الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
قال المصنف رحمه الله تعالى ( nindex.php?page=treesubj&link=4055ويدخل وقتها إذا مضى بعد دخول وقت صلاة الأضحى قدر ركعتين وخطبتين ، فإن ذبح قبل ذلك لم يجزه ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=48البراء رضي الله عنه قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=18514خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال : من صلى صلاتنا هذه ونسك نسكنا فقد أصاب سنتنا ، ومن نسك قبل صلاتنا فتلك شاة لحم فليذبح مكانها } واختلف أصحابنا في مقدار الصلاة ، فمنهم من اعتبر قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ركعتان يقرأ فيهما ( ق ، واقتربت ) وقدر خطبتيه ، ومنهم من اعتبر قدر ركعتين خفيفتين وخطبتين خفيفتين ، ويبقى وقتها إلى آخر أيام التشريق ، لما روى nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=28735كل أيام التشريق ذبح } فإن لم يضح حتى مضت أيام التشريق - نظرت فإن كان ما يضحى به تطوعا - لم يضح لأنه ليس وقتا لسنة الأضحية ، وإن كان نذرا لزمه أن يضحي لأنه قد وجب عليه فلم يسقط بفوات الوقت ) .
( الشرح ) حديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم إلا قوله { nindex.php?page=hadith&LINKID=36365فليذبح مكانها } وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم فرواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طرق ، قال : وهو مرسل ، لأنه من رواية سليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام عن جبير ، ولم يدركه ، ورواه من طرق ضعيفة متصلا .
( أما الأحكام ) فقال أصحابنا : يدخل وقت التضحية إذا طلعت الشمس يوم النحر ، ومضى بعد طلوعها قدر ركعتين وخطبتين خفيفتين . هذا هو المذهب ، وفيه وجه آخر ذكره المصنف والأصحاب أنه يعتبر بعد طلوع الشمس قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطبتيه " وقرأ صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة ( ق ) وفي الثانية اقتربت ، وخطب خطبة متوسطة " .
[ ص: 358 ] وفيه وجه ثالث ذكره الخراسانيون ، وبه قال المراوزة منهم أن الوجهين السابقين إنما هما في طول الصلاة ، وأما الخطبة فمخففة وجها واحدا لأن السنة تخفيفها . قال إمام الحرمين : وما أرى من يعتبر ركعتين خفيفتين يكتفي بأقل ما يجزئ . وظاهر كلام صاحب الشامل وغيره خلافه ، وأنه يكتفي بأقل ما يجزئ وفيه وجه رابع حكاه الرافعي أنه يكفي مضي ما يسع ركعتين بعد خروج وقت الكراهة ولا يعتبر الخطبتان ، والله أعلم .
وأما آخر وقتها فاتفقت نصوص nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي والأصحاب على أنه يخرج وقتها بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق ، واتفقوا على أنه يجوز ذبحها في هذا الزمان ليلا ونهارا ، لكن يكره عندنا الذبح ليلا في غير الأضحية ، وفي الأضحية أشد كراهة . واحتج nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي والأصحاب للكراهة بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده عن علي بن الحسين رضي الله عنهما أنه قال لقيم له جذ نخله بالليل ألم تعلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=1769أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جذاذ الليل وصرام الليل ، أو قال حصاد الليل } هذا مرسل . وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري قال " نهى عن جذاذ الليل وحصاد الليل والأضحى بالليل ، قال : وإنما كان ذلك من شدة حال الناس فنهى عنه ، ثم رخص فيه " هذا أيضا مرسل أو موقوف ، والله أعلم .
قال أصحابنا : فإن ضحى قبل الوقت لم تصح التضحية بلا خلاف ، بل تكون شاة لحم ، فأما إذا لم يضح حتى فات الوقت - فإن كان تطوعا - لم يضح ، بل قد فاتت التضحية هذه السنة ، فإن ضحى في السنة الثانية في الوقت وقع عن السنة الثانية لا عن الأولى ، وإن كان منذورا ألزمه أن يضحي لما ذكره المصنف ، والله أعلم . ولو nindex.php?page=treesubj&link=4055_4074_4180_4192قال : جعلت هذه الشاة ضحية فوقتها وقت المتطوع بها ولا يحل تأخيرها فإن أخرها أثم ولزمه ذبحها كما سبق . ولو قال : لله علي أن [ ص: 359 ] أضحي بشاة قبل تتوقت كذلك ؟ فيه وجهان ( أحدهما ) لا لأنها في الذمة كدماء الجبران ( وأصحهما ) نعم لأنه التزم ضحية في الذمة والضحية مؤقتة . قال الرافعي : وهذا الوجه يوافق نقل الروياني عن الأصحاب أنه لا يجوز التضحية بعد أيام التشريق إلا في صورة واحدة ، وهي إذا أوجبها في أيام التشريق أو قبلها ولم يذبحها حتى فات ، فإنه يذبحها قضاء ( فإن قلنا ) لا تتوقف فالتزم بالنذر ضحية ثم عين واحدة عن نذره وقلنا : إنها تتعين فهل تتوقت التضحية بها ؟ فيه وجهان ( أصحهما ) لا ، والله أعلم .
( فرع ) قال الدارمي : لو وقفوا بعرفات في اليوم العاشر غلطا حسبت أيام التشريق على الحقيقة لا على حساب وقوفهم ، وإن وقفوا في الثامن وذبح يوم التاسع ثم بان ذلك لم يجب إعادة التضحية ، لأن الواجب يجوز تقديمه على يوم النحر ، والتطوع تبع للحج ، فإن علم ذلك قبل انقضاء التشريق فأعاده كان حسنا .
( فرع ) في nindex.php?page=treesubj&link=4055مذاهب العلماء في وقت الأضحية . مذهبنا أنه يدخل وقتها إذا طلعت الشمس يوم النحر ثم مضى قدر صلاة العيد وخطبتين كما سبق ، فإذا ذبح بعد هذا الوقت أجزأه ، سواء صلى الإمام أم لا ، وسواء صلى المضحي أم لا ، وسواء كان من أهل الأمصار أو من أهل القرى أو البوادي أو المسافرين ، وسواء ذبح الإمام ضحيته أم لا . هذا مذهبنا وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15858داود nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وغيرهما . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : يدخل وقتها في حق أهل الأمصار إذا صلى الإمام وخطب ، فمن ذبح قبل ذلك لم يجزه ، قال : وأما أهل القرى والبوادي فوقتها في حقهم إذا طلع الفجر الثاني . وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك : لا يجوز ذبحها إلا بعد صلاة الإمام وخطبتيه وذبحه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا يجوز قبل صلاة الإمام ويجوز بعدها قبل ذبح الإمام ، وسواء عنده أهل القرى والأمصار ، ونحوه عن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري والأوزاعي وإسحاق بن راهويه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : يجوز [ ص: 360 ] ذبحها بعد صلاة الإمام قبل خطبته ، وفي حال خطبته . قال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : وأجمعوا على أنها لا يصح ذبحها قبل طلوع الفجر يوم النحر . واحتج القائلون باشتراط صلاة الإمام بحديث nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب رضي الله عنهما قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=18515خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم نحر فقال : إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر ، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ، ومن ذبح قبل أن نصلي فإنما هو لحم عجله لأهل بيته ، ليس من النسك في شيء } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم وفي روايات { قبل الصلاة } وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=31583لا يذبحن أحد قبل أن يصلي } وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=18517خطب فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد ذبحا } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . وعن جندب بن عبد الله بن شقيق قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=20598شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال إن ناسا ذبحوا قبل الصلاة ، فقال : من ذبح منكم قبل الصلاة فليعد ذبيحته } رواه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . واحتج أصحابنا بهذه الأحاديث المذكورة ، قالوا : والمراد بها التقدير بالزمان لا بفعل الصلاة ، لأن التقدير بالزمان أشبه بمواقيت الصلاة وغيرها ، ولأنه أضبط للناس في الأمصار والقرى والبوادي قال أصحابنا : وهذا هو المراد بالأحاديث ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة عيد الأضحى عقب طلوع الشمس . والله أعلم .
( فرع ) أيام نحر الأضحية يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة ، هذا مذهبنا وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=67وجبير بن مطعم nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود الظاهري . وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : يختص بيوم النحر ويومين بعده ، وروي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس رضي الله عنهم وقال nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : يجوز لأهل الأمصار [ ص: 361 ] يوم النحر خاصة ، ولأهل السواد في أيام التشريق . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين : لا تجوز التضحية إلا في يوم النحر خاصة .
واحتج nindex.php?page=showalam&ids=0016867لمالك وموافقيه بأن التقدير لا يثبت إلا بنص أو اتفاق ، ولم يقع الاتفاق إلا على يومين بعد النحر . واحتج أصحابنا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم ، وقد سبق أن الأصح أنه موقوف . وأما الحديث الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { nindex.php?page=hadith&LINKID=8924أيام التشريق كلها ذبح } فضعيف مداره على معاوية بن يحيى الصدفي . وأما الجواب عن قولهم : إن الاتفاق وقع على يومين فليس كما قالوا ، بل قد حكينا عن جماعة اختصاصه بيوم . وقد روى أبو داود في المراسيل nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار التابعين أنه بلغهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=14538الضحايا إلى آخر الشهر لمن أراد أن يستأني ذلك } وفي رواية { nindex.php?page=hadith&LINKID=10788إلى هلال المحرم } وروى nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي بإسناده عن nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال " كان المسلمون يشتري أحدهم الأضحية فيسمنها فيذبحها بعد الأضحى آخر ذي الحجة " قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : الأول مرسل لا يحتج به ، والثاني حكاية عمن لم يسم ، قال : وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=11817أبو إسحاق المروزي في الشرح : روي في بعض الأخبار " الأضحية إلى رأس المحرم " فإن صح ذلك فالأمر يتسع فيه إلى غرة المحرم ، وإن لم يصح فالخبر الصحيح " أيام منى أيام نحر " وعلى هذا بنى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . هذا كلام المروزي . قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : في كليهما نظر هذا لإرساله ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=67جبير بن مطعم لاختلاف الرواة فيه كما سبق ، قال : وحديث جبير أولى أن يقال به ، والله أعلم .
( فرع ) مذهبنا جواز nindex.php?page=treesubj&link=4058الذبح ليلا ونهارا في هذه الأيام جائز لكن يكره ليلا وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور والجمهور ، وهو الأصح [ ص: 362 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك لا يجزئه الذبح ليلا ، بل يكون شاة لحم ، وهي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، والله أعلم .
( فرع ) nindex.php?page=treesubj&link=4060إذا فاتت أيام التضحية ولم يضح التضحية المنذورة لزمه ذبحها قضاء هذا مذهبنا وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=0016867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا تقضى بل تفوت وتسقط .