الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 200 ] [ ص: 201 ] الباب الأول

                                                                                                                في أقطاب العقد

                                                                                                                وهي خمسة :

                                                                                                                القطب الأول : العاقد ، وهو الزوج أو الولي ، ولا يجوز عقد المرأة على نفسها ، ولا على غيرها بكرا كانت أو ثيبا رشيدة أو سفيهة ، أذن الولي أم لا ، وقاله ( ش ) ، وابن حنبل ، وجوزه ( ح ) في الرشيدة لقوله تعالى : ( أن ينكحن أزواجهن ) ( البقرة 232 ) ( حتى تنكح زوجا غيره ) ( البقرة 230 ) فأضاف العقد إليها ، ولأنها متصرفة في مالها ففي نفسها بطريق الأولى ; لأن الحجر على البالغ العاقل على خلاف الأصل ، والأصل ملك الإنسان لمصالح نفسه ، والجواب عن الأول أن النكاح حقيقة في الوطء ، وهو متعذر من المرأة ، وإذا تعذرت الحقيقة فحمله على التمكين منه أولى ; لأنه أقرب المجازات إلى الحقيقة ، ويوضحه قوله تعالى : ( وأنكحوا الأيامى منكم ) ( النور 32 ) فخاطب الأولياء دون النساء ، وقوله عليه السلام عند الدارقطني ( لا تزوج المرأة المرأة ، ولا المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها ) ، وقال هذا حديث صحيح ، وعن الثاني : الفرق بأن تصرفها في نفسها مع غلبة شهوتها يخشى منه العار عليها ، وعلى أوليائها ، يأخذها غير [ ص: 202 ] كفء ، وهي مفسدة تدوم على الأيام بخلاف المال فيكون الحجر عليها أولى من الحجر على السفيه في ماله .

                                                                                                                تفريع

                                                                                                                في الجواهر : لا خلاف عندنا أنها لا تكون وليا على المرأة ، وروي عن ابن القاسم ولايتها على عبيدها ، ومن وصيت عليه من أصاغر الذكور دون الإناث ، والفرق من ثلاثة أوجه أن للصبي أهلية العقد بعد البلوغ ، والعبد بعد العتق ، ولأنهما قادران على رفع العقد بالطلاق ، ولأن الولاية عليهما ليس لطلب الكفات المحتاجة لدقيق النظر بخلاف الأنثى في ذلك كله .

                                                                                                                قال سحنون : للمرأة مباشرة العقد على من يعقد على نفسه بوكالته لها ، والفرق أن الوكالة لا تقع إلا بعد النظر في تحصيل المصلحة من العقد فلا خوف ، وتجب للدخول بها في النكاح بغير ولي المسمى ، ويسقط الحد لشبهة الخلاف ، ويفسخ ولو طال بعد الدخول بالأولاد فطلاق عند ابن القاسم ، وبغيره عند ابن نافع نظرا إلى الخلاف أو تمكن الفساد لقوله [ ص: 203 ] عليه السلام : ( أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل ثلاث مرات ، فإن أصابها فلها مهرها بما أصاب منها ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية