتجوا بما روي { أن جميلة بنت سلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : والله ما أعيب على ثابت في دين ولا خلق ، ولكن أكره الكفر في الإسلام ، لا أطيقه بغضا . فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم . فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها حديقته ، ولا يزداد . } رواه ابن ماجه .

                                                                                                                                            ولأنه بدل في مقابلة فسخ ، فلم يزد على قدره في ابتداء العقد ، كالعوض في الإقالة . ولنا ، قول الله تعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } . ولأنه قول من سمينا من الصحابة ، قالت الربيع بنت معوذ : اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي ، فأجاز ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه . ومثل هذا يشتهر ، فلم ينكر ، فيكون إجماعا ولم يصح عن علي خلافه .

                                                                                                                                            فإذا ثبت هذا فإنه لا يستحب له أن يأخذ أكثر مما أعطاها . وبذلك قال سعيد بن المسيب والحسن والشعبي والحكم وحماد وإسحاق وأبو عبيد فإن فعل جاز مع الكراهية ، ولم يكرهه أبو حنيفة ومالك والشافعي قال مالك لم أزل أسمع إجازة الفداء بأكثر من الصداق .

                                                                                                                                            ولنا ، حديث جميلة . وروي عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كره أن يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها . } رواه أبو حفص بإسناده . وهو صريح في الحكم ، فنجمع بين الآية والخبر ، فنقول : الآية دالة على الجواز ، والنهي عن الزيادة للكراهية . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية