الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5755 ) مسألة ; قال : ( والخلع فسخ ، في إحدى الروايتين ، والأخرى أنه تطليقة بائنة ) . اختلفت الرواية عن أحمد في الخلع ; ففي إحدى الروايتين أنه فسخ . وهذا اختيار أبي بكر وقول ابن عباس وطاوس وعكرمة وإسحاق وأبي ثور وأحد قولي الشافعي والرواية الثانية ، أنه طلقة بائنة . روي ذلك عن سعيد بن المسيب والحسن وعطاء وقبيصة ، وشريح [ ص: 250 ] ومجاهد وأبي سلمة بن عبد الرحمن والنخعي والشعبي والزهري ومكحول وابن أبي نجيح ، ومالك والأوزاعي وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وقد روي عن عثمان وعلي وابن مسعود لكن ضعف أحمد الحديث عنهم ، وقال : ليس لنا في الباب شيء أصح من حديث ابن عباس أنه فسخ . واحتج ابن عباس بقوله تعالى : { الطلاق مرتان } ثم قال : { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } ثم قال : { فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } فذكر تطليقتين والخلع وتطليقة بعدها ، فلو كان الخلع طلاقا لكان أربعا ، ولأنها فرقة خلت عن صريح الطلاق ونيته ، فكانت فسخا كسائر الفسوخ .

                                                                                                                                            ووجه الثانية أنها بذلت العوض للفرقة ، والفرقة التي يملك الزوج إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ ، فوجب أن يكون طلاقا ، ولأنه أتى بكناية الطلاق ، قاصدا فراقها ، فكان طلاقا ، كغير الخلع . وفائدة الروايتين ، أنا إذا قلنا : هو طلقة . فخالعها مرة ، حسبت طلقة . فنقص ، بها عدد طلاقها . وإن خالعها ثلاثا طلقت ثلاثا ، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره . وإن قلنا : هو فسخ . لم تحرم عليه ، وإن خالعها مائة مرة . وهذا الخلاف فيما إذا خالعها بغير لفظ الطلاق ، ولم ينوه .

                                                                                                                                            فأما إن بذلت له العوض على فراقها ، فهو طلاق ، لا اختلاف فيه ، وإن وقع بغير لفظ الطلاق ، مثل كنايات الطلاق ، أو لفظ الخلع والمفاداة ، ونحوهما ، ونوى به الطلاق ، فهو طلاق أيضا ; لأنه كناية نوى الطلاق ، فكانت طلاقا ، كما لو كان بغير عوض ، فإن لم ينو به الطلاق ، فهو الذي فيه الروايتان . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية