الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في مسائل منثورة

                                                                                                                                                                        إحداها : وقع بعيران في بئر ، أحدهما فوق الآخر ، فطعن الأعلى ، فمات الأسفل بثقله ، حرم الأسفل . فإن نفذت الطعنة فأصابته أيضا ، حلا جميعا . فإن شك ، هل مات بالثقل ، أو الطعنة النافذة ، وقد علم أنها أصابته قبل مفارقة الروح ؟ حل . وإن شك ، هل أصابته قبل مفارقة الروح ، أم بعدها ؟ قال صاحب " التهذيب " في " الفتاوى " : يحتمل وجهين بناء على العبد الغائب المنقطع خبره ، هل يجزئ إعتاقه عن الكفارة .

                                                                                                                                                                        الثانية : رمى غير مقدور عليه فصار مقدورا عليه ، ثم أصاب غير المذبح ، لم يحل . ولو رمى مقدورا عليه فصار غير مقدور عليه فأصاب مذبحه حل .

                                                                                                                                                                        الثالثة : أرسل سهمين فأصابا معا حل . وإن أصاب أحدهما بعد الآخر . فإن أزمنه الأول ولم يصب الثاني المذبح ، لم يحل . وإن أصابه ، حل وإن لم يزمنه الأول ، وقتله الثاني حل . وكذا لو أرسل كلبين ، فأزمنه الأول ، وقتله الثاني ، لم يحل ، قطع المذبح أم لا . وكذا لو أرسل سهما وكلبا ، إن أزمنه السهم [ ص: 269 ] ثم أصابه الكلب ، لم يحل . وإن أزمنه الكلب ، ثم أصاب السهم المذبح حل .

                                                                                                                                                                        الرابعة : صيد دخل دار إنسان وقلنا بالصحيح : إنه لا يملكه ، فأغلق أجنبي الباب ، لا يملكه صاحب الدار ولا الأجنبي ؛ لأنه متعد لم يحصل الصيد في يده ، بخلاف ما لو غصب شبكة واصطاد بها .

                                                                                                                                                                        الخامسة : لو أخذ الكلب المعلم صيدا بغير إرسال ، ثم أخذه أجنبي من فيه ، ملكه الآخذ على الصحيح ، كما لو أخذ فرخ طائر من شجرته . وغير المعلم إذا أرسله صاحبه فأخذ صيدا ، فأخذه غيره من فيه وهو حي ، وجب أن يكون للمرسل ، ويكون إرساله كنصب شبكة تعقل بها الصيد . ويحتمل خلافه ؛ لأن للكلب اختيارا .

                                                                                                                                                                        السادسة : تعقل الصيد بالشبكة ، ثم قلعها وذهب بها ، فأخذه إنسان ، نظر ، إن كان يعدو ويمتنع مع الشبكة ، ملكه الآخذ ، وإن كان ثقل الشبكة يبطل امتناعه ، بحيث يتيسر أخذه ، فهو لصاحب الشبكة لا يملكه غيره .

                                                                                                                                                                        السابعة : إذا أرسل كلبه فحبس صيدا ، فلما انتهى إليه ، أفلت ، فهل يملكه من أخذه ، أم هو ملك الأول بالحبس ؟ وجهان :

                                                                                                                                                                        قلت : أصحهما : يملكه الآخذ . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        الثامنة : رجلان أقام كل واحد منهما بينة أنه اصطاد هذا الصيد ، ففيه القولان في تعارض البينتين .

                                                                                                                                                                        التاسعة : رجل في يده صيد ، فقال آخر : أنا اصطدته ، فقال صاحب اليد : لا علم لي بذلك . قال ابن كج : لا يقنع منه بهذا الجواب ، بل يدعيه لنفسه أو يسلمه إلى مدعيه .

                                                                                                                                                                        [ ص: 270 ] قلت : لو أخبر فاسق أو كتابي أنه ذكى هذه الشاة ، قبلناه ؛ لأنه من أهله ، ذكره في " التتمة " . ولو وجد شاة مذبوحة ، ولم يدر أذبحها مسلم ، أو كتابي ، أم مجوسي . فإن كان في البلد مجوس ومسلمون ، لم يحل ، للشك في الذكاة المبيحة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية