الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا أي: توسعوا وليفسح بعضكم عن بعض ولا تتضاموا من قولهم: أفسح عني أي: تنح، وقرئ "تفاسحوا"، وقوله تعالى: في المجالس متعلق بـ"قيل" وقرئ "في المجلس" على أن المراد به الجنس، وقيل: مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام وكانوا يتضامون تنافسا في القرب منه عليه الصلاة والسلام وحرصا على استماع كلامه، وقيل: هو المجلس من مجالس القتال وهي مراكز الغزاة كقوله تعالى: مقاعد للقتال قيل: كان الرجل يأتي الصف ويقول تفسحوا فيأبون لحرصهم على الشهادة، وقرئ "في المجلس" بفتح اللام فهو متعلق بـ"تفسحوا" قطعا أي: توسعوا في جلوسكم ولا تتضايقوا فيه. فافسحوا يفسح الله لكم أي: في كل ما تريدون التفسح فيه من المكان والرزق والصدر والقبر وغيرها. وإذا قيل انشزوا أي: انهضوا للتوسعة على المقبلين أو لما أمرتم به من صلاة أو جهاد أو غيرهما من أعمال الخير. فانشزوا فانهضوا ولا تتثبطوا ولا تفرطوا، وقرئ بكسر الشين. يرفع الله الذين آمنوا منكم بالنصر وحسن الذكر في الدنيا والإيواء إلى غرف الجنان في الآخرة. والذين أوتوا العلم منهم خصوصا. درجات عالية بما جمعوا من أثرتي العلم والعمل فإن العلم مع علو رتبته يقتضي العمل المقرون به مزيد رفعة لا يدرك شأوه العمل العاري عنه وإن كان في غاية الصلاح ولذلك يقتدى بالعالم في أفعاله ولا يقتدى بغيره، وفي الحديث "فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب". والله بما تعملون خبير تهديد لمن لم يتمثل بالأمر، وقرئ "يعملون" بالياء التحتانية.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية