الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 13 ] وممن قام بهذا الحق من علماء المسلمين : الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي ، تغمده الله برحمته ، بعد المائتين ، فإن مولده سنة تسع وثلاثين ومائتين ، ووفاته سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة .

فأخبر رحمه الله عما كان عليه السلف ، ونقل عن الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، وصاحبيه أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الحميري الأنصاري ، ومحمد بن الحسن الشيباني رضي الله عنهم - ما كانوا يعتقدون من أصول الدين ، ويدينون به رب العالمين .

وكلما بعد العهد ، ظهرت البدع ، وكثر التحريف الذي سماه أهله تأويلا ليقبل ، وقل من يهتدي إلى الفرق بين التحريف والتأويل . إذ قد يسمى صرف الكلام عن ظاهره إلى معنى آخر يحتمله اللفظ في الجملة تأويلا ، وإن لم يكن ثم قرينة توجب ذلك ، ومن هنا حصل الفساد . فإذا سموه تأويلا قبل وراج على من لا يهتدي إلى الفرق بينهما .

[ ص: 14 ] فاحتاج المؤمنون بعد ذلك إلى إيضاح الأدلة ، ودفع الشبه الواردة عليها ، وكثر الكلام والشغب ، وسبب ذلك إصغاؤهم إلى شبه المبطلين ، وخوضهم في الكلام المذموم ، الذي عابه السلف ، ونهوا عن النظر فيه والاشتغال به والإصغاء إليه ، امتثالا لأمر ربهم ، حيث قال : وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ( الأنعام : 68 ) فإن معنى الآية يشملهم .

وكل من التحريف والانحراف على مراتب : فقد يكون كفرا ، وقد يكون فسقا ، وقد يكون معصية ، وقد يكون خطأ .

التالي السابق


الخدمات العلمية