الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : لا يكره لبس السراويل : ولا بأس في لبس السراويل سترة أتم من التأزير فالبسه واقتد ( ولا بأس ) أي لا حرج ولا كراهة ( في لبس السراويل ) جمع سراويلات أو جمع سروال وسروالة أو سرويل بكسرهن .

قال في القاموس : لغة فارسية معرب ، وقد يذكر قال : وليس في الكلام فعويل .

قال : والسراوين بالنون لغة ، والشروال بالشين لغة .

وفي المطلع قال سيبويه : وأما سراويل فشيء واحد وهو أعجمي عرب إلا أنه أشبه من كلامهم ما لا ينصرف في معرفة ولا نكرة .

وحكى الجوهري فيه التذكير والتأنيث وزعم بعضهم أنه ذو وجهين الصرف وتركه .

والصحيح أنه غير مصروف وجها واحدا انتهى .

وقول الناظم ( سترة ) يحتمل النصب على أنه مفعول لأجله أو لفعل محذوف ، ويحتمل الرفع خبرا لمبتدأ محذوف أي هي سترة ( أتم ) في الستر وأكمل فيه ( من التأزير ) أي التغطية .

يقال ائتزر به وتأزر تأزيرا ، ولا تقل اتزر .

وقد جاء في بعض الأحاديث ولعله من تحريف الرواة قاله في القاموس .

قال في الفروع : وتسن السراويل .

وفي التلخيص : لا بأس .

قال الإمام أحمد رضي الله عنه : السراويل أستر من الإزار ، ولباس القوم كان الإزار ، فدل على أنه لا يجمع بينهما ، وهو أظهر خلافا للرعاية .

وقال شيخ الإسلام : الأفضل مع القميص السراويل من غير حاجته إلى الإزار .

وروى الإمام أحمد بسند جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال { خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار فذكر الخبر ، وفيه : فقلنا يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون ، فقال تسرولوا [ ص: 240 ] وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب } قال في الفروع : حديث حسن . وقول ابن حزم وابن الجوزي ضعيف بمرة فيه نظر .

وفي الآداب الكبرى : سئل الإمام أحمد رضي الله عنه عن لبسه يعني السراويل ، فقال : هو أستر من الأزر ولباس القوم كان الأزر .

قال الناظم : فتعارض فيه دليلان انتهى كلام الناظم .

وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب بعرفات من لم يجد إزارا فليلبس سراويل للمحرم } وبهذا استدل الإمام أحمد على أنها كانت معروفة عندهم .

قال : وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى جيشه بأذربيجان إذا قدمتم من غزاتكم إن شاء الله فألقوا السراويلات والأقبية والبسوا الأزر والأردية .

قال الناظم : فدل على كراهيته لها ، وأنها غير زيهم .

وجزم في الإقناع وغيره بسنية لبس السراويل وهو المذهب بلا ريب ، والله أعلم .

مطلب : أول من لبس السراويل .

( تنبيهات ) :

( الأول ) : : أول من لبس السراويل إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، كان كثير الحياء حتى كان يستحيي من أن ترى الأرض مذاكيره ، فاشتكى إلى الله - تعالى ، فهبط عليه جبريل عليه السلام بخرقة من الجنة ، ففصلها جبريل سراويل ، وقال : ادفعها إلى سارة تخيطه ، وكان اسمها يسارة فلما خاطته ولبسه إبراهيم فقال : ما أحسن هذا وأستره يا جبريل فإنه نعم الستر للمؤمن فكان إبراهيم عليه السلام أول من لبس السراويل ، وأول من فصله جبريل ، وأول من خاطه سارة بعد إدريس عليه السلام .

ذكره في الأنس الجليل عن ابن عباس رضي الله عنهما .

ومراده بقوله بعد إدريس يعني بعد إدريس في مجرد الخياطة ، فإنه أول من خاط .

وأما كون إدريس خاط السراويل فينافي أوليته عن إبراهيم ; ولهذا عبر في الأوائل ، فكانت سارة أول من خاطت من النساء فصار الغزل أفضل الحرف للنساء ، والخياطة للرجال ، كما ورد في الخبر النبوي .

[ ص: 241 ] وقال في الأوائل قال إبراهيم عليه السلام إذا مت فاغسلوني من تحته .

وقال أيضا : أول من فصل وخاط من النساء سارة عليها السلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية