الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) . في بيان جواز العارية وما للمعير وعليه بعد الرد في عارية الأرض وحكم الاختلاف هي جائزة من الجانبين كالوكالة فحينئذ ( لكل منهما ) أي المعير والمستعير ( رد العارية ) المطلقة والمؤقتة قبل فراغ المدة ( متى شاء ) لأنها مبرة من المعير وارتفاق من المستعير فلا يليق بها الإلزام والرد في المعير بمعنى رجوعه المعبر به في أصله وغيره على أنه يصح إبقاؤه على حقيقته بأن يراد بالعارية العقد فمعنى رده قطعه وذلك لا تجوز فيه [ ص: 426 ] ولو استعمل المستعار أو المباح له منافعه بعد الرجوع جاهلا فلا أجرة عليه كما مر ومحل قولهم إن الضمان لا يختلف بالعلم والجهل إذا لم يسلطه المالك ولم يقصر بترك إعلامه ولو أعاره لحمل متاعه إلى بلد فرجع أثناء طريقها لزمه لكن بالأجرة نقل متاعه إلى ما من وينبغي أن مثله في ذلك نفسه إذا عجز عن المشي أو خاف واستفيد من جوازها كالوكالة انفساخها بما تنفسخ به الوكالة من نحو موت وجنون وإغماء وحجر وعلى وارث المستعير الرد فورا فإن تعذر عليه ردها ضمنت مع مؤنة الرد في التركة فإن لم تكن تركة فلا شيء عليه غير التخلية عند بقائها وإن لم يتعذر [ ص: 427 ] ضمنها الوارث مع الأجرة ومؤنة الرد ومر أنه يجب الرد فورا عند نحو موت المعير

                                                                                                                              ( إلا إذا أعار لدفن ) ودفن فيه محترم ( فلا يرجع حتى يندرس أثر المدفون ) بأن يصير ترابا فيرجع حينئذ بأن يكون أذن له في تكرير الدفن وإلا فالعارية انتهت وذلك لأنه دفن بحق وفي النبش هتك حرمته ولا يرد عليه عجب الذنب فإنه ، وإن لم يندرس إلا أن الكلام في الأجزاء التي تحس وهو لا يحس وقضية المتن أنه لا أجرة له ، وإن رجع وهو كذلك خلافا للأنوار ويفرق بينه وبين ما مر في الرجوع في الطريق بأن العرف غير قاض به هنا لتوطن النفس فيه على البقاء إلى البلاء ولو أظهره منه نحو سبع ولم يوجد غيره أقرب منه أو مساو له أعيد إليه قهرا لأنه صار حقا له إلى اندراسه من غير مقابل وللمالك سقي لم يضر بالميت أما إذا رجع قبل الدفن أي مواراته بالتراب ومثلها فيما يظهر سد اللحد بل وخشية تهريه بنقله من هذا القبر ، وإن لم يوار فيجوز كما نقلاه عن المتولي وأقره واعتمده [ ص: 428 ] الأذرعي بل قال إنه لم ير أحدا صرح بما في الشرح الصغير من امتناع الرجوع بمجرد وضعه في القبر نعم يغرم مؤنة الحفر لولي الميت لأنه غره ولا طم على الولي وفارق هذا ما لو رجع بعد الحرث وقبل الزرع لا تلزمه مؤنة الحرث على المعتمد لأنه لم يغره لإمكان الزرع بلا حرث في الجملة بخلاف الدفن لا يمكن بلا حفر

                                                                                                                              ويؤخذ منه أنها لو انفسخت بنحو جنون المعير لم تلزمه مؤنة الحفر لأنه لا غرر حينئذ وأن من أعاره أرضا لحفر بئر فيها ينتفع بمائها ، ثم طمها يلزمه مؤنة الحفر ما لقبر وإلا إذا أعار كفنا وكفن فيه فإن الأصح بقاؤه على ملكه ولا يرجع فيه حتى يندرس أيضا وإلا إذا قال أعيروا داري بعد موتي لزيد شهرا وخرجت من الثلث فليس للوارث الرجوع ، وكذا لو نذر المعير مدة أو أن لا يرجع إلى مدة كذا وإلا إذا رجع معير سفينة بها أمتعة معصومة وهي في اللجة وبحث ابن الرفعة [ ص: 429 ] أنه له الأجرة في هذه كما لو رجع قبل انتهاء الزرع وإلا إذا أعاروه دابة أو سلاحا للغزو والتقى الصفان ويظهر أن يأتي فيه بحث ابن الرفعة وإلا إذا أعار ثوبا للستر أو الفرش على نجس في مفروضة فيمتنع الرجوع على ما بحثه الإسنوي لحرمة قطع الفرض ويوافقه قول البحر ليس للمعير الاسترداد ولا للمستعير الرد إلا بعد فراغ الصلاة لكن يرد ذلك قول المصنف في مجموعه لو رجع المعير في أثناء الصلاة نزعه وبنى على صلاته ولا إعادة عليه بلا خلاف وقياسه ذلك في المفروش على النجس إلا أن عليه الإعادة وعلى الأول يظهر أنه يلزمه بعد الرجوع الاقتصار على أقل مجزئ ومن واجباتها وإلا إذا أعار دار السكنى معتدة فهي لازمة من جهة المستعير فقط وإلا إذا أعاره جذعا ليسند به جدارا مائلا فلا يرجع على الأوجه وفاقا للبحر نعم يتجه أن له الأجرة في هذه كالتي قبلها ، وكذا لو أعار ما يدفع به عمل يجب الدفع عنه أو ما يقي نحو [ ص: 430 ] برد مهلك أو ما ينقذ به غريقا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل في بيان جواز العارية إلخ ) . ( قوله فمتى رده قطعه ) لا يخفى بأدنى تأمل صحيح أن العقد الواقع فيما مضى لا يتصور قطعه الآن فإنه إن أريد بقطعه إبطاله فهو غير صحيح إذا العقد بعد صحته لا يرد عليه الإبطال واسترداد العارية ليس إبطالا له وإن أريد به انتهاؤه فالعقد ينتهي بمجرد فراغه ، وإن لم تسترد العارية والصواب على هذا [ ص: 426 ] أن يراد بالعارية العلقة المرتبة على العقد فإنها التي تنقطع بالاسترداد ونظيره ما حققناه في محله إن المراد بالبيع الذي يوصف بالإجارة والفسخ العلقة الحاصلة بالعقد لا نفس العقد فقوله وذلك لا تجوز فيه ممنوع لما تبين من عدم تصور قطع العقد فضلا عن نفي التجوز المذكور فتأمله . ( قوله : ولو استعمل المستعار أو المباح له منافعه إلخ ) انظر لو استعمل المعار بعد انقضاء المدة في العارية المؤقتة جاهلا بانقضائها هل هو كما لو استعمله بعد الرجوع جاهلا بها فلا أجرة عليه أو يفرق بأنه هنا مقصر والمالك لم يسلطه على ما بعد المدة ولا قصر بالإعلام للاستغناء عنه بمعرفة انقضاء المدة فيه نظر ويؤيد الفرق إطلاق ما يأتي في التنبيه الآتي قبيل قول المصنف وفي قول له القطع فيها مجانا إذا رجع من قوله ولزوم الأجرة فيه .

                                                                                                                              ( قوله فلا أجرة عليه ) اعتمده م ر ، وكذا قوله الآتي لزمه إلخ ( قوله وحجر ) شامل للحجر على المستعير بسفه وعليه فيحتمل أن محله حيث تضمن العارية بأن لا تكون استعارتها من نحو مستأجر والحجر بالفلس وينبغي تخصيص هذا بالمعير . ( قوله وعلى وارث المستعير الرد فورا ) ظاهره وجوب الرد فورا على المالك ، وإن استعار من المستأجر فلا يكفي الرد عليه لكن قدمت في الإقرار عند قول المصنف ، ولو غصبها من زيد إلخ أن المغصوب من المستأجر أو المرتهن يرد عليه ويبرأ الغاصب فيحتمل أن المستعير من المستأجر ووارثه كذلك ( قوله وعلى وارث المستعير إلخ ) وكالوارث في ذلك وليه لو جن أو حجر عليه [ ص: 427 ] بسفه شرح م ر . ( قوله ضمنها الوارث ) لعل محله أو وضع يده عليها ، وإن لم يتعد ( قوله ضمنها الوارث ) ظاهره ، وإن لم يضع يده عليها ولا توقف عليه وصولها إلى مستحقها ، ووجهه أنه خليفة المورث فيلزمه ما يلزمه .

                                                                                                                              ( قوله في المتن حتى يندرس ) قضيته امتناع الرجوع مطلقا فيمن لا يندرس كالنبي والشهيد ولو أعار كفنا فينبغي امتناع الرجوع بوضع الميت عليه وإن لم يلف عليه لأن في أخذه بعد الوضع إزراء بالميت ويتجه عدم الفرق في الامتناع بين الثوب الواحد والثلاث بل الخمس وبخلاف ما زاد م ر ( فرع ) الأرض المستعارة للدفن هل تضمن بتلفها أو تلف بعضها بغير المأذون فيه قضية إطلاقهم ضمان العارية ضمانها بما ذكر وعليه فهل الضمان على الوارث أو في تركه لميت أو يقال إن أعارها للميت ففي التركة وإن استعارها الوارث ليدفنه فيها فعلى الوارث فيه نظر وقد يقال لا يتصور أن يكون المستعير الضامن لا الوارث إذ الميت لا يتصور أن يكون قابلا ولا ملتمسا . ( قوله فالعارية انتهت ) فلا حاجة للرجوع . ( قوله لا إن الكلام في الأجزاء التي تحس ) قضيته أن كل ما لا يحس من الأجزاء كعجب الذنب ( قوله وقضية المتن إلخ ) اعتمده م ر .

                                                                                                                              ( قوله ولم يوجد غيره [ ص: 428 ] إلخ ) ظاهره أنه مع وجود ما ذكر لا يعاد إليه وإن احتاج إلى حفر أطول زمنا من إعادته . ( قوله بل قال إنه لم ير أحدا صرح بما في الشرح الصغير إلخ ) قال شيخنا الشهاب الرملي إن المعتمد ما في الشرح الصغير . ( قوله من امتناع الرجوع بمجرد وضعه في القبر ) بل يتجه امتناع الرجوع بمجرد إدلائه ، وإن لم يصل إلى أرض القبر لأن في عوده من هواء القبر بعد إدلائه إزراء به فليتأمل ( قوله نعم يغرم إلخ ) اعتمده م ر . ( قوله لإمكان الزرع بلا حرث ) ويؤخذ منه أنه لو أعار لغراس أو بناء من لازمه التكريب ورجع بعد غرم له أجرة الحفر وهو كذلك شرح م ر . ( قوله في الجملة ) هذا القيد يقتضي أنه لا يلزم مؤنة الحارث ، وإن لم يكن الزرع بدون الحارث في خصوص تلك الأرض المعارة لنحو عارض لكن هذا الجواب لشيخ الإسلام في شرح الروض بدون تقييد بهذا القيد وقضيته لزوم المؤنة في هذه الصورة المفروضة فليتأمل ( قوله ويؤخذ منه إلخ ) اعتمده م ر . ( قوله لأنه لا غرر حينئذ ) قد يمنع بأن مجرد الإذن غرر . ( قوله وإلا إذا رجع معير سفينة ) أي فيلزمه الصبر إلى أقرب مأمن أي ، ولو مبدأ السير حتى يجوز له الرجوع إليه إن كان أقرب م ر .

                                                                                                                              ( قوله وبحث ابن الرفعة أن له الأجرة في هذه إلخ ) يوافقه ما تقدم في الرجوع في أثناء الطريق وظاهر هذه العبارات [ ص: 429 ] المذكورة في هذا المقام أنه حيث قيل بوجوب الأجرة لا يتوقف وجوبها على عقد بل حيث رجع وجب له أجرة مثل كل مدة مضت ولا يبعد أنه حيث وجبت الأجرة صارت العين أمانة لأنها وإن كانت عارية صار لها حكم المستأجرة فإن قلت عدم الاحتياج هنا إلى عقد يخالف ما يأتي في البناء والغراس من احتياج كل من التملك والإبقاء بالأجرة إلى عقد قلت قد يفرق بالنسبة للتملك بأنه لا يتأتى انتقال العين عن ملك شخص إلى ملك آخر بغير إرث ونحوه بغير عقد . وأما وجوب الأجرة لإتلاف منفعة ملك الغير فغير بعيد . وأما الإبقاء بالأجرة فقد يقال لا فرق بينه وبين ما نحن فيه في أنه إن وقع عقد وجب المسمى وإلا وجب أجرة المثل لإتلاف المنفعة لكن سأذكر عن فتوى الشارح اعتبار العقد فيما يأتي . ( قوله وإلا إذا أعار ثوبا للستر أو الفرش على نجس ) لم يطرد هنا بحث ابن الرفعة ويوجه بقصر الزمان عادة م ر .

                                                                                                                              ( قوله فيمتنع الرجوع على ما بحثه الإسنوي لحرمة قطع الفرض ) وقع السؤال عما لو سلم من الفرض ، ثم تبين بطلانه فهل للمعير الرجوع والمنع من الإعادة وأقول لا وجه لهذا السؤال لأن العارية غير لازمة وإنما امتنع الرجوع حال الصلاة لحرمة التلبس بالفرض ، وقد انقطع بالخروج منه وإنما يتجه السؤال عما لو لم يصرح بالرجوع ولم يقتض إلا صلاة واحدة وقد تبين بطلان صلاته فهل له إعادتها بدون إذن جديد أو لا لأن الإذن لم يتناول إلا صلاة واحدة ، وقد فعلها وإن لم تجز فيه نظر ولا يبعد أن يكون الثاني أقرب ، وقد يؤيده ما قالوه في الاستئجار لعمل مدة أن زمن الطهارة والصلاة المكتوبة والراتبة مستثنى وأن الأجير لو صلى ، ثم قال كنت محدثا قال القفال لا نمنعه من الإعادة لكن نسقط من الأجرة بقدر الصلاة الثانية ونمنعه من الثالثة لأنه متعنت ا هـ ، ووجه التأييد أن الأجير مأذون له عرفا وشرعا في قدر الصلاة ولم يتناول الإذن إعادتها عند الحاجة إليها بدليل سقوط الأجرة وأنما جازت الإعادة لحرمة الفرض والحرمة هنا لا تتوقف على السترة فليتأمل ( قوله لكن يرد ذلك إلخ ) فيه نظر لجواز حمل قول المجموع المذكور على ما إذا لم يصرح بأن الإعادة لصلاة الفرض بأن أطلقها أو قيدها بكونها للصلاة بدون تقييدها بالفرض بخلاف ما إذا صرح بما ذكر فيمتنع الرجوع ولا أجرة وعلى هذا الحمل مشى شيخنا الشهاب الرملي . ( قوله فهي لازمة من جهة المستعير فقط ) ، وكذا في إعارة سترة يستر بها في الخلو شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله في هذه ) اعتمده م ر . ( قوله كالتي قبلها ) انظر ما معنى وجوب الأجرة في التي قبلها مع جواز الرجوع للمعير إلا أن يقال جواز رجوعه بمعنى وجوب الأجرة فليراجع ، وكذا لو أعار ما يدفع إلخ وقياس ما مر ثبوت الأجرة أيضا [ ص: 430 ] شرح م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في بيان جواز العارية ) . ( قوله في بيان جواز ) إلى قول المتن إلا إذا في النهاية إلا قوله على أنه يصح إلى ، ولو استعمل . ( قوله بعد الرد ) أي انتهاء العارية بالرجوع مطلقا أو بانقضاء المدة في المؤقتة ، وإن كانت في يد المستعير ا هـ ع ش . ( قوله وحكم الاختلاف ) أي وما يتبع ذلك كوجوب تسوية الحفر وإعراض القاضي ا هـ ع ش . ( قوله وارتفاق من المستعير ) أي شأنها ذلك فلا ينافي أنه قد يستعير من هو غني عن الارتفاق به لوجود غيره في ملكه ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله فمعنى رده قطعه ) لا يخفى أن العقد الواقع فيما مضى لا يتصور قطعه الآن فإن أراد بقطعة أبطله فالعقد بعد صحته لا يرد عليه الإبطال واسترداد العارية ليس إبطالا لها ، وإن أراد به انتهاءه فالعقد ينتهي بمجرد فراغه ، وإن لم يسترد العارية فالصواب أن يراد بالعارية العلقة المترتبة على العقد فإنها التي تنقطع بالاسترداد ونظيره ما حققناه في محله أن المراد بالبيع الذي يوصف بالإجازة والفسخ العلقة الحاصلة بالعقد لا نفس العقد فقوله وذلك لا تجوز فيه ممنوع لما تبين من عدم تصور القطع فضلا عن .

                                                                                                                              [ ص: 426 ] نفي التجوز المذكور فتأمله ا هـ سم . ( قوله بعد الرجوع جاهلا ) وخرج به ما لو استعمل العارية بعد جنون المعير غير عالم به فعليه الأجرة لأنه بعد جنونه ليس أهلا للإباحة انتهى حواشي شرح الروض أي ولا ينسب إليه تقصير بعدم الإعلام ومثل الجنون إغماؤه أو موته فتلزمه الأجرة مطلقا لبطلان الإذن بالإغماء والموت ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله فلا أجرة عليه ) وانظر لو استعمل المعار بعد انقضاء المدة في العارية المؤقتة جاهلا بانقضائها هل هو كاستعماله بعد الرجوع في المطلقة حتى لا تلزمه أجرة أو لا ويفرق على حج ، وقد يقال الأقرب الفرق فإن الاستعمال في المؤقتة بعد فراغ المدة لم يتناوله الإذن أصلا وجهله إنما يفيد عدم الإثم كما لو استعمل مال غيره جاهلا بكونه ماله وينبغي أن مثل المستعير المستعمل بعد انقضاء المدة وارثه في وجوب الأجرة ، ثم ما تقرر من أن المنافع غير مضمونة حيث استوفاها جاهلا بالرجوع يقتضي أن البائع لو اطلع على عيب في الثمن المعين ففسخ ولم يعلم بذلك المشتري فاستعمل المبيع جاهلا لم يضمن ما استوفاه من المنافع بخلاف الأعيان كاللبن فإنها مضمونة عليه ، وكذا يقال في المشتري لو اطلع على عيب في المبيع ففسخ العقد ولم يعلم به البائع واستعمل الثمن المعين واستوفي منافعه ويجري مثل ذلك في نظائره ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله كما مر ) أي في شرح ومؤنة الرد ا هـ كردي . ( قوله إذا لم يسلطه إلخ ) خبر ومحل قولهم إلخ . ( قوله ولم يقصر ) أي المالك . و ( قوله إعلامه ) أي المستعير ا هـ ع ش ( قوله فرجع ) أي المعير ا هـ ع ش ، وكذا ضمير لزمه . ( قوله نقل متاعه إلخ ) فلو لم يفعل فتلف هل يضمن محل نظر والأقرب لا قياسا على ما صرحوا به فيما لو مات رفيقه أثناء الطريق فترك متاعه ولم يحمله ، وإن أمكن الفرق فليتأمل فإن تغريمهم مؤنة الحفر الآتي في مسألة القبر يؤيد الفرق ا هـ سيد عمر أقول والفرق ظاهر فالأقرب الضمان وسيأتي عن ع ش ما يفيده . ( قوله أن مثله ) أي المتاع . و ( قوله نفسه ) أي المستعير . ( قوله إذا عجز عن المشي إلخ ) ويقبل قوله في ذلك إن دلت قرينة على ما ادعاه ا هـ ع ش ولعل الأقرب أن يقال إن لم تكذبه القرينة . ( قوله من نحو موت إلخ ) عبارة النهاية انفساخها بموت أحد العاقدين أو جنونه أو إغمائه أو الحجر عليه بسفه ، وكذا بحجر فلس على المعير كما بحثه الشيخ ا هـ ع ش قوله م ر أو الحجر عليه بسفه أي على أحدهما وقوله ، وكذا بحجر فلس لكن تقدم أن المفلس تجوز له إعارة عين من ماله زمنا لا يقابل بأجرة وعليه فينبغي أنه إذا كان الباقي من المدة مثلا كذلك أنها لا تنفسخ ا هـ ع ش . ( قوله وعلى وارث المستعير إلخ ) عبارة النهاية وحيث انفسخت أو انتهت وجب على المستعير أو ورثته إن مات ردها فورا كما مر ولم يطلب المعير فإن أخر الورثة لعدم تمكنهم ضمنت في التركة ولا أجرة وإلا ضمنوها مع الأجرة ومؤنة الرد في هذه عليهم وفيما قبلها على التركة فإن لم تكن لم يلزمهم سوى التخلية وكالورثة في ذلك وليه أي المستعير لو جن أو حجر عليه بسفه ا هـ . ( قوله مع مؤنة الرد ) أي دون الأجرة نهاية أي للعين المعارة في مدة التأخير ع ش . ( قوله [ ص: 427 ] ضمنها الوارث إلخ ) أي في ماله كما هو ظاهر أ هـ رشيدي . ( قوله ضمنهما الوارث إلخ ) لعل محله إذا وضع يده عليها ولا توقف عليه وصولها إلى مستحقها ، ووجهه أنه خليفة المورث فيلزمه سم على حج وأفهم قوله ولا توقف إلخ أنه لو توقف ردها على وضع يده عليها فأخذها ليردها على مالكها فتلفت لم يضمنها كما لو تلفت قبل وضع اليد عليها وهو ظاهر ا هـ ع ش أقول ما نقله عن سم وما زاده عليه كل منهما محل تأمل فإن موضوع المسألة تأخير الوارث رد العارية مع تمكنه عليه وهذا التأخير موجب للضمان سواء وضع يده عليها أم لا وتوقف الرد على الوضع أم لا . ( قوله ومر إلخ ) أي في شرح ومؤنة الرد على المستعير قول المتن ( إلا إذا أعار إلخ ) عبارة النهاية والمراد بجواز العارية جوازها أصالة وإلا فقد يعرض لها اللزوم من الجانبين أو أحدهما كما أشار إليه بقوله إلا إذا أعار إلخ ا هـ . ( قوله ودفن ) إلى قول المتن وإذا أعار في النهاية إلا قوله خلافا للأنوار وقوله وإلا إذا أعاره دابة إلى وإذا أعار ثوبا وقوله أما إذا إلى نعم وقوله في الجملة ، وكذا في المغني إلا قوله ويؤخذ منه إلى وإذا أعار كفنا وقوله ويظهر إلى قوله وإلا إذا أعار ثوبا وقوله إلا إذا أعاره جذعا إلى ، وكذا .

                                                                                                                              ( قوله ودفن فيه محترم ) عبارة المغني لميت محترم وفعله المستعير ا هـ . ( قوله محترم ) وهو كل من وجب دفنه فيدخل فيه الزاني المحصن وتارك الصلاة والذمي ا هـ ع ش قول المتن ( فلا يرجع ) أي المعير في موضعه الذي دفن فيه ويمتنع على المستعير ردها فهي لازمة من جهتهما ا هـ مغني قول المتن ( حتى يندرس ) قضيته امتناع الرجوع مطلقا فيمن لا يندرس كالنبي والشهيد م ر ا هـ سم ويعلم الاندراس بمضي مدة يغلب على الظن اندراسه فيها ع ش .

                                                                                                                              ( قوله بأن يكون أذن إلخ ) تصوير لصورة الرجوع ا هـ ع ش . ( قوله فالعارية ) أي المطلقة ( انتهت ) أي بدفن ميت . ( قوله وذلك لأنه إلخ ) تعليل للمتن . ( قوله ولا يرد عليه ) أي على المصنف . ( قوله عجب الذنب ) بفتح المهملة وسكون الجيم بعدها موحدة ويقال له عجم أيضا بالميم عوضا عن الباء وهو عظم لطيف في أصل الصلب وهو رأس العصعص وهو مكان رأس الذنب من ذوات الأربع وفي الحديث إنه مثل حبة الخردل وكل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب ا هـ بجيرمي .

                                                                                                                              ( قوله فإنه ، وإن لم يندرس إلخ ) الأخصر الأوضح فإنه لا يندرس لأن الكلام إلخ . ( قوله في الأجزاء التي تحس إلخ ) قضيته أن كل ما لا يحس من الأجزاء كعجب الذنب سم على حج ا هـ ع ش . ( قوله بأن العرف غير قاض به ) عبارة النهاية وحكم الورثة حكم مورثهم في عدم الرجوع ولا أجرة لذلك محافظة على حرمة الميت ولقضاء العرف بعدم الأجرة والميت لا مال له ا هـ . ( قوله منه ) أي من القبر المعار . ( قوله نحو سبع ) كالسيل . ( قوله ولم يوجد إلخ ) ظاهره أنه مع وجود ما ذكر لا يعاد إليه ، وإن احتاج إلى حفر أطول زمنا من إعادته ا هـ سم أي خلافا لظاهر النهاية والمغني حيث قالا واللفظ للثاني أن السيل إن حمله إلى موضع مباح يمكن دفنه فيه من غير تأخير مع إعادته أ هـ قال ع ش قوله م ر من غير تأخير أي عن مدة إرجاعه للأول بأن كان مساويا أو أقرب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وللمالك سقي ) عبارة النهاية وللمعير سقي شجرة المقبرة إن أمن ظهور شيء من الميت وضرره ا هـ أي ، وإن حدثت .

                                                                                                                              [ ص: 428 ] الشجرة بعد الدفن لجواز تصرفه في ظاهر الأرض بما لا يضر الميت ع ش . ( قوله بما في الشرح الصغير ) قال شيخنا الشهاب الرملي إن المعتمد ما في الشرح الصغير ا هـ سم ، وكذا اعتمده النهاية والمغني . ( قوله بمجرد وضعه في القبر ) بل يتجه امتناع الرجوع وبمجرد إدلائه وإن لم يصل إلى أرض القبر لأن في عوده من هواء القبر بعد إدلائه إزراء به سم على حج وقوله بمجرد إدلائه أي أو إدلاء بعضه يظهر بقي ما لو وضع في القبر بالفعل ، ثم أخرج منه لغرض ما كتوسعة القبر أو إصلاح كفنه مثلا فهل له الرجوع أم لا فيه نظر والأقرب أن يأتي فيه ما قيل فيما لو ظهر سيل أو سبع ا هـ ع ش . ( قوله لولي الميت ) أي وارثه ا هـ ع ش . ( قوله لإمكان الزرع بلا حرث ) ويؤخذ منه أنه لو أعاره لغراس أو بناء من لازمه التكريب أي الحارث ورجع بعده غرم له أجرة الحفر وهو كذلك ا هـ نهاية . ( قوله في الجملة ) قضية هذا القيد أنه لا يلزم مؤنة الحارث ، وإن لم يمكن الزرع بدون الحارث في خصوص تلك الأرض المعارة لنحو عارض بها لكن هذا الجواب لشيخ الإسلام في شرح الروض بدون تقييد بهذا القيد وقضيته لزوم المؤنة في هذه الصورة المفروضة فليتأمل ا هـ سم أقول اللزوم في هذه الصورة قياس ما مر آنفا عن النهاية في الغراس والبناء . ( قوله لأنه لا غرر فيه إلخ ) قد يمنع بأن مجرد الإذن غرر ا هـ سم . ( قوله وإن من إلخ ) عطف على قوله إنها إلخ . ( قوله يلزمه مؤنة الحفر إلخ ) والمراد بالمؤنة ما يقابل الحفر عادة لا ما صرفه المستعير على الحفر ا هـ ع ش وفي النهاية هنا زيادة بسط وتفصيل راجعه .

                                                                                                                              ( قوله ولا يرجع فيه إلخ ) وينبغي امتناع الرجوع بوضع الميت عليه ، وإن لم يلف عليه لأن في أخذه بعد الوضع عليه إزراء بالميت ويتجه عدم الفرق في الامتناع بين الثوب الواحد والثلاث بل والخمس بخلاف ما زاد م ر سم على حج وقوله م ر ، وإن لم يلف إلخ أي بخلاف هويه عليه من غير وضع فلا يمتنع الرجوع ا هـ ع ش ، وقد يقال إن فيه إزراء بالميت نظير ما مر في الرجوع بعد الإدلاء . ( قوله وخرجت ) أي الدار أي منفعتها شهرا . ( قوله لو نذر المعير مدة ) أي أن يعيره مدة معلومة كسنة . ( قوله وإلا إذا رجع معير سفينة ) أي فيلزمه الصبر إلى أقرب مأمن ، ولو مبدأ السير حتى يجوز له الرجوع إليه إن كان أقرب م ر ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله وبحث ابن الرفعة أن له الأجرة في هذه إلخ ) يوافقه ما تقدم في الرجوع في أثناء الطريق وظاهر م ر العبارات المذكورة في هذا المقام أنه حيث قيل بوجوب الأجرة لا يتوقف وجوبها على عقد بل حيث رجع وجب له أجرة كل مدة مضت ولا يبعد م ر أنه حيث وجبت الأجرة صارت العين أمانة لأنها ، وإن كانت عارية صار لها حكم المستأجرة سم على حج ( فائدة ) كل مسألة امتنع على المعير الرجوع فيها تجب له الأجرة إذا رجع إلا في ثلاث مسائل إذا أعار أرضا للدفن فيها ومثلها إعارة الثوب للتكفين فيه وإذا أعار الثوب لصلاة الفرض ومثلها إذا أعار سيفا للقتال كما يفيد ذلك كلام سم على منهج ونقل اعتماد م ر فيه ا هـ ع ش ولا يخفى أن تفصيل المستثناة ليس مطابقا لإجمالها . ( قوله وبحث ابن الرفعة إلخ ) اعتمده النهاية .

                                                                                                                              [ ص: 429 ] والمغني . ( قوله أن له الأجرة ) أي يستحق الأجرة من حين الرجوع مغني ونهاية أي في السفينة فقط ع ش عبارة الحلبي أي من حين الرجوع بالقول إلى أن تصل إلى الشط ا هـ . ( قوله دابة أو سلاحا ) أو نحو ذلك ا هـ مغني . ( قوله ويظهر أن يأتي ) مر آنفا عن ع ش خلافه . ( قوله وإلا إذا أعار ثوبا للستر إلخ ) لم يطرد هنا بحث ابن الرفعة ويوجه بقصر الزمن عادة م ر ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله لكن يرد ذلك إلخ ) فيه نظر لجواز حمل قول المجموع المذكور على ما إذا لم يصرح بأن الإعارة لصلاة الفرض بأن أطلقها أو قيدها بكونها للصلاة بدون تقييد بالفرض بخلاف ما إذا صرح بما ذكر فيمتنع الرجوع ولا أجرة وعلى هذا الحمل مشى شيخنا الشهاب الرملي ا هـ سم عبارة النهاية والمغني واللفظ للثاني والأولى كما قال شيخي أنه إن استعاره ليصلي فيه الفرض فهي لازمة من جهتهما أو لمطلق الصلاة فهي لازمة من جهة المستعير فقط إن أحرم فيها بفرض وجائزة من جهتهما إن أحرم بنفل ويحمل ما ذكر على هذا التفصيل ا هـ . ( قوله وقياسه ) أي الستر ( ذلك ) أي النزع وما عطف عليه . ( قوله وإلا إذا أعار دار السكنى معتدة إلخ ) ، وكذا لو استعار سترة يستتر بها في الخلوة فهي لازمة من جهة المستعير فقط نهاية ومغني قال الرشيدي قوله م ر في الخلوة أي ومثلها غيرها بالأولى ا هـ . ( قوله كالتي قبلها ) انظر ما معنى وجوب الأجرة فيها مع جواز الرجوع للمعير إلا أن يقال جواز رجوعه بمعنى وجوب الأجرة فليراجع ا هـ سم . ( قوله : وكذا لو أعار ما يدفع إلخ ) وقياس ما مر ثبوت الأجرة أيضا ا هـ شرح م ر ا هـ سم أقول ويفيده أيضا قول الشارح ، وكذا لو عار إلخ ، وكذا لا يرجع مع استحقاق الأجرة لو أعار إلخ . ( قوله ما يدفع به إلخ ) كآلة لسقي محترم نهاية وسلاح ونحوه كما هو مبين في كتاب الصيال مغني . ( قوله نحو [ ص: 430 ] برد ) كالحر . ( قوله غريقا ) أو حريقا ويقاس بذلك ما في معناه ا هـ مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية