الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك أي: مبايعات لك أي: قاصدات للمبايعة نزلت يوم الفتح فإنه عليه الصلاة والسلام لما فرغ من بيعة الرجال شرع في بيعة النساء. على أن لا يشركن بالله شيئا أي: شيئا من الأشياء أو شيئا من الإشراك. ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن أريد به وأد البنات، وقرئ "ولا يقتلن" بالتشديد. ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هو ولدي منك كني عنه بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها لأن بطنها الذي تحمله فيه بين يديها ومخرجه بين رجليها. ولا يعصينك في معروف أي: فيما تأمرهن به من معروف وتنهاهن عنه من منكر والتقييد بالمعروف مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يأمر إلا به للتنبيه على أنه لا يجوز طاعة مخلوق في معصية الخالق، [ ص: 241 ] وتخصيص الأمور المعدودة بالذكر في حقهن لكثرة وقوعها فيما بينهن مع اختصاص بعضها بهن. فبايعهن أي: على ما ذكر وما لم يذكر لوضوح أمره وظهور أصالته في المبايعة من الصلاة والزكاة وسائر أركان الدين وشعائر الإسلام وتقييد مبايعتهن بما ذكر من مجيئهن لحثهن على المسارعة إليها مع كمال الرغبة فيها من غير دعوة لهن إليها. واستغفر لهن الله زيادة على ما في ضمن المبايعة فإنها عبارة عن ضمان الثواب من قبله عليه الصلاة والسلام بمقابلة الوفاء بالأمور المذكورة من قبلهن. إن الله غفور رحيم أي: مبالغ في المغفرة والرحمة فيغفر لهن ويرحمهن إذا وفين بما بايعن عليه واختلف في كيفية مبايعته عليه الصلاة والسلام لهن يومئذ، فروي أنه عليه الصلاة والسلام لما فرغ من بيعة الرجال جلس على الصفا ومعه عمر رضي الله عنه أسفل منه فجعل عليه الصلاة والسلام يشترط عليهن البيعة وعمر يصافحهن. وروي أنه كلف امرأة وقفت على الصفا فبايعتهن. وقيل: دعا بقدح من ماء فغمس فيه يده ثم غمسن أيديهن. وروي أنه عليه الصلاة والسلام بايعهن وبين يديه وأيديهن ثوب قطري، والأظهر الأشهر ما قالت عائشة رضي الله عنها: والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء قط إلا بما أمر الله تعالى وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط وكان يقول إذا أخذ عليهن قد بايعتكن كلاما وكان المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحنهن يقول الله عز وجل: يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات إلى آخر الآية فإذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن: انطلقن فقد بايعتكن.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية